الشريط الاخباري

المانيا الديمقراطية وإسرائيل الدكتاتورية

نشر بتاريخ: 11-05-2017 | أفكار
News Main Image

بقلم/سمير عباهرة 

دخلت العلاقة الالمانية الاسرائيلية منعطفا جديدا وبلغت مرحلة من التوتر على خلفية الموقف الالماني من اجتماعات اليونسكو الاخيرة فيما يتعلق بالقدس حيث وجهت اسرائيل اللوم لألمانيا لعدم اتخاذها موقف لإحباط قرار معد مسبقا ضد اسرائيل في اليونسكو في الوقت الذي حاولت فيه المانيا التوصل الى تسوية مع الدول العربية والإسلامية تجنب دول الاتحاد الاوروبي التصويت لصالح القرار. وهكذا حاولت اسرائيل فرض دكتاتوريتها ومصادرة السيادة الوطنية لدول الغرب وتجييرها لخدمة السياسة الاسرائيلية ومنعها من ممارسة خيارها الديمقراطي. وكانت العلاقة بين اسرائيل وألمانيا قد شهدت جدلا حادا وتطورت الى ازمة نشبت بين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الالماني زاغمار جابرييل على خلفية اجتماع الاخير مع منظمات اسرائيلية تدعم حقوق الانسان " منظمة الصمت ومنظمة بتسليم" حيث كشفت هذه الازمة عن الوجه الحقيقي لاسرائيل امام الرأي العام الالماني خاصة والأوروبي عامة. وكانت الازمة بدأت بعد ان وجه نتنياهو تحذيره للوزير الالماني بإلغاء الاجتماع المقرر بينهما فيما لو اجتمع مع هذه المنظمات الاسرائيلية ومع اصرار الوزير الالماني على مواصلة اجتماعه تقرر الغاء الاجتماع الذي جاء من الجانب الاسرائيلي. وقد تم تفسير التحذير الاسرائيلي انذاك بأنه يشكل تدخلا في الشأن الداخلي الالماني بل يمس السيادة الالمانية بشكل مباشر. وفي تطور لاحق وجه الوزير الالماني صفعة قوية لرئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو عندما رفض الرد على مكالمتة الهاتفية لتنتهي زيارة الوزير الالماني دون الاجتماع مع نتنياهو. وربما كانت اسرائيل تسعى لمعاقبة المانيا بسبب مواقفها السياسية المناوئة لسياسة الاستيطان والداعمة للحق الفلسطيني. لكن المانيا من المؤكد انها سجلت موقفا سياسيا ووجهت رسالة لإسرائيل بان المساس بمفاهيم السيادة الوطنية هو خط احمر كفلته الاعراف الدولية ومفاهيم العلاقات الدولية وان سيادة المانيا لا يمكن ان يمس بها مهما بلغت درجة العلاقات بين الطرفين.ورغم ان هذه الحادثة لن تؤثر على العلاقات بين البلدين الا ان موقع "ان.آر.جي" الإسرائيلي نقل عن رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الألماني نوربرت روتغان وجود "خلافات عميقة" في المواقف السياسية بين ألمانيا وإسرائيل معظمها تعود إلى استمرار الصراع مع الفلسطينيين، واكتفاء إسرائيل بقواها العسكرية، وعدم فتح مبادرات مستقبلية للحل معهم، معربا عن قلقه من استمرار الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين.لكن هذه الازمة ايضا ساهمت في ازالة القناع عن وجه اسرائيل "الديمقراطية" عندما ادعت ان لقاء وزير الخارجية الالماني مع المنظمات الاسرائيلية الداعمة لحقوق الانسان جاء مخالفا للأعراف الديمقراطية ويشكل مساسا للعلاقات بين الجانبين تلك المنظمات التي كانت لها دائما مواقف ضد سياسة الحكومة الاسرائيلية وساهمت في توثيق الانتهاكات الاسرائيلية والجرائم وساهمت في فضح السياسات الاسرائيلية امام الرأي العام العالمي،في حين كانت اسرائيل تخفي جوانب كثيرة وراء ادانتها لقاء الوزير الالماني مع المنظمات الاسرائيلية خوفا من اظهار تلك المنظمات وجه اسرائيل "الديمقراطي" المزيف في استمرار انتهاكاتها بحق الفلسطينيين وفي استمرار سياسة الاستيطان والحصار وخاصة ان المانيا تأتي في مقدمة الدول الاوروبية وقوفا ضد سياسة الاستيطان وفي مطالبتها بحل الدولتين. المخاوف التي اعربت عنها اسرائيل نتيجة اجتماع الوزير الالماني مع المنظمات الحقوقية الاسرائيلية بقيت طي الكتمان وهي في الحقيقة مخاوف تعبر عن طبيعة دولة الكيان الاسرائيلي التي عملت دائما على تضليل الرأي العام العالمي والادعاء بأنها واحة الديمقراطية الاولى في الشرق الاوسط لكنها تأتي في مقدمة دول العالم انتهاكا للديمقراطيات وحقوق الانسان، ومن المؤكد ايضا انها كشفت عن عمق المواقف الدولية الصامتة تجاه سياسة اسرائيل والتي ضاق بها المجتمع الدولي ذرعا الامر الذي دعا صحيفة نيويورك تايمز للقول إن إسرائيل أصبحت تتعامل مع منتقدي احتلالها للأراضي الفلسطينية كأعداء، وإن ذلك أمر مقلق بشأن مستقبل إسرائيل وديمقراطيتها، وكانت الصحيفة تعلق على رفض نتنياهو استقبال وزير الخارجية الألماني زاغمار غابرييل خلال زيارة له لإسرائيل مؤخرا، بسبب اجتماعه مع منظمة "كسر الصمت". نعم لقد كشفت هذه الحادثة عن وجه اخر لإسرائيل في ديمقراطيتها الموسمية والتي تتقاطع مع الغايات والأهداف ويتحول جلد دولة اسرائيل بين عشية وضحاها من دولة ديمقراطية الى دولة دكتاتورية ودولة استعمارية تستخدم كل اساليب القمع ضد شعبنا الفلسطيني وفي استمرار احتلالها الذي يتعارض مع ابسط المفاهيم الديمقراطية السائدة في عالم انتهت فيه المواقف النظرية من الحياة السياسية.

شارك هذا الخبر!