الشريط الاخباري

الاستبصار .. كيف يصل بالقادة إلى الابتكار؟

نشر بتاريخ: 02-02-2017 | أفكار
News Main Image

بقلم/ عماد بشناق

مدرب التنمية البشرية

هل تساءلت يوماً عن الفرق بين الإبداع والابتكار؟ هل بات الإبداع رأس مال أعظم الشركات؟ أسمعت يوماً عن مصطلح الاستبصار؟ ما هي صفات القائد البصير؟ ما هي مراحل الابتكار؟ لو كنت قائداً أي النماذج ستطبق في مؤسستك: الهرمي أو الأفقي؟ الإبداع هو التصورات والأفكار غير الاعتيادية التي تلمع في ذهن الشخص عند التفكير بأمر معين، بينما الابتكار هو التطبيق العملي لهذه الأفكار الإبداعية، وتحويل هذه الأفكار إلى حلول قد تكون على شكل خدمة أو منتج. فعلى سبيل المثال، لو مارست العصف الذهني لفكرة معينة ولتكن تقديم خدمة جديدة في مؤسستك، تأتيك العشرات من الأفكار، وعندما تعتمد فكرة معينة غير مسبوقة وتبدأ بتحويلها إلى واقع، هنا يكمن الابتكار. فالإبداع مكون أساسي من مكونات الابتكار. ولكي نحافظ على عجلة الابتكار في أي مؤسسة، يجب أن يتمتع القائد بالقدرة على الاستبصار. فما هو الاستبصار؟ الاستبصار هو القدرة على توقع الأشياء قبل حدوثها. القائد البصير لديه المهارة على توقع التغيرات المستقبلية ما يساعده في إعداد خطط أكثر واقعية ويكسب فريقه المرونة والقدرة على التكيف في ظل التقلبات والتغيرات التي تشهدها الأسواق من حين لآخر. فالمؤسسات التي توقعت حدوت أزمة قبل تسع أعوام، أعدت نفسها لها وتكيفت مع هذه المتغيرات. أصبح الابتكار من الأمور التي لا غنى عنها، فيعتمد مستوى أي أمة على قدرتها على تقديم خدمات نوعية مبتكرة. وبالرغم من أهمية الابتكار إلا أنه لا يمكننا اتباع منهجية محددة للابتكار لأن أصل الابتكار نابع من العفوية والإلهام المفاجئ. والأمر الجيد أنه يمكننا تحويل الابتكار إلى عملية متواصلة من خلال التطبيق العملي لمنهجيات الاستبصار والتي تعد منجم الابتكار. للاستبصار عشرة عناصر: الثقة، والبحث، والاستكشاف، والطموح، والمجازفة، والتعاون، والجمع بين الأفكار الخلاقة وتطبيقها، وإضفاء الهوية الشخصية عليها، ومعرفة الغرض من الابتكار. الثقة الثقة هي أساس القيادة الناجحة، والقائد الناجح يحرص على كسب ثقة جميع أفراد الفريق من خلال نشر مبدأ الديمقراطية. فهو يطلب منهم اقتراح سبل التغيير ويشاركهم في التنفيذ. هذه الثقة المتبادلة تساعد القائد في الحصول على تغذية راجعة صادقة عند تقييم مستوى الأداء. البحث والاستكشاف يتطلب الابتكار امتلاك حس فضولي لطرح الأسئلة والبحث والاستقصاء للإلمام بالفكرة من جميع جوانبها. فالابتكار يتطلب ذهن متقد وفضولي وإلمام كامل بالموضوع للخروج بفكرة إبداعية ذات قيمة حقيقية، ويشمل البحث تحديد الزمان والمكان والأشخاص الذين سيتم الاستعانة بهم لوضع الفكرة موضع التنفيذ. ويمكن للقائد إجراء ما أسماه شون هانتر الاستكشاف التقديري في كتابه " الاستبصار .. كيف يصل القادة بالابتكار إلى حد الإبهار". ويقصد بالاستكشاف التقديري استكشاف قيمة ما تبحث عنه، وهذا المنهج يساعد القائد في تحسس مواطن القوة عند كل عضو من أعضاء الفريق، مما يساعد في الحصول على نتائج واستنتاجات مبكرة وبالتالي زيادة فرص تحقيق النجاح. يبدأ الابتكار بإلهام، وعندما يجتمع الإلهام مع الطموح يزداد هذا الابتكار زخماً ودافعاً، ولكن هذا لا يعني أن كل فكرة مبدعة يمكن تحويلها إلى ابتكار ومن هنا تكمن أهمية البحث والاستكشاف والاستقصاء قبل الشروع في التنفيذ. فيجب منح وقت كافٍ لعملية التركيز والتأمل أكثر عند الخروج بأفكار إبداعية، وفندت الأبحاث الحديثة ما خرجت به أبحاث سابقة أن ترك عملية استنباط الأفكار حتى اللحظة الأخيرة أو التفكير بالأزمات يساعد في الخروج بأفكار إبداعية، ولكن في الحقيقة إتباع هذا الأسلوب يقلل من مستوى الأفكار الإبداعية؛ فالإحساس بالضغط وكثرة المهام يوقف الدماغ عن التفكير وبالتالي عدم الحصول على أفكار مبتكرة. الطموح إن التركيز على التطوير الشخصي والمهني لأعضاء الفريق والاهتمام بأفكار الموظفين واقتراحاتهم وطموحاتهم يساهم في غرس روح الانتماء في الموظفين لتصبح طموحات الشركة طموحاتهم. عندها يسعى الفرد في الفريق إلى بذل أقصى جهد لتحقيق أفضل النتائج لشعوره بالرضا والانتماء والدافعية والابتكار، فتتحول طموح الفريق إلى أهداف مشتركة يعمل الجميع على تحقيقيها في أجواء من التآلف والتناغم والانسجام. المجازفة وأعني بها امتلاك الفريق شعوراً بالانطلاق وتزايد الإبداع. يطلق على هذه المرحلة "مرحلة التدفق"؛ لحصول الاندماج العقلي في عملية الابتكار، ويزداد حماس الفرد لاستنباط المزيد من الأفكار المبدعة. وعندما يصل الفرد لهذه المرحلة يكون تركيزه منصباً على إنجاز العمل الذي يؤديه فقط. التعاون أثبت الواقع العملي للشركات والمؤسسات أن فرق العمل الجماعي تتخذ قرارات أفضل من العمل الفردي، إن تطبيق نموذج الإدارة الأفقية يشجع الابتكار ويزيد من حماس أفراد الفريق للعمل لأنه يشعر أن ما يفعله سيشكل فرقاً. تطبق شركة "جوجل" نموذج الإدارة الأفقية، حيث تقوم بجذب المبتكرين للعمل لصالحها ثم تعمل على تقسيمهم إلى فرق عمل جماعية، فيكون كل عضو مسئول عن مهمة معينة، مما يعزز لدى الفرد الشعور بالتمكين والمسئولية. أما النموذج الهرمي في العمل يعمل على إهدار الكثير من الطاقات، فيتم تخصيص فرد أو اثنين للأفكار الإبداعية أما الباقي فيقدم الدعم العضلي لتنفيذ الأفكار التي تخرج بها تلك القلة. فكل إنسان لديه الطاقة للإبداع والخروج بأفكار استثنائية عند تٌوضع في الزمان والمكان المناسبين. الجمع بين الأفكار الخلاقة في هذه الخطوة يتم مزج الأفكار الإبداعية من خلال التركيز على نقاط القوة في كل فكرة للخروج بفكرة شاملة كاملة ذات قيمة حقيقية متميزة. وهذه المرحلة هي من أجمل مراحل الابتكار فهي تشبه إلى حد ما تصميم الديكور، فلدينا كل القطع المميزة، نختار منها ما يناسب لون دهان الغرفة والإضاءة وما إلى ذلك لتصميم غرفة في منتهى الجمال والتناسق. التنفيذ تبقى الأفكار المبدعة حبراً على ورق إذا لم توضع موضع التنفيذ. وفي هذه المرحلة من المفترض أن يتم تصميم النماذج التجريبية للأفكار وإجراء التجارب عليها. للأسف، تموت الكثير من الابتكارات في هذه المرحلة؛ بسبب عدم وضع خطة للتنفيذ أو وضع خطة غير مناسبة. القائد البصير ينظر إلى الأمور من كل الاتجاهات ويرسم أفضل وأسوء السيناريوهات المحتملة، مما يساعد في اتخاذ قرارات سليمة عند تحويل الأفكار إلى ابتكار. إضفاء الهوية الشخصية من العناصر التي ترسخ هوية المؤسسة في السوق هو تفردها بتقديم خدمات مبتكرة وفريدة من نوعها، فلا ضير إن تأخرت المؤسسة في الخروج إلى السوق، ولكن ما يهم فعلاً أنها متى ما خرجت إلى السوق يجب أن تترك بصمة في مجال الخدمة التي تقدمها وتحتل المركز الأول، فعلى سبيل المثال تأخرت شركة "آبل" ثمان سنوات حتى خرجت للعالم، ولكن عندما قدمت منتجاتها للسوق كانت الأول والأقوى بين منافساتها في مجال الأجهزة الذكية وجميع منتجاتها عصية عن التقليد. هذا لا يعني أنه يجب على المؤسسة التأخر لكي تخرج بفكرة إبداعية، فالسرعة في إنتاج وتوزيع خدمات مبتكرة وفريدة تتجاوز سرعة المنافسين يساعد أيضاً على ترسيخ هوية المؤسسة في سوق العمل. الغرض من الابتكار يسعى القائدة من الحفاظ على دوران عجلة الابتكار الحفاظ على استمرارية المؤسسة لكي تتمكن من تقديم خدمات ذات قيمة حقيقية. ومن هذا المنطلق يجب أن يحرص القائد على توظيف أصحاب الإبداع والابتكار وغرس روح الانتماء داخلهم لكي تصبح أهداف وطموحات الشركة هي أهدافهم وطموحاتهم فيعملوا على تحقيقها بكل جد واجتهاد. أصبحت العقول الابتكارية هي عماد الشركات العظيمة، فلو ألقينا نظرة سريعة على أعظم الشركات في الأسواق العالمية لوجدنا أنها تهتم بتوظيف الكفاءات والمبدعين على حملة الشهادات العليا، فشركة آبل لا توظف مبرمجين ومهندسين فقط، بل توظف الشعراء والأدباء والرسامين، لإيمان قادتها بأن استمرارية العمل والتفرد يعتمد على أفكارهم الإبداعية وحسهم المرهف، لذا إذا كنت قائد أو في مواقع صنع القرار، هل تراعي هذه العناصر العشرة للحفاظ على روح الإبداع في فريقك؟

شارك هذا الخبر!