الشريط الاخباري

نتنياهو ومبادئه في التفاوض

نشر بتاريخ: 30-01-2017 | أفكار
News Main Image

بقلم/سمير عباهرة

ينطلق نتنياهو في فهمه لحل الصراع من منطلقات طالما رددها وتمسك بها واعتبرها شروطا لأي حل قادم بل زاد من تشدده باعتبارها أيضا عودة إلى المفاوضات وتكمن في المطالبة باعتراف الفلسطينيين بدولة اسرائيل كدولة للشعب اليهودي وسيطرة أمنية إسرائيلية كاملة على كافة المناطق ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط مع تحديد شكل الدولة الفلسطينية التي وصفها بدولة غير مكتملة بعد ضم الكتل الاستيطانية الكبرى الى اسرائيل بأي اتفاق محتمل مع الفلسطينيين. وقد اسقط نتنياهو خيار الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الاراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام 1967، كشرط رئيسي لحل الصراع كما نصت عليه قرارات الأمم المتحدة .وأشار نتنياهو إلى أن هذه المبادئ لا يمكن لإسرائيل التنازل عنها واعتبر ان النشاط الاستيطاني الاسرائيلي ليس هو لب الصراع مع الفلسطينيين وهي اشارة لتمسك اسرائيل بتلك المبادئ وفي مقدمتها موضوع الدولة اليهودية والسيطرة الأمنية. وتأتي تصريحات نتنياهو هذه مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الحكم في البيت الابيض والذي كان أعلن دعمه الغير محدود لإسرائيل وشكل هذا الدعم رافعة لنتنياهو بعد أن حوصر من قبل المجتمع الدولي بصدور قرار مجلس الامن الذي حمل الرقم 2334 والذي ادان الاستيطان الاسرائيلي وطالب اسرائيل بوقف شامل للاستيطان. نتنياهو بات يعتقد انه اللاعب الوحيد في تقرير مستقبل عملية السلام في الشرق الأوسط من خلال املاءاته ووضعه خريطة جديدة للمفاوضات يشاركه الرأي الرئيس الأمريكي ترامب الذي يعتقد بأن الاستيطان لا يشكل عقبة أمام عملية السلام، لكن هناك إجماعا دوليا لكسر هذه المواقف وجميعها تؤكد ان الاستيطان يشكل العقبة الرئيسية امام التوصل الى أي حل وان العودة الى المفاوضات يجب الا تكون مشروطة وهذه أفكار كان ينادي بها نتنياهو سابقا اذ انه وفي اكثر من موقف قد كرر العبارة نفسها بعدم العودة الى المفاوضات بشروط فلسطينية فكيف يفرض شروطه الآن؟ نتنياهو وحكومته يعتبران طرفا من أطراف الصراع لكنه وحكومته لا يستطيعان صياغة مستقبل المنطقة منفردين وبشروط إسرائيلية إذ أن هناك طرفا رئيسيا في الصراع وهي منظمة التحرير الفلسطينية التي ترك بصمات واضحة على مر العقود من الصراع واستطاعت فرض أجندتها التي تنطلق من عدالة القضية الفلسطينية واستجابت للانخراط في العملية السلمية نتيجة ظروف فرضتها شروط المعادلة الدولية بكل أبعادها لكن ذلك كان بضمانات أمريكية ودولية بإعطاء الفلسطينيين حقهم في إقامة دولتهم. فإذا كان نتنياهو يتجاهل هذه الحقائق ويستطيع فرض شروطه في هذه العملية فلماذا عجز لغاية الآن من فرض الحلول ولماذا أصبح بحاجة إلى المواقف الفلسطينية للاعتراف بيهودية دولته، مع العلم أن هناك أطرافا أخرى مؤثرة في الصراع لا يستطيع تجاوزها وتشكل في مجموعها القوى الدولية المعنية بالاستقرار في المنطقة انطلاقا من مصالحها ومن دورها في حفظ الأمن والسلم الدوليين. نتنياهو الذي تحدث عن العودة الى المفاوضات بشروطه لم يأتي على طرح الحلول والنتائج التي يمكن أن تتمخض عنها المفاوضات وبما نصت عليه كافة مبادئ عملية السلام التي يجب أن تتوج بإقامة دولة فلسطينية،حيث تحدث عن مبادئه وليس عن فرص التوصل الى سلام وكأنه يريد مفاوضات فقط لخدمة استراتيجياته متناسيا أن المفاوضات هي وسيلة للوصول إلى الهدف المنشود بإقامة الدولة الفلسطينية. نتنياهو يدرك جيدا ان هناك رفضا فلسطينيا قاطعا للاعتراف بيهودية دولة اسرائيل وان حل الصراع يكمن في الاعتراف بدولة فلسطينية كاملة السيادة بحدود الاراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، في الوقت الذي يقترح فيه نتنياهو إقامة دولة فلسطينية منقوصة السيادة وتبقى عرضة لتدخلات اسرائيل ومصادرة صلاحياتها . تصريحات نتنياهو ليست أكثر من رسائل الى المجتمع الدولي توحي باهتمامه لإنهاء الصراع حتى يخرج من اطار الحصار والنقد الدولي حيث مال ميزان المجتمع الدولي لصالح الفلسطينيين بعد أن أدرك حقيقة نتنياهو ورغبة الفلسطينيين الحقيقية بالتوصل الى سلام وفق قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي في ظل معارضة نتنياهو لهما وعدم الاعتراف بهما، فكثيرا ما تحدث نتنياهو عن حل الدولتين لاسترضاء المجتمع الدولي والوسط السياسي الإسرائيلي لكنه على الأرض لا يرغب بالدخول في محادثات مباشرة جادة مع الفلسطينيين لأنه لا يرغب بحل يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية. وفي ظل هذه المعطيات والتي تبقى علامات بارزة في الاستراتيجية الاسرائيلية فان الفلسطينيين يمتلكون خيارات وبدائل كثيرة فيما إذا إصر نتنياهو على مواقفه وهذا ايضا يؤكد صحة الموقف الفلسطيني الذي طالب بتدويل القضية الفلسطينية وفرض الحلول في ظل تهرب نتنياهو من حل الدولتين.

شارك هذا الخبر!