الشريط الاخباري

كيف نواجه التهديد بنقل السفارة الأميركية للقدس؟

نشر بتاريخ: 18-12-2016 | أفكار
News Main Image
بقلم: د. مصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية إذا أقدمت الأدارة الأميركية الجديدةعلى تنفيذ وعودها لإسرائيل بنقل سفارتها الى القدس فستكون قد شاركت إسرائيل في خرق القانون الدولي ومواثيق وقرارات الأمم المتحدة وإتفاقيات جنيف وأكثر من ذلك ستكون قد خرقت رأيا قانونيا واضحا كالشمس لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، والذي أكد أن ضم القدس الشرقية المحتلة لإسرائيل ، وكل مستوطنة أقامتها إسرائيل على أراضيها وكل تغيير أجرته على معالمها هو مخالف للقانون الدولي ويجب ان يزال كما ألزم قرار المحكمة الدولية إسرائيل بتعويض الفلسطينيين عن كل ضرر نجم عن إجراءاتها وعن كل خسارة ستنجم عن إزالة المخالفات التي ارتكبتها. والأخطر من ذلك، ان نقل السفارة الأميركية الى القدس سيعني المشاركة في خرق قاعدة أساسية تنظم العلاقات الدولية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وتنص على عدم جواز الإستيلاء على أراضي الغير بالقوة أو بالحروب وسيعني ذلك النقل أننا نعيش في عالم همجي تسوده قوانين الغاب ومنطق غطرسة القوة . وسيعيد ذلك إثارة السؤال المكرر حول ازدواجية المعايير الأمريكية والغربية عموما، كلما تعلق الأمر بإسرائيل التي يسمح لها بأن تكون فوق القوانين الدولية، وأن تحظى بحصانة كاملة على خروقاتها المتواصلة لهذه القوانيين . وإذا نفذ هذا الأمر فستكون الولايات المتحدة قد أفقدت نفسها ما تبقى لها من مصداقية ضعيفة أصلا، بصفتها شريك في الرباعية وما يسمى" بجهود السلام" مؤكدة عدم قدرتها بحكم إنحيازها المطلق لإسرائيل على لعب اي دور إيجابي في الوساطة ورعاية ما يسمى " بعملية السلام" التي استخدمت من قبل اسرائيل طوال الثلاثة وعشرين عاما الماضي كغطاء للتوسع الإستيطاني وتهويد الأراضي المحتلة. وقد جاء تعيين ترامب لديفيد فريدمان سفيرا جديدا للولايات المتحدة في اسرائيل ليؤجج الغضب بحكم أن فريدمان من أشد مناصري الاستيطان غير الشرعي وسبق أن دعى الى نقل السفارة الاميركية للقدس والى ضم أجزاء من الضفة الغربية لاسرائيل ودعم ماليا مستوطنة بيت ايل غير الشرعية والمقامة على أراضي رام الله. لقد ترافق حديث مساعدي ترامب عن نقل السفارة الأميركية للقدس مع أحاديث أخرى " بأن الاستيطان ليس عقبة امام السلام" ، وقد رأينا كيف إعتبر الوزراء الاسرائيليون العنصريون هذه التصريحات ضوءا أخضرا للانفلات الكامل ولشن عمليات التوسع الاستيطاني في القدس وغيرها، والإعداد لقانون جديد يشرع مائة وعشرين مستوطنة جديدة. إن كل من يسكت على ذلك ويستمر بالتعبير عن" القلق" دون فرض عقوبات على إسرائيل أو سحب الإمتيازات منها، سيكون مشاركا في عملية قتل فكرة الدولة الفلسطينية وما يسمى " حل الدولتين" . من المهم أن تسمع الولايات المتحدة ردود فعل عربية و إسلامية و دولية حاسمة و قوية ضد هذه التصريحات ،وضد التلويح بنقل السفارة، ليكون واضحا بأن الاقدام على ذلك سيضر جديا بالمصالح الاميركية نفسها. لكن العبرة الأهم بالنسبة لنا كفلسطينيين تكمن في أن كل ما يجري من تدهور في وضع قضيتنا الوطنية وكل ما تبديه اسرائيل من وقاحة وغطرسة، وصلت الى حد إفشال إنعقاد مؤتمر باريس، وإدارة الظهر للجهود الروسية ، هو نتيجة مباشرة للخلل الحاصل في ميزان القوى بيننا وبين إسرائيل وإحتلالها. ولن يتم اصلاح هذا الخلل بتكرار ما فشل سابقا أو بمواصلة المراهنة على مفاوضات عقيمة لن تحدث، بل بتبني استراتجية وطنية موحدة جديدة، قائمة على الإدارك العميق بأننا لسنا في مرحلة حل مع إسرائيل بل في مرحلة مواجهة مع المشروع الصهيوني الذي يصر على الإستيلاء على كل فلسطين ، وعلى تكريس الاحتلال ونظام الأبارتهايد والتمييز العنصري ضد الشعب الفلسطيني، ويكرر في القدس ورام الله والخليل وغيرها ما فعله بيافا وحيفا وعكا . هناك عناصر أساسية لهذه الاستراتجية البديلة لن نمل من تكرارها من المقاومةالشعبية إلى حركة المقاطعة إلى الوحدة الوطنية إلى دعم صمود الناس وبقائهم إلى خلق تكامل بين مكونات الشعب الفلسطيني الثلاث. واهم عنصر نملك وحدنا القدرة علىى تحقيقه فورا، ولا يستطيع احد أن يمنعنا من ذلك ، هو إنهاء الإنقسام ومواجهة العالم وإسرائيل بقيادة وطنية موحدة. نشكر كل من يحاول أن يساعدنا على ذلك، ولكن الأمر لا يحتاج الى رحلات وسفريات واجتماعات تنتقل من عاصمة الى أخرى بقدر حاجته الى إرادة سياسية حقيقية تستطيع فتح طريق الوحدة وإنهاء الإنقسام في ساعات. وسيكون ذلك بداية الطريق لتغيير ميزان القوى لصالحنا في عصر لا يحترم الا الأقوياء.

شارك هذا الخبر!