الشريط الاخباري

لم ولن ينسوا

نشر بتاريخ: 25-09-2016 | أفكار
News Main Image

بقلم د. مصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية

شدت أجوبة الأطفال انتباهي أثناء مشاركتنا يوم الجمعة الماضي في ماراثون مخصص للأطفال في مدينة رام الله تحت عنوان، "أين الطفولة ؟" ، والذي نظم بهدف جذب انتباه العالم الى معاناة الأطفال الفلسطينين والى الطفولة الضائعة بسبب عقود من سنوات الاحتلال والنكبة والاضطهاد العنصري.

الأجوبة جائت كالسيل ردا على سؤال واحد ، من أين أنتم ومن أين جئتم؟ . ولعل السائل كان يريد أن يعرف في أي حي أو قرية يعيش هؤلاء الأطفال الذين جائوا مع عائلاتهم للمشاركة في انتزاع لحظات سعادة ونشاط ، رغم الحصار المفروض على حرية حركتهم بالحواجز والتنكيل.

الأجوبة كانت دون تردد : من اللد، من يافا، من عمواس، ومن بيت نبالا.

لم ينسوا ، ولن ينسوا.

ونتنياهو يعرف ذلك . ولهذا كان جل خطابه في الأمم المتحدة مكرس للهجوم على إصرار الفلسطنيين على تذكر نكبتهم وتمسكهم بحقهم في العودة ، من خلال الادعاء أن الاستيطان ليس المشكلة وأن الفلسطنيين يرفضون الاعتراف بإسرائيل ، ويصرون على أن" تل ابيب مستوطنة" .

نفس الكلمات استعملها موشية يعلون في مقال له ظهر في نفس اليوم، رغم معرفة كليهما بأن منظمة التحرير التي يعترفون بها كممثل للفلسطينيين اعترفت في إتفاق اوسلو بإسرائيل ، في حين لم تعترف إسرائيل بدولة فلسطين . وذلك احد مآسي ذلك الاتفاق . وهو ما أشار له الرئيس الفلسطيني في خطابه أمام الأمم المتحدة .

لا يستطيع نتنياهو ان يقدم سببا للإستمرار بالاستيطان في الضفة الغربية سوى الادعاء بأن هذه ايضا أرض " إسرائيل" ، وانه يريد تكرار ما فعله بيافا وحيفا وعكا بمدن الضفة الغربية وقراها.

ولذك يتحدث يعالون عن عبثية محاولة الوصول لحل سياسي لإنهاء ما يسميه ( الصراع الفلسطيني – الأسرائيلي) ، ويطرح كبديل " نهج إدارة الصراع" . ويريد بكلماته " التركيز على بناء المجتمع الفلسطيني من أسفل الى أعلى من خلال الاقتصاد والبنية التحتية وانفاذ القانون والحكومة".

أي أن خطة نتنياهو ويعالون هي استكمال تهويد الضفة الغربية وضمها التدريجي لاسرائيل ، وحشر الفلسطينيين في معازل وبانتوستانات ، ثم كي وعيهم ليقبلوا ليس فقط بنسيان ما جرى عام 1948 وبالتالي التخلي عن حق العودة ، بل والقبول بسيطرة النظام الصهيوني الإسرائيلي على حياتهم وأفكارهم وثقافتهم.

وهما يقران بأنه في ظل النعيم الأمني الذي تحظى به اسرائيل بسبب أوضاع المنطقة ، فان المعضلة الوحيدة هي القضية الفلسطينية التي يريدون إما تصفيتها او إحتواءها.

نقطة الضعف الجوهرية في هذا المخطط الصهيوني انه أولا لا يقرأ التاريخ ،ولا يريد ثانيا أن يفهم مغزى ومعنى التمسك الاسطوري للشعب الفلسطيني بقضيته الوطنية، وإن وجد بعض المتراخين في الدفاع عنها.

وأصحاب هذا المخطط لن يستطيعوا ابدا أن يفهموا لماذا يبدو أبناء وبنات الجاليات الفلسطينية في المهاجر اليوم أكثر تمسكا بقضيتهم واندفاعا في الكفاح الوطني من جيل آبائهم، وهم طبعا لن يستطيعوا أن يفهموا ابدا لماذا يجيب طفل فلسطيني في رام الله عمره ست أو سبع سنوات على سؤال من أين أنت ، بالقول أنه من اللد التي لم يراها ولكنه لن ينساها ابدا.

لم ولن ينسوا ، هذه هي المعضلة التي لا يمكن لقوة عسكرية، أو احتلال مهيمن، أو سطوة مستعمر أن تتجاوزها.

شارك هذا الخبر!