الشريط الاخباري

من : "يا نقب كوني ارادة" الى "يا ابو هادي خليك هادي"

نشر بتاريخ: 22-07-2016 | أفكار
News Main Image

بقلم : حمدي فراج

رحل صلاح عبد ربه الذي عرف كيف يرد على اسحق رابين الذي افتتح سجن النقب وزج فيه بعشرة آلاف معتقل اداري لكي يكون مقبرة الانتفاضة الاولى ، حين ومضت في رأسه فكرة ان وضع كلمات اغنية قيمتها الفعلية ان يؤديها المعتقلون في وقت واحد ووقع واحد : يا نقب كوني ارادة / كوني مجدا وريادة / كوني سيفا ، كوني درسا من دروس الانتفاضة . فهزت اركان المعتقل وتجاوزته الى الى حدود الوطن .

هكذا كان صلاح عبد ربه ، يهتم بالاشياء الصغيرة وجزئياتها الدقيقة ، مثلما يهتم بالقضايا الكبيرة ، عندما يشعر بالعجز والمحاصرة ، لا يعرف اليأس اليه طريقا ، متسلحا بنظرية صلبة لا تعرف المهادنة او المساومة ، ومنذ البواكير وجد نفسه لاجئا ، فالتحق بحركة القوميين العرب ، ما قاده الى السجن المبكر ، وهناك انكب على الدرس والعلم الثوري وسرعان ما ذهب لتأسيس مركز شباب الدهيشة الاجتماعي وتنظيم المظاهرات والاعتصامات ضد قرارات التقليص التي انتهجتها الوكالة اواسط السبعينيات . ثم أسس فريق "عد" الرياضي بالتوأمة بين مخيمي عايدة والدهيشة ، واستطاع هذا التوأم ان يتبوأ مواقع متقدمة على الصعيدين الثقافي والرياضي ، وهي الحالة التي لم يستطع المخيمان فرادى الوصول اليها حتى يومنا هذا. ووضع صلاح شعارا غنائيا لهذا الاتحاد بعناون "شراعنا عدّنا ، واحنا له سفينة / نشامى هزوا الشبك ، خلي المينا يلاقينا / لو عكا بتخاف البحر ما كانت يوم مدينة " ، وكان بمجرد وصول الفريق الى ارض الملعب حتى تصدح جنباته بهذا الغناء العميق .

كان لديه بوصلة واحدة يحتفظ بها في تلابيب قلبه ، الذي انقلب عليه مؤخرا وانفجر . "عودة اللاجئين" . فسارع بعد اوسلو الى عقد مؤتمرات اللاجئين في مخيمات المحافظات المختلفة بما في ذلك مخيمه الذي احبه كما لو كان وطنا مؤقتا .

في المؤشر الثاني من البوصلة ، كان يعرف ان مادة الثورة والعودة والنصر ، هم الفقراء ، ولهذا انتمى اليهم قولا وفعلا ، ولهذا يرحل اليوم فقيرا "كما خلقتني يارب" ، لم يغتن ، لم يتكسب ، لم يتملق ، لم ينحن ، وحذّر من ان تقويض حق اللاجئين سيمهره لاجيء ابن لاجيء ، بل ومن غير المستبعد ان يكون من سكان المخيم ، أي مخيم . فانفجر الشريان الثاني .

عشية رحيله ، حضر ابراهيم ابو لبن ، شاب في مقتبله ، الى خيمة التضامن مع الاسير بلال الكايد ، ومعه عوده ، وغنى لنا اغنية "

يا ابو هادي خليك هادي وخلي الافندية تعيش / خليك عادي اوعى تعادي ، خلي الكيف على الكورنيش / عربك ما بدهم كرامة ، ولا بدهم هامة وقامة ، بدهم منك هـ العمامة ، وتحت العمامة درويش " ، وعندما استفسرت منه عن كاتب كلماتها قال : صلاح عبد ربه .

لا احد يستطيع تخيل مخيم الدهيشة بدون صلاح عبد ربه ، و الان اصبحت في ذمتنا ، نحن الاحياء ، " الموتى بلا قبور ، و الاحياء الذين يحفرون قبورهم بأيديهم وهم لا يدرون ، قبور الثورة بلا ثقافة والثقافة بلا بثورة" . و عزاؤنا ، انك اينما يممت وجهك رأيناك في وجوهنا .

شارك هذا الخبر!