الشريط الاخباري

"أولاد الكريتي" يحركون الآثار الضخمة بالجن والعفاريت والدرافيل

نشر بتاريخ: 17-03-2017 | منوعات
News Main Image

ما حدث مع تمثال "رمسيس الثاني" بالمطرية أعاد لي ذكريات تحقيق مر عليه أكثر من 11 عاما، عائلة تعمل في مجال الآثار منذ أكثر من 200 سنة ، أدواتهم جن وعفريته ودرفيل، أما قدراتهم فتمكنهم من تحريك الهرم من مكانه!

في عام 2006 كتب الدكتور زاهي حواس مقالا في مجلة الشباب تحدث في أحد فقراته عن طلال وأحمد من عائلة الكريتي واللذين يستعين بهما في تحريك ونقل الأحجار الضخمة، يقول دكتور زاهي في وصفهم " لي معهم صولات وجولات لعل آخرها هو فتح التابوت الضخم الذي عثر عليه داخل مقبرة رئيس القصر الملكي "ايوف عا " بمنطقة أبو صير وكان هذا التابوت داخل حفرة عمقها 30 مترا ووزنه يصل ل 60 طنا، وعندما فتح التابوت عثر في داخله على توابيت أخرى وأخيرا التابوت الخشبي الذي يحوي مومياء".

أثارتني المعلومات وقتها، فاتصلت بالدكتور زاهي وطلبت منه التواصل مع الريس طلال والريس أحمد، لم يكن عند أيا منهما لا تليفون محمول ولا حتي أرضي، وكانت الوسيلة الوحيدة هي عن طريق موقع أثار سقارة حيث يعيشون هناك، بالفعل تم تحديد الموعد وذهبت.

كان منزلهم بلا جيران إلا الفراعنة، حيث بني فوق هضبة سقارة ليكون المنزل السكني الوحيد الموجود داخل المنطقة الأثرية، منزل بسيط به فناء فسيح جلست به منتبها لأسمع حكايات من أحفاد العمال الفراعنة.

قال الريس طلال أن العائلة تعمل في الآثار منذ حوالي 200 سنة وفروعها تعمل في مختلف المواقع الأثرية بطول مصر وعرضها، وأنهم يتوارثوا المهنة فمن علمهم كان والدهم الريس عبده الكريتي والذي شارك في العديد من الاكتشافات والأعمال الأثرية المهمة.

أما عن كيفية تحريكهم للأحجار الضخمة فقال الريس أحمد أنهم يستخدمون الطريقة الفرعونية، نفس الطريقة التي نقل بها الحجر من مكانه الأصلي وذلك باستخدام أدوات مثل "العفريته" و "الجن" وهي آلات لرفع الأحمال الثقيلة مثل التابوت الحجري، بعدها يتم وضع الأحجار على "درفيل" وهي عروق خشبية كبيرة وسميكة يكون وزنها بنفس وزن الحجر الذي يقومون برفعه،

حيث يمكنهم تقدير وزن الحجر من خلال عملية تسمى "التكعيب" يأخذوا فيها قياسات الحجر "طول وعرض وارتفاع" وباستخدام عملية حسابية بسيطة مع معرفة نوع الحجر يقدرون وزنه، العملية السابقة لم يكن يشارك فيها الريس أحمد والريس طلال اكثر من عاملين اثنين فقط، وعندنما سألته كيف لأربعة أسخاص تحريك عشرات الأطنان رد قائلا : الفرعون لم يكن يأتي بمئتين عامل ويضعهم في حجرة الدفن، ونحن نعمل مثله، فمثلما وضع الفراعنة التابوت أو التمثال نحن نحركه.

الريس أحمد قال أن تحريك الأحجار الضخمة يحتاج لقوة ذهنية كبيرة وتأتي بعدها القوة البدنية، وعند تكليفهم بإحدى المهام يجلسون في البداية ليفكروا ويضعوا خطة التحريك الأول ثم يبدأوا التنفيذ.

الريس طلال استعاد ذكريات اللحظات الممتعة كما وصفها وحكى لي وقتها عن مغامرة لا ينسوها وهي تكليفهم من قبل الدكتور زاهي حواس بتحريك تابوت يزن 60 طنا من الحجر الجيري موجود في بئر عمقها 28 متر ينزلوها بالحبال، دكتور زاهي أصر على تحريكه بالطرق البدائية واليدوية للحفاظ عليه فقاموا بانزال أدواتهم على الحبال حيث كان يعاونهم دكتور زاهي بنفسه وعندما حاول الموجودين اثناؤه عن ذلك قال لهم "أنا مش عجوز" وقاموا بتحريك التابوت ليجدوا تابوت آخر من البازلت وزنه عشرة أطنان ليستريحوا نصف ساعة ثم يبدأوا في تحريك الجديد.

يكمل الريس أحمد ليحكي عن واحدا من اصعب المواقف التي مرت عليهم عندما كلفهم الدكتور زاهي حواسأثناء الاحتفال بمئوية المتحف المصري باحضار تابوت من قويسنا كان غيرهم قد حاولوا تحريكه من قبل أكثر من مرة وفشلوا حيث يوجد على هضبة ارتفاعها 17 متر وسط مباني وزراعات، وقتها استخدموا العفاريت والدرافيل حتى أنزلوه من على الهضبة ووضعوه فوق كساحة نقلته للقاهرة.

مر عام أو اثنين وحاولت التواصل معهم من جديد فعرفت أنهم رحلوا عن عالمنا، اليوم وأنا استرجع اللقاء كلمت الدكتور زاهي حواس من جديد لأسئله عنهم، أكد لي خبر وفاتهم ولكن قال في الوقت ذاته أن من قاموا برفع جسم التمثال اليوم كانو من العائلة، حيث تعمل العائلة كلها في مجال الاثار وينتشرون في مصر كلها، دكتور حواس قال ان الخطأ الوحيد في نقل رأس التمثل كان عدم تغليفة ، ولكن رغم ذلك رأس التمثال لم تمس بسوء، أما اليوم فتولى "الكرياتيه " عملية انتشال باقي التمثل بطريقة سليمة، سألته هل كان الريس طلال والريس أحمد يستطيعون استخراج رأس التمثل بطريقتهم؟؟ فقال كانوا يستطيعون تحريك 20 طن منفردين، بالمناسبة فأولادهما الآن يعملون في الآثار وواحدا منهم حصل على الدكتوراه.

المصدر: صحيفة الأهرام

شارك هذا الخبر!