الشريط الاخباري

فرق بين نتالي ونتالي

نشر بتاريخ: 22-09-2016 | أفكار
News Main Image

بقلم/ د. خالد معالي

بين نتالي، ونتالي؛ قصة وحكاية شعب يرزخ تحت الاحتلال، وتتقاذفه الأمواج من كل حدب وصوب؛ فالأولى؛ نتالي رنتيسي يشجعها أو يسكت عنها الاحتلال، ولا تشكل له مصدر قلق أو خوف، تبحث عن الشهرة بتمثيل فلسطين المحتلة، في مسابقة جمال الأرض، بينما الثانية الأسيرة الطفلة نتالي شوخه؛ يخشاها الاحتلال ويخاف منها، وراح يسجنها ويحيطها بجنود مدججين بالأسلحة وأسلاك شائكة وكاميرات وكلاب متوحشة. نتالي الأولى لا يعترض عليها الاحتلال؛ بل يسهل لها السفر والتنقل؛ بينما نتالي الثانية - نتالي شوخه (15عاما) من قرية رمون قضاء رام الله- وبرغم صغر سنا يقيدها الاحتلال في قدميها وهي جريحة لا تلوي على شيء، ولا تقدر على الهروب من الجنود المدججين بمختلف أنواع الأسلحة حولها والمحيطين بها كإحاطة السوار للمعصم. لا يليق بشعب يرزح تحت الاحتلال، قدم مئات آلاف الشهداء والجرحى والمعذبين، وآلاف أخرى برسم الانتظار، وآلاف ما زالوا في الأسر؛ بينهم الطفلة الأسيرة نتالي، وبينهم شيوخ وأطفال ونساء، أن يشارك في المسابقة، حيث ستختلف نظرة الشعوب لكفاح ونضال الشعب الفلسطيني الذي فرض نفسه بالدم، ونال احترام العالم أجمع. أليس غريب عن سلوك شعبنا الفلسطيني ومنظومة القيمية ذات الأخلاق العالية والراقية؛ أن نرسل بناتنا لمسابقة جمال الأرض؛ حيث العروض الإجبارية وتعرية أجزاء معينة من الجسد؛ لإبراز مفاتن وجمال المرأة وعرض قوامها ورشاقتها أمام العالم أجمع؛ وأشياء أخرى لا نقدر على ذكرها؛ وكأننا عدنا لصور سوق النخاسة والعبيد قبل آلاف السنين، وعرض النساء وكأنهن سلعة للتجارة، مع أن الله أكرمهن بالستر والحجاب وصناعة وتربية الأجيال. هل التقليد الأعمى للغرب يعتبر تقدما وحضارة؟! وهل كلما تكشفت وتعرت المرأة المسلمة صارت أكثر تقدمية وإنسانة حضارية؟ّ! أليست القرود في الغابة عارية؟ وبذلك تكون أكثر حضارية وتقدما من الإنسان! إن اعتمدنا مقياس ومعاير التكشف والتعري. هل باتت مسابقة جمال أولى من التسابق نحو الحرية ورفع الظلم عن شعب بأكمله؟! في ظل هذه الهجمة الصهيونية الاغتصابية على الأرض في الضفة الغربية، وفي ظل المحاولات المحمومة لتهويد القدس المحتلة، وفي ظل الحصار الجائر على القطاع، ووجود أكثر من سبعة آلاف معتقل في سجون الاحتلال. لا يليق بنساء فلسطين الماجدات، واللواتي تقدَّمن مسيرة الجهاد وقدَّمن الشهيدات والاستشهاديات أمثال وفاء الإدريسي وفاطمة النجار وآيات الأخرس وغيرهن، فضلاً عن الأسيرات؛ وبينهن الأسيرة الجريحة نتالي؛ أن يشاركن بهكذا مسابقات. تعسا لشعب وأمة تدعي أنها أفضل الأمم وخير امة أخرجت للناس؛ ترسل بناتها لمسابقات هدفها تقليد الغرب بشكله السلبي، في الوقت الذي لا تستطيع إرسال أسيرات فلسطينيات للحرية وتخليصهن من الأسر، وتقف عاجزة، ولا تستطيع إخراج الطفلة الأسيرة نتالي من زنازين الاحتلال، وتخليصها من الأسر والعذاب، وتعسا لكل من زعم انه حر وشريف؛ دون أن يفكر أو يشارك في تخليصهن من قيود الأسر وقضبان السجن.

شارك هذا الخبر!