الشريط الاخباري

انظار الفلسطينيين تتجه صوب عمان

نشر بتاريخ: 29-03-2017 | أفكار
News Main Image

بقلم / سمير عباهرة

تتجه الانظار صوب العاصمة الاردنية عمان التي بدأت باستقبال ضيوفها من الزعماء العرب المشاركين في القمة العربية الثامنة والعشرون والتي ستعقد على ضفاف البحر الميت في الاردن.تحديات كثيرة وكبيرة تواجه الامة العربية بسبب حالة التفكك والتشرذم التي يعيشها انظام العربي واستفحال بعض الخلافات العربية العربية بما ترك تداعياته على الواقع السياسي العربي. ويبقى التحدي الأبرز الذي كان ولا زال يشغل بال الأمة العربية هو القضية الفلسطينية والأزمات الحاصلة في المحيط العربي والتحديات الخارجية الاخرى والتي تأتي تباعا ونتاجا لعدم وجود حل عادل للقضية الفلسطينية. وتأتي القمة العربية أيضا في ظل واقع عربي ممزق بما قد ينعكس سلبيا على قدرة القمة في اتخاذ قرارات إستراتيجية بخصوص القضايا العربية وأهمها القضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني الاسرائيلي إضافة الى عدد من الملفات الأخرى والمتعلقة بالأزمات التي تعاني منها المنطقة العربية والتي انعكست سلبا على النظام

الاجتماعي والاقتصادي والسياسي العربي حتى بدت حالة العجز العربي واضحة في التأثير في السياسة الدولية. القضية الفلسطينية كانت حاضرة في خطابات وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم التحضيري للقمة وتصدرت الأحداث حيث أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط بان تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط يتوقف على حل القضية الفلسطينية، كما يستدل من الخطابات الاخرى بان القضية الفلسطينية كانت القضية الأساسية والمحورية في النقاشات الجارية.

ما هي الخيارات المطروحة امام القمة العربية في ظل المشهد السياسي القائم والقاتم في منطقة الشرق الأوسط والتي أوصلته اسرائيل الى حالة من انعدام اليقين بسبب رفضها لحل الدولتين وفي مواصلة مشروعها الاستيطاني التهويدي في القدس والضفة ومصادرة الاراضي الفلسطينية وفي استمرار تنكرها لحقوق الشعب الفلسطيني ورفضها كافة المبادرات والحلول المقترحة وفي مقدمتها مبادرة السلام العربية المنبثقة عن قمة بيروت عام 2002 بحيث أوصلت اسرائيل عملية السلام الى طريق مسدود في ظل تراجع الاهتمام الدولي بعملية السلام والتحولات الجديدة التي طرأت على خارطة التسوية بوصول الرئيس الامريكي ترامب الى الحكم في الولايات المتحدة وإعلان دعمه الكامل لإسرائيل مما زاد من غطرستها وتعنتها وان كان قد اولى بعض الاهتمام لتحقيق السلام الا ان هذا الاهتمام لن يحيد عن المفهوم والرؤية الاسرائيلية لمفهوم التسوية.

المطلوب من القمة العربية اولا إعادة القضية الفلسطينية الى بعدها القومي لان فقدانها للعمق العربي كان له تداعيات خطيرة غيرت من طبيعة الصراع وأدت الى إضعاف الموقف العربي والموقف الفلسطيني ايضا بحيث تكون قادرة على إيصال الرسائل الى قوى المجموعة الدولية التي تمتلك القرار السياسي الدولي وتؤثر فيه ونعني بالدرجة الاولى الولايات المتحدة صاحبة النفوذ الاول في القرار السياسي الدولي وأوروبا وروسيا وان تؤكد القمة العربية على حق الشعب الفلسطيني في الحصول على حقوقه وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وان تكون لغة الخطاب العربي تنطق بلغة المصالح.

من المؤكد ان القمة العربية ستقوم بإحياء مبادرة السلام العربية التي تم اعتمادها في بيروت عام 2002 وتفعيلها واعتمادها كأساس للحل، بل يجب الإشارة الى ان هذا هو الحد الأدنى المطلوب فلسطينيا وعربيا وان عدم حصول الفلسطينيين على حقوقهم سيزيد من صعوبة الوضع في المنطقة، ويجب على القمة العربية التحرر من حاجز ردود فعل الدول الغربية على قرارات القمة والتصعيد الذي يجب ان يكون عنوان هذه المرحلة والابتعاد عن شبح ردود الفعل هذه والإصرار على تمسك القمة العربية بالمطالب الفلسطينية وتبنيها بالكامل، اذ ان القضية الفلسطينية هي من تمنح الشرعية لمعظم دول العالم وكثيرا من هذه الدول وحتى الكبرى منها حاولت الاستئثار ببعض الأوراق الفلسطينية لزيادة نفوذها السياسي في الساحة الدولية.

والرسالة الأهم التي من المفترض ان تصدر عن القمة العربية هي التلويح بان العلاقات العربية الإسرائيلية القائمة لا يمكن ان تستمر طويلا في ظل رفض إسرائيل الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته ووقف حالة التطبيع مع إسرائيل في ظل حديث جار عن قرب قيام مثل هذه العلاقات الجديدة مع إسرائيل اذا انه يجب الاحتكام الى المبادرة العربية والإشارة الى انها لن تبقى مطروحة الى الأبد وبأن إقامة العلاقات العربية الإسرائيلية مرهون بمدى استجابة الجانب الإسرائيلي في الموافقة على قيام دولة فلسطينية بل يجب ان يترافق ذلك مع وجود حقائق على الارض تؤكد استجابة اسرائيل للمطالب العربية بحيث لا يمكن النزول بحقوق الفلسطينيين الى ما هو ادنى من الشرعية الدولية.

يجب التعامل مع الصراع العربي الاسرائيلي كقضية واحدة والعمل على استعادة الثقة المفقودة بين الأطراف العربية وعدم الاعتقاد بان كل طرف يمكن ان يحل قضيته بشكل منفرد بعيدا عن حل القضية الفلسطينية وان التعنت الإسرائيلي تجاه الحقوق العربية تقع مواجهته على عاتق الأطراف العربية مجتمعة بما في ذلك إعادة تقييم مجمل العلاقات العربية مع اسرائيل في ضوء موقفها من الحقوق الفلسطينية ورهن اي علاقة لها مع إسرائيل وحتى علاقاتها الدولية بالحقوق العربية، والإشارة الى ان مبدأ خيار حل الدولتين لا يقتصر على تحقيق المصالح الفلسطينية بل وتحقيق المصالح الدولية بوصفه نقطر ارتكاز لتحقيق الامن والاستقرار في هذه المنطقة والتي عانت ولا زالت تعاني من ويلات الحروب والصراعات.

الرسالة الاكثر اهمية والتي من المفترض ان تصدر عن القمة العربية هي كيفية مواجهة الموقف الامريكي الجديد الداعم لإسرائيل حيث من المفترض مخاطبة الادارة الامريكية بمحددات الصراع ومحددات التسوية وعدم الاستجابة لرغبات الولايات المتحدة التي تتعارض مع الحقوق الوطنية الفلسطينية والاهم من ذلك توفر موقف عربي مساند للرئي الفلسطيني محمود عباس الذي سيزور واشنطن في منتصف الشهر القادم.

ان الانتصار للقضية الفلسطينية هو مصدر قوة للأمة العربية وتكريس لمكانتها السياسية والدبلوماسية في المحافل الدولية والذي سيعيد لها هيبتها التي اهتزت بفعل الانقسامات والخلافات الحاصلة كما ان الموقف العربي الموحد سيفرض نفسه في المحافل الدولية بما يوحي بعودة النظام العربي الى قوته ومكانته السياسية القادرة على التأثير.

شارك هذا الخبر!