الشريط الاخباري

نميمة البلد: تطهير وإصلاح .... ودعم استقلال القضاء

نشر بتاريخ: 07-07-2017 | أفكار
News Main Image

جهاد حرب

أعاد طرح مجلس الوزراء لمشروع قانون معدل لقانون السلطة القضائية النقاش من جديد مسألة اصلاح السلطة القضائية الذي طال انتظاره. هذه المرة كان له وقعا أكبر عند تسريب أن إرادة سياسية تولدت لدى الرئيس محمود عباس الامر الذي أعاد للأذهان الخطوة الجريئة التي أقدم عليها عام 2005 بتشكيل اللجنة التوجيهية لإصلاح القضاء. انتجت حينها جملة من المقترحات أحدها قانونا للسلطة القضائية تم تبنيه من قبل المجلس التشريعي. لكن المحكمة العليا بصفتها الدستورية آنذاك أعدمت القانون لأسباب شكلية اجرائية.

في كل الأحوال، أصبح القضاء الفلسطيني بحاجة الى عملية جراحية لا بد منها لإصلاح الخلل البنيوي ودعم استقلاله وتعزيز سيادة القانون نتيجة لعلل أصابت الجهاز القضائي في السنوات الفارطة، وباتت هذه العملية لازمة بعد ما شاهدناه من تدخل للسلطة التنفيذية وربما الأخطر من ذلك الحديث عن تدخلات لأطراف على هامش السلطة التنفيذية تنزع نحو تأمين مصالح خاصة على حساب حقوق المواطنين وارزاقهم.

أوضحت المذكرة التوضيحية التي ارفقتها وزارة العدل الفلسطينية "أهم القضايا" التي تحتاج الى تعديل وتطوير في قانون السلطة القانونية والإشكاليات التي رافقت عمل الجهاز القضائي وهي تصلح "المذكرة" بأن تكون أرضية لنقاشات متعددة لتقديم مقترحات عملية للإجابة على الاختلالات البنيوية بشكل منهجي. لكن النصوص الواردة في مشروع القانون لم تكن بالقدر المطلوب لدعم استقلال السلطة القضائية وفي الوقت نفسه فتحت الباب واسعا لتدخل السلطة التنفيذية في الجهاز القضائي.

على مدار السنوات الخمس الأخيرة ترسخت قناعة لدى مؤسسات المجتمع المدني، وهي نفسها على ما يبدو لدى الرئيس الفلسطيني، بعدم قدرة السلطة القضائية على اصلاح نفسها؛ إثر التجاذبات العميقة ظهرت بين شيوخ القضاة في أروقة المحاكم وصفحات الاعلام، وبحاجتها (أي السلطة القضائية) الى تدخل خارجي قادر على ترجمة الإرادة السياسية للقيام بعملية إصلاح جريئة؛ وبالمناسبة هذه ليست تجربة فريدة من نوعها أو معجزة فلسطينية فقد خاضت دول مجاورة هكذا عملية اصلاح للجهاز القضائي منذ امد طويل.

في ظني ان ترجمة الإرادة السياسية المتولدة "العائدة" لدى الرئيس محمود عباس تتطلب انشاء لجنة وطنية مهمتها النظر للجوانب المختلفة لعملية الإصلاح لدعم واسناد استقلال القضاء وسيادة القانون برؤية شمولية تعالج مواطن الخلل وتعيد الثقة بالجهاز القضائي لدى الجمهور وتحدد خارطة طريق لعملية الإصلاح. ولنزاهة عمل اللجنة وحيادية أعضائها ينبغي أن لا يكون أيا من أعضائها جزءا من أركان العدالة الحالية أو لديه مصلحة آنية أو مستقبلية أو طموحات بأن يكون جزءا من السلطة القضائية أو النيابة العامة مستقبلا. وذلك لكي لا يتحول النقاش في اللجنة من آليات دعم استقلال القضاء وسيادة القانون إلى صراع على الصلاحيات وتعزيز مكانة هذا القطب أو الطرف على حساب الأطراف الأخرى المكونة لأركان العدالة ومؤسساتها.

لا يتسع هذا المقال، بكل تأكيد، لطرح أو تحديد مهام اللجنة الوطنية أو شكلها أو توجيهها. لكن يرى صاحب هذا المقال، ويشاطره جمعٌ كبير في السلطة التنفيذية ومؤسسات المجتمع المدني، ان هناك فرصة متاحة لمعالجة جريئة للجهاز القضائي قائمة على إرادة الرئيس محمود عباس تضع حدا للاختلالات البنيوية والاشكاليات التي يعاني منها، وتعيد ثقة الجمهور بالجهاز القضائي ومن بعده السلطة الفلسطينية. وفي هذا السياق يمكن للجنة الوطنية، بالإضافة لعديد القضايا، تبني جوهر قانون السلطة القضائية لعام 2005 المذكور أعلاه كمدخلٍ للإصلاح القانوني، والنظر في منظومة القوانين الناظمة لعمل السلطة القضائية، واقتراح إجراءات التطهير وفق معالم واضحة ومحددة وأسس قانونية قائمة على العدل والانصاف، وإعادة النظر في بنية الجهاز القضائي، وبنية مجلس القضاء الأعلى وطريقة اختيار أعضاءه، وطريقة انتخاب/ تعيين رئيس المحكمة العليا، والفصل بين الدرجة والمسمى الوظيفي للقضاة.

شارك هذا الخبر!