الشريط الاخباري

فوائد الصيام الصحية والنفسية والتنموية "الجزء الأول"

نشر بتاريخ: 18-06-2016 | أفكار , ثقافة وفنون
News Main Image

بقلم/ د. أكرم عثمان مستشار وخبير دولي في التنمية البشرية عضو هيئة تأسيسية ومجلس إدارة جمعية المدربين الفلسطينيين عضو المجلس التنفيذي في اتحاد المدربين العرب

مما لا شك فيه إن من أعظم الفوائد التي يجنيها المرء المسلم في شهر الصيام التقرب من الله عز وجل والتقوى والسمو الإيماني وتضاعف الأجر الجزيل ،،،، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- قال: «كلُّ عملِ ابنِ آدمَ يضاعَفُ : الحسنةُ عشر أمثالها إلى سبعمائةِ ضِعْف ، قال الله عزَّ وجلَّ : إلا الصوم ، فإنه لي ، وأنا أجزي به ، يَدَع شهوتَهُ وطعامَه من أجْلي ، للصائم فرحتان ، فرحة عند فِطْره ، وفرحة عند لقاءِ ربِّه ، ولَخُلُوفُ فيه أطيب عند الله من ريح المسكِ ». (أخرجه البخاري ومسلم )

لذا هنالك الكثير من المكاسب والخصال في تنمية الشخصية من خلال الأبعاد الصحية والنفسية والاجتماعية والشخصية في صيام رمضان ،،،، حيث أن الصوم موسم يضاعف فيه الخيرات والفضائل ، والعطايا الإلهية العظيمة، واكتساب القيم والمثل العليا ،،، وبناء الذات الايجابية ،،، يقول النبي ﷺ: (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين).( رواه الشيخان )

لا شك أن الصوم يفيد جسم الإنسان فائدة عظيمة، وقد أجمع الأطباء والمختصون في شؤون الصحة ، أن الصوم نوع من الحمية التي أثبتت فعاليتها في علاج كثير من الأمراض،،،، فالصوم يفني الفضلات المتعفنة من المعدة والأمعاء، ويخفف من مرض التهاب القولون المزمن، ويفيد في حالات الإصابة بقصور الكبد، ويريح الجهاز الهضمي، ويهدئ الجهاز العصبي، ويفيد في علاج أمراض القلب والمعدة وارتفاع ضغط الدم, وهو علاج لأمراض السمنة والبدانة، ويعمل كذلك على تجديد خلايا الجسم التالفة، ويصفي البدن من رواسب السموم التي تشتمل عليها الأغذية والأدوية وغير ذلك من الفوائد . يقول جل وعلا ( وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون ). (سورة : البقرة 184)

فهل اكتشف العلم الحديث السر في قوله تعالى ( وأن تصوموا خير لكم )!!! لم يعد يعتبر الصيام مجرد عملية إرادية يجوز للإنسان ممارستها أو الامتناع عنها. فلقد أثبتت الدراسات العلمية الحديثة والأبحاث الدقيقة على جسم الإنسان ووظائفه الفسيولوجية إن الصيام ظاهرة طبيعية يجب للجسم أن يمارسها حتى يتمكن من أداء وظائفه الحيوية بكفاءة، وإنه ضروري جداً لصحة الإنسان تماماً كالأكل والنوم فكما يعاني الإنسان بل يمرض إذا حرم من النوم أو الطعام لفترات طويلة، فإنه كذلك لابد أن يصاب بسوء فى جسمه لو امتنع عن الصيام.

والسبب في أهمية الصيام للجسم هو أنه يساعده على القيام بعملية الهدم التي يتخلص فيها من الخلايا القديمة وكذلك الزائدة عن حاجته. ونظام الصيام المتبع في الإسلام والذي يشتمل على الأقل على أربع عشرة ساعة من الجوع والعطش تم بضع ساعات إفطار هو النظام المثالي لتنشيط عملية الهدم والبناء، وهذا عكس ما كان يتصوره الناس من أن الصيام يؤدي إلى الهزال والضعف، بشرط أن يكون الصيام بمعدل معقول كما هو في الدين الإسلامي حيث يصوم المسلمون شهرا كاملاً في السنة ويسن لهم بعد ذلك صوم ثلاث أيام في كل شهر(سكيك ، عدلي . فوائد الصيام الصحية ). كما جاء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي ذر رضي الله عنه " من صام من كل شهر ثلاثة أيام فذاك صيام الدهر" (فيما رواه الإمام أحمد والنسائي)

أظهرت دراسة جديدة نشرت في المجلة الأمريكية لعلم التغذية السريري " أن الصوم المتقطع المشابه للصوم عند المسلمين مهم جداً لعلاج بعض الأمراض المزمنة مثل داء السكري وأمراض القلب والشرايين ".( دراسة في مجلة أمريكية)

والصوم له فوائده الصحية على البدن ، فإن كثيراً من الأمراض التي يعرض للإنسان إنما هي نتيجة الإسراف في الأكل ، ولهذا نجد الرسول ( e ) يقول : ((ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطن بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه ، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه )) . (سنن الترمذي)

وقد حث السلف الصالح استحباب الجوع وتقليل الطعام لما فيه من الفوائد العظيمة التي تعـود على الفرد ، وقد جعل الإمام الغزالي للجوع عشر فوائد 00 وذكر في الفائدة الثامنة أن في قلة الأكل صحة البدن ودفع الأمراض ، وعزى كثرة الأوجاع إلى الأكل المسرف عن الحاجة.

يؤدي إلى رفع النظام المناعي لدى الصائم وبالتالي يحقق الاستفادة القصوى من الصيام ،،،،،، على عكس الشخص المتشائم والذي يشعر بحاجته للأكل والشرب أو التدخين ، فهو يشعر أن ينقصه بعض السجائر أثناء النهار... أومن يشعر أن الصيام يمنعه من اللهو والعبث في حياته ،،، فإنه لا يستفيد من المساهمة في تقوية الجهاز المناعي لديه .

يقتل الفيروسات ويطرد السموم :- يقول العلماء إن الامتناع عن الطعام والشراب لفترات محددة يعطي فرصة للنظام المناعي لممارسة مهامه بشكل أقوى، ويخفف الأعباء عن أجهزة الجسد لأن الطعام الزائد يرهق الجسم، فإن خلايا جسدك تبدأ بطرد السموم المتراكمة طيلة العام، وسوف تشعر بطاقة عالية وقوة وراحة نفسية كبيرة ،،،، يحرض خلايا الجسد ويجعلها تعمل بكفاءة أعلى ، وبالتالي تزداد مقاومة الجسم للبكتريا والفيروسات وتتحسن كفاءة النظام المناعي، ولذلك ينصح الأطباء بالصيام من أجل معالجة بعض الأمراض المستعصية والتي فشل الطب في علاجها.

كما كشفت دراسة أعدها مختصون في مجال التغذية، ونشرتها الدورية البريطانية للتغذية ، والتي استهدفت مجموعة من الصائمين في شهر رمضان، عن أن تغيير مواقيت الوجبات، وخفض عددها إلى اثنتين برمضان، ساعد على زيادة استجابة الجسم لهرمون الإنسولين، وذلك بالنسبة للأفراد الذين يمتلكون عوامل الإصابة بداء السكري.( دراسة بريطانية )

يقلل احتمال حدوث الأورام السرطانية :- أظهرت دراسة أعدها باحثون بجامعة غرونوبل الفرنسية دور الصيام المتقطع في خفض معدل حدوث بعض الأورام الليمفاوية إلى الصفر تقريباً، بحسب تجارب أجريت على الثدييات. كما أظهرت دراسات أخرى أن الصوم المتقطع يرفع من معدل النجاة بين الأفراد، ممن يعانون من إصابات في نسيج الكبد، والتي تمتلك قابلية للتحول إلى أورام في المستقبل.

يقول العلماء إن الصوم المنتظم مع إتباع نظام غذائي طبيعي مع التقليل من أكل الملح والوجبات السريعة يمكن أن يجعل عمل الخلايا أكثر انتظاماً ويمنع تحولها إلى خلايا سرطانية، وبالتالي يكافح انتشار السرطان قبل حدوثه!( دراسة فرنسية )

وفي دراسة حديثة نشرت في مجلة علم النفس والغدد الصماء قام بها فريق من علماء جامعة كاليفورنيا حيث أثبتوا أن الصيام لفترات متقطعة يؤدي إلى وقف انقسام الخلايا السرطانية، وقد كانت فعالية الصيام أكبر من الحمية.( دراسة في علم النفس )

يبطئ زحف الشيخوخة :- ولا تقتصر فوائد الصوم على محاربة الأمراض المزمنة، بل تتعدى ذلك إلى إبطاء زحف الشيخوخة على خلايا الدماغ ، حيث أظهرت دراسات علمية دور الصوم المتقطع، في تأخير هرم الخلايا الدماغية ، ومساهمته في إبطاء نشوء مرض الزهايمر. هذه الدراسة أجراها المركز القومي لبحوث الشيخوخة في الولايات المتحدة الأمريكية، حول تأثير محتمل للصوم المتقطع، وبعض الحميات التي تنخفض فيها السعرات الحرارية إلى النصف تقريباً، وتبين دور الصوم في تأخير هرم الأنسجة الدماغية.( دراسة علم الشيخوخة )

فهو موسم لتهذيب النفوس والسمو بالأرواح ، يتعلم فيه الصائمون الترفع عن شهوة الطعام والشراب وشهوة الفرج ، حتى يسمو بنفسه في مراتب الأخلاق العالية والمبادئ الرفيعة .

التدريب على الإخلاص والتعود على المراقبة لله عز وجل، والابتعاد عن الرياء والسمعة ، فهو في صيامه لا يبتغي إلا وجه الله ، فالصوم ينمي في النفوس رعاية الأمانة والإخلاص في العمل.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه. (متفق عليه ). قال الحسن البصري - رحمه الله -: إنَّ العبد لا يَزال بخيرٍ ما كان له واعظٌ من نفسِه، وكانت المحاسبة من همَّته.

يقول رشيد رضا " الصيام موكول إلى نفس الصائم لا رقيب عليه فيه إلا الله ، وهذه المراقبة تكسب الإنسان الحياء من سبحانه أن يراه حيث نهاه ، وفي هذه المراقبة من كمال الإيمان بالله والاستغراق في تعظيمه وتقديسه ما يجلب الخوف منه عز وجل ، إن صاحب هذه المراقبة لا يسترسل في المعاصي ، إذ لا يطول غفلته عن الله تعالى ، وإذا نسي وألم بشيء منها يكون سريع التذكر قريب الفيء والرجوع للتوبة إلى الله سبحانه " إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون " (الحمد ، خباب مروان . مقاصد الصيام في شريعة الإسلام)

فالصيام يبعث على الاطمئنان والصبر والهدوء في نفس الصائم ، ووقاية وعلاج من القلق والاضطرابات النفسية ، كما يؤكد الطب الحديث بأن نقص المواد الدهنية إلى حد مقبول يخفض من نسبة الكوليسترول بالطعام وهذا يكون واضحاً على الصائمين أكثر من غيرهم .

قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}. (سورة : الزمر 10 )

روي : أنه قيل للأحنف بن قيس التميمي ، إنك شيخ ضعيف ، وأن الصيام يهدك ، فقال : إني أعده لشر يوم طويل ، وإن الصبر على طاعة الله ، أهون من الصبر على عذاب الله". (الجندي ، علي . قرة العين في رمضان والعيدين) قال الشاعر:-

الله يجزي الصائمين لأنهم من أجله سخروا بكل صعاب لا يدخل الريان إلا صائم أكرم بباب الصوم في الأبواب ووقاهم المولى بحر نهارهم ريح السموم وشر كل عذاب وسقوا رحيق السلسبيل مزاجه من زنجبيل فاق كل شراب هذا جزاء الصائمين لربهم سعدوا بخير كرامة وخباب

الصوم يعالج العادات السلوكية الخطأ ،،، كالسب والشتم والعصبية والغضب والتدخين الذي يضر بالصحة ، فقد ثبت علمياً أن التدخين من أهم مسببات الأمراض الخطيرة ، ويشكل خطراً على صحة المدخنين ومن حولهم ، كما يجسد عبئاً ثقيلاً على كاهل المجتمع صحياً واقتصادياً واجتماعياً ونفسياً .

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ : " الصِّيَامُ جُنَّةٌ ؛ فَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا ، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ ، فَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ : إِنِّي صَائِمٌ ، إِنِّي صَائِمٌ " ؛ (رواه مَالِك والشيخان ) ،،،،، وعَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ  قَالَ : " الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ ، فَمَنْ أصْبَحَ صَائِما فَلا يَجْهَلْ يَوْمَئِذٍ ؛ وَانِ امْرُؤ جَهِلَ عَلَيْهِ فَلا يَشْتِمْهُ وَلا يَسُبَّهُ ؛ وَلْيَقُلْ : إِنِّي صَائِمٌ " الحديث .( رواه النسائي )

شارك هذا الخبر!