الشريط الاخباري

ويتوالى تحدي اسرائيل للقانون الدولي

نشر بتاريخ: 09-02-2017 | أفكار
News Main Image

بقلم/ سمير عباهرة

في تحد سافر للقانون الدولي

بل للمجتمع الدولي اقدمت الحكومة الاسرائيلية اليمينية المتطرفة على اقرار قانون "تبييض" المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية والذي يقضي بشرعنة المستوطنات ويمهد الطريق لفرض السيادة الإسرائيلية عليها. وجاءت المصادقة على القانون خلافا لقرار المحكمة العليا الإسرائيلية والذي كان طعن بشرعية مستوطنة "عامونا" كما جاء متعارضا مع مختلف مواقف المستويات السياسية الإسرائيلية ومنظمات حقوق الإنسان حتى أن المستشار القضائي لحكومة إسرائيل انتقد القرار ورفض فكرة الدفاع عنه في محكمة الجنايات الدولية لو أصبح هذا الأمر حقيقة. واعتبرت المعارضة الإسرائيلية أن قانون التسوية سيجلب كارثة على إسرائيل ورأت أحزاب أخرى أن ذلك سيضر بالمصالح الإسرائيلية وان طرح المشروع جاء لاعتبارات سياسية ضيقة . منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية اعتبرت التصويت على القانون انتصارا للمستوطنين والاستيطان وسلب غير قانوني وغير أخلاقي للأراضي الفلسطينية وتشريع عنصري يتعارض مع المواثيق الدولية. وقد أجمعت الأحزاب العربية في الكنيست ان الحكومة الإسرائيلية تجر المنطقة إلى شفير الهاوية وتغلق الأفق أمام أي عملية سلام بل ان ذلك سيؤدي إلى تعميق الصراع ودفن أي إمكانية لاستقلال الشعب الفلسطيني. وتعتقد اوساط سياسية اسرائيلية متعددة بما فيها احزاب المعارضة بأن الاعتبارات السياسية كانت حاضرة في صنع هذا القانون من اجل احداث تغيير في الرأي العام في اسرائيل المنشغل حاليا بمتابعة التحقيقات الجارية مع رئيس الوزراء نتنياهو بتهم الفساد وتلقى الرشاوى،حيث شهدت الساحة السياسية حالة من الارباك والترقب بل صراعا خفيا احيانا وعلنيا في احيان اخرى حول مستقبل البلاد في ظل زعامة نتنياهو وحول مستقبل نتنياهو السياسي ايضا والتي اهتزت مكانته السياسية واصبح يبحث عن نصر سياسي يشغل بال الراي العام في اسرائيل. أياً كانت التداخلات والتفسيرات التي فرضت صنع القانون بشرعنة المستوطنات فانها تبقى تبريرات واهية وغير مقنعة اطلاقا وخارج دائرة الخلافات السياسية فالاستيطان يبقى في صلب العقيدة الدينية الصهيونية والإستراتيجية الصهيونية في الاستيلاء على ارض فلسطين كاملة وخير خاضع للتغيرات والتحولات الاسرائيلية الداخلية وتبريرات احزاب المعارضة، فكثيرا من المستوطنات اقيمت في عهد حزب العمل الذي يقف اليوم في صفوف المعارضة بل ان انشاء المستعمرات الاسرائيلية منذ بدايتها كانت بتوجيه من حزب العمل. التشريع الإسرائيلي جاء مخالفا لكل المفاهيم الديمقراطية التي تتغنى بها إسرائيل والمجتمعات الغربية والتي لازمت وتلازم الصمت إزاء الجرائم الإسرائيلية في الاستمرار في سرقة ونهب الأراضي الفلسطينية.فإذا كان المجتمع الدولي عاجزا عن الدفاع عن قراراته وشرعيته وعن الكثير من المفاهيم الديمقراطية بما فيها حقوق الإنسان والحفاظ على سيادة القانون الدولي والوقوف بشكل حازم ضد انتهاك الشرعية الدولية فليعلن ذلك وبصراحة ويصار إلى اعتبار "شريعة الغاب" كمرجعية قانونية في العلاقات الدولية. نعم العالم يقف اليوم عاجزا عن الزام اسرائيل بالالتزام بقوانينه وتشريعاته وقراراته بل امعنت في تحدي العالم وخاصة بعد صدور قرار مجلس الامن رقم "2334" والقاضي بوقف شامل للاستيطان الاسرائيلي . واليوم من حقنا ان نتساءل ... ما هو موقف الدول الكبرى صاحبة الكلمة العليا في السياسة الدولية والتي صوتت على قرار مجلس الامن وترى قرارها لا قيمة له وينتهك امام اعينها في ظل صمت رهيب كيف ستدافع هذه الدول عن مصالحها وتحمي قراراتها في ظل عدم انصياع إسرائيل لهذه القرارات وما هي الخيارات والبدائل لدى هذه الدول في ظل انتهاك إسرائيل لقرارات الشرعية الدولية والتي أخذت هذه الدول على عاتقها حمايتها والدفاع عنها. وعلى ما يبدو أن إسرائيل ايضا استغلت حالة الانفتاح الأمريكي الجديد في عهد ترامب في العلاقة الأمريكية الإسرائيلية وربما كان ذلك احد البواعث الرئيسية في زيادة الغطرسة الدولية وعدم امتثال إسرائيل لقرارات المنظمة الدولية والشرعية الدولية، فالموقف الأمريكي بقي مترددا ويعتريه الغموض حيال الاستيطان واتسم بنوع من عدم المسئولية كما صدر عن مسئول في وزارة الخارجية الأمريكية بأن " الإدارة بحاجة إلى فرصة للتشاور مع جميع الأطراف بشأن الطريق الواجب سلوكها للمضي قدما" وهذا يعطي إسرائيل تشجيعا وتعتبرها موافقة على سياستها الاستيطانية. لدى القيادة الفلسطينية خيارات وبدائل كثيرة تستدعي الوقوف عندها لمقاومة التعنت والصلف الاسرائيلي في الاعتداء على الحقوق الفلسطينية وسرقة الاراضي الفلسطينية والتي تطالب قرارات الشرعية من اسرائيل الانسحاب منها، فقد آن الأوان لطرق أبواب محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة إسرائيل على جرائمها وعدم الرضوخ للتهديدات التي تنطلق من هنا ومن هناك فالحقوق الوطنية الفلسطينية لا يمكن النزول بها تحت وطأة هذه التهديدات. القانون الإسرائيلي الجديد واستمرار إسرائيل في انتهاك القانون الدولي هي رسالة للمجتمع الدولي بأن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية دائم وان عملية السلام قد دفنت فلا ينتظر المجتمع الدولي تحقيق السلام في ظل صمته على جرائم إسرائيل بل عليه ان يعتذر عن اطلاق عملية السلام لإنهاء الصراع لأنه عجز عن توفير ظروف تخدم عملية السلام وعجز عن الزام اسرائيل بالالتزام بقرارات الشرعية الدولية ويعترف بأنه فشل في احد استراتيجياته.

شارك هذا الخبر!