الشريط الاخباري

لنتعلم الصبر منهم

نشر بتاريخ: 02-05-2017 | أفكار
News Main Image

بقلم/ يوسف عودة

الصبر عبادة يمتحن فيها العبد لتظهر قدراته وإمكانياته، والتي هي ضعيفة جدا بكينونتها البدينة والبيولوجية، وقوية جدا بإيمانها بالله وقضائه وحكمه، أي أن صبر الإنسان على الأذى بكافة أشكاله وصوره، سواء كان أذى نفسي أم جسمي له بالطبع تأثيرات سلبية جمه عليه، الأمر الذي يزعزع من إستقراره البنيوي ويفقده القدرة على التحمل، وبالتالي فإن الإستمرار في وضع كهذا يحتم عليه تسخير كل طاقاته والعمل على إرفادها بمعنويات تقاوم الأذى الذي يتعرض له، وهنا يأتي السؤال الذي يطرح نفسه، إلى متى تستطيع هذه البنية الإنسانية "الجسمانية" في الإستمرار والصبر على الأذى مهما كان شكله؟

وهنا؛ وفي المقام الأول نستطيع التأكيد على أن ما يهُمنا ليس السؤال والذي أكد العلم على إجاباته، بقدر ما يهمنا الصابرين، وبالطبع لا أحد أكثر صبرا من الأسرى الذين سطروا بإرادتهم وإيمانهم الكبير أعظم ملاحم البطولة في التاريخ الحديث "فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ"، أي أن ما يقوم به الأسرى من إضرابٍ عن الطعام والذي تجاوز اليوم السادس عشر في سجون الظلم والقهر لهو أقوى دليل على قدرة هؤلاء الأسرى، والتي تنبثق في أساسها من إيمانهم العميق بالله أولاً وبعدالة قضيتهم ثانياً، فرغم الإعياء الذي يصيبهم والمرض الذي يشتد عليهم ترى بإن إرادتهم صلبة كالحديد لا تلين ولا تحيد عن الحق، متسلحين في ذلك بأوامر الله الحامي لهم "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ"، نعم؛ هذا هو البلاء والنتيجة حتما ستكون مع الصابرين المناضلين الذين ضحوا بحريتهم من أجل وطنهم "الأرض المقدسة".

وفي ظل الأوضاع التي يمر بها ويعيشها الأسرى، وكنتيجة لصبرهم اللامحدود وقدرتهم التي فاقت التوقعات، لا يسعنا في هذه الظروف إلا التضامن معهم، عسى أن يقوي تضامننا معهم من عزيمتهم ويبعث في قلوبهم التحدي والإصرار ويرفع من معنوياتهم، فالحديث عن الأسرى وإضرابهم كأولوية هو بمثابة دعم مباشر لهم في معركتهم، عدا عن أن كافة أشكال التضامن التي يقوم بها البعض، تمدهم بروح المقاومة والتمترس على الحق حتى بلوغ الهدف المنشود، فلنكثف من دعواتنا وصلواتنا لهم بالصمود في مسعاهم، فهذا أقل ما يُمكننا فعله.

شارك هذا الخبر!