الشريط الاخباري

معادلة كاسترو من وجهة الجبهة الاخرى 28-11-2016

نشر بتاريخ: 28-11-2016 | أفكار
News Main Image

بقلم/  حمدي فراج

لن نذهب في هذا المقال مذهب كيل المدائح للراحل الكبير فيدل كاسترو ، ولا لتعديد المناقب ، فهي اصبحت كالعادة ، وفق المأثور العربي "لا تجوز على الميت الا الرحمة" ، رغم ان البعض منا يرفض نشدها لكافر ملحد مثله ، لكن هذا المأثور الذي لم يبق شاردة او واردة ، قد تصدى لمثل هؤلاء بنطقه "الجنازة بترزع والميت كلب" ، حين يتعلق الامر بموت مسؤول عربي ، فتنكس الاعلام ويعلن الحداد اياما واسابيع ، وتتحول وسائل الاعلام مرئية ومسموعة تقرأ القرآن وتعيد نشر صوره وخطاباته الفجة الممجوجة . سنعرض لهذا الزعيم من وجهة الجبهة الاخرى ، التي تمثلت في وصفه على لسان سيد العالم الجديد دونالد ترامب بالديكتاتور الذي قمع شعبه على مدار عقود عمره الطويل ، وبعض مظاهرات الفرح برحيله في ميامي والتي نقلتها بالكثير من المبالغة والتكرار وسائل اعلام خليجية نافذة وركزت على ان شقيقته الامريكية ترفض المشاركة في جنازته ، وفي مستوى آخر تجاهلت وسائل اعلام الحركة الحاكمة في غزة – على سبيل المثال - نقل خبر موته ، رغم ان ناقل الكفر في العرف الديني ليس بكافر . لم تتمثل عظمة هذا الزعيم في انتصار ثورته قبل نحو ستين سنة ، ولكن في استمرارها طوال هذه المدة ، درء الحصار والعقوبات والتحديات واكثر مما يزيد على خمسائة محاولة اغتيال ، وهي معركة اشد وطأة وخطورة عن معركة الثورة والالتحام المباشر بين جيشها والجيش المعادي ، ولهذا ظل كاسترو يرتدي زيه العسكري ، في اشارة ان الثورة لم تنته ولم تنتصر بعد . على جبهة الاعداء ، قامت امريكا مؤخرا ، بإعادة العلاقات مع هذه الجزيرة الصغيرة بعد قطيعة دامت خمسين سنة ، شهدت نحو عشر رؤساء امريكيين ، آخرهم باراك اوباما الذي قام بزيارة هافانا ، وطلب مقابلة الزعيم ، لكن كاسترو واقطاب الحكم في كوبا ، رفضوا هذا الطلب . كان اوباما يدرك ، وهو على رأس تلك الجبهة المعادية ، انه راحل مع نهاية العام ، حتى لو نجحت خليفته هيلاري في الانتخابات ، وكان يدرك ايضا ان كاسترو راحل بدوره بعد ان تخطى عتبة التسعين . لكن كاسترو كان يدرك بفهمه الجدلي العلمي العميق ، بأن حسابات التاريخ ليست كحسابات البيت الابيض ، وان لقاء من هذا القبيل ، سيقارب بين الضدين ، بين الكبير و بين الصغير ، بين "الديكتاتوري" وبين "الديمقراطي" ، بين المحاصر – بفتح الصاد - وبين المحاصر – بكسرها - وبين الرحيلين ، الرحيل عن الدنيا والرحيل عن البيت الابيض ، لتظل هذه اللطخة علامة فارقة في جبين اوباما الذي لم يرحل عن الدنيا وبقي في "الجغرافيا"، من قبل كاسترو الذي رحل عنها ودخل التاريخ .

شارك هذا الخبر!