الشريط الاخباري

قرار وقف إجراء انتخابات الهيئات المحلية: بين مؤيد ومعارض بقلم: المحامي جورج أنطون سلمان

نشر بتاريخ: 09-09-2016 | أفكار
News Main Image
جدل قانوني وحراك شعبي واجتهادات متباينة ومتشعبة نعيشها هذه الأيام في الشارع الفلسطيني عقب صدور القرار المؤقت عن محكمة العدل العليا الفلسطينية في رام اللهبتاريخ 8/9/2016 في دعوى العدل العليا رقم 220/2016 والقاضي بوقف انتخابات الهيئات المحلية المحدد إجرائها بتاريخ 8/10/2016. فالقرار المؤقت صدر بالطعن المقدم من بعض ممثلي قوائم من قطاع غزة والتي تقرر عدم قبولها من قبل لجنة الانتخابات المركزية بنتيجة الاعتراض عليها. فكان الخيار أمامهم التوجه لمحكمة العدل العليا في رام الله للطعن في قرار الحكومة بإعلان الانتخابات الصادر بتاريخ 21/6/2016 والذي حدد في مضمونه موعد إجراء انتخابات الهيئات المحلية بتاريخ 8/10/2016 والتي دخلت حيز التنفيذ والإجراء. بداية لابد من الإشارة والتوضيح بأن قرار محكمة العدل العليا الفلسطينية المذكور قد صدر عن المحكمة بموجب الصلاحيات الممنوحة لها كمحكمة طعون وإلغاء بموجب أحكام القانون وتحديدا المادة 286 من قانون أصول المحاكمات المدنية الساري الذي منحها صلاحية إصدار القرارات المؤقتة وإصدار مذكرة للمستدعى ضده لبيان الأسباب الموجبة للقرار المطعون فيه. ولعل مجمل الطعن ومضمونه انصب على سببين هما: الأول: عدم وجود سلطة شرعية في قطاع غزة، خاصة في موضوع الأمن والشرطة والقضاء. حيث شكلت حماس ومنذ انقلابها على الشرعية الفلسطينية بتاريخ 14/6/2007 جسما خارجا عن السلطة الشرعية وقامت بتشكيل أمنا لها وقضاء دون وجود غطاء شرعي وقانوني يسعفها و/أو يخولها ذلك، وهذه مسألة مشعبة وتحتاج لبحث معمق وطويل. الثاني: عدم شمول الانتخابات المحلية العاصمة القدس واستثنائها من ذلك.ولا بد من الإشارة هنا بأنه لم يسبق أن تم إعلان إجراء الانتخابات للهيئات المحلية في مدينة القدس وذلك لسببين أيضا : الأول وهو وجود الاحتلال الذي يحول دون إجراء الانتخابات،والثاني وهو سبب قانونيّ ينصب على عدم شمول قرار مجلس الوزراء إجراء الانتخابات في مدينة القدس.وللوقوف على قانونية ومدى جدية هذا السبب لا بد لنا من مراجعة القوانين ذات الصلة إذ أن مدينة القدس ينظمها قانون " أمانة العاصمة " وهو تشريع أردني صدر في عام 1964 وما زال ساري لغاية تاريخه، وان هذا القانون هو الذي يحدد آلية اختيار أعضاء أمانة العاصمة.وقد نصت المادة 69 من قانون انتخاب الهيئات المحلية رقم 10 لسنة 2005 "يجري اختيار أعضاءمجلس الأمانة وفقا لقانون أمانة العاصمة." فالقانون رقم (10) المذكور قد أخرج القدس من ولايته القانونية، وأصبحت بذلك القدس غير خاضعة لأحكامه واعترف صراحةً بعدم إجراء الانتخابات فيها، وهذا ما جرى في انتخابات الأعوام 2005 و2012. كما أن أمانة القدس ليست بهيئة محلية أسوة بباقي المدن لأن المشرع قد أفرد لها قانون خاص هو قانون أمانة القدس، وبالتالي من غير الجائز قانونا إجراء الانتخابات فيها،وما يؤكد ذلك عدم إعلان القدس كهيئة محلية في انتخابات العام 2005 والعام 2010 التي تم تأجيلها، والعام 2012 أيضا، وبالتالي فإن سبب عدم شمول القدس بالانتخابات لا يمكن التعويل عليه كسبب قانوني ودستوري وإداري يفضي لإلغاء الانتخابات. وحتى لا نرفع سقف التوقعات ولا نتشتت في التحليل وقراءة ما سيترتب على الطعن المقدم، لا بد لنا من الإشارة إلى أن الطعن أمام محكمة العدل العليا يجعل لها خيارات عدة وليست عديدة أي أنها وبموجب أحكام القانون لها أن ترفض الطعن أو تلغي القرار المطعون فيه أو أن تعدله عملا بأحكام المادة 291 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الساري مع ما سيترتب على ذلك من أثار قانونية، وبالتالي فإن سقف التوقعات بخصوص إجراء الانتخابات من عدمه محصور بثلاث حالات ألا وهي: الأولى: أن يتم رد الطعن والاستمرار في إجراء الانتخابات. وهنا نحتاج إلى إجابة من القضاء عن قانونية القضاء والأمن في قطاع غزة. الثانية: وهي الخيار الأصعب والأكثر تعقيدا بان يتم إلغاء الانتخابات في الضفة الغربية وقطاع غزة.ومما يعني بأننا سنكون أمام حكم قضائي لن يسمح لنا بإجراء الانتخابات في فلسطين لحين تصويب الحالة القانونية بالشكل الصحيح، والحالة المثلى هي تصويب الوضع وإعادة الوضع في قطاع غزة بإعادة السلطة التنفيذية والقضاء لجسمها الشرعي إلى ما كان عليه قبل الانقلاب عام 2007 حتى تسير العملية الانتخابية بالشكل السليم والقانوني. الثالثة أن لا يتم إجراء الانتخابات في قطاع غزة لاستحالة تنفيذها بعدم وجود جسم شرعي يؤمن حسن سيرها والاستمرار في إجرائها كما في الضفة الغربية. فواقع الحال الذي نعيشه يفرض على القضاء الفلسطيني وعملا بأحكام المادة (6) من قانون الانتخابات إجراء الانتخابات على مراحل وأينما أمكن ذلك كما جرى في العام 2012. وأخيرا كلنا أمل بنزاهة القضاء الفلسطيني ليقول كلمته القانونية لتصويب أوضاعنا الدستورية والإدارية بالشكل الذي يتفق وأحكام القانون والذي يجب أن يكون عليه، وحتى لا نقع في مستنقع المخالفات القانونية والطعون التي ستغطي آثارها كافة أرجاء الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

شارك هذا الخبر!