الشريط الاخباري

" لا تفعل بعدوك من الأذى أكثر مما يتطلبه هدف الحرب"

نشر بتاريخ: 28-08-2017 | أفكار
News Main Image

بقلم/ د.حنا عيسى

أستاذ القانون الدولي

إن إدخال الروح الانسانية في الحرب تنظمه اتفاقيات جنيف المتعاقبة بدءاً من اتفاقية 1864 وانتهاء باتفاقيات 1949م .. لذا يطلق الحقوقيون الآن تعبير " قانون جنيف " على الجانب الانساني من قانون الحرب ، لانه يهتم بشكل عام بحماية الافراد وحقوقهم ولا يتعرض لحماية حقوق الدول إلا استثناء . ان المبدأ الاساسي لقانون جنيف هو " ان الاشخاص الذين لا يشتركون في أعمال العداء ، والاشخاص الذين اشتركو ووضعتهم الظروف خارج المعركة- بسبب الجرح او المرض او الأسر او الاستسلام - يجب حمايتهم واحترامهم ومعاملتهم بروح انسانية ، وتتم مساعدتهم والعناية بهم بصرف النظر عن أي اعتبار مبني على الجنسية او العرق او الدين او المعتقدات ، وبكلمة اخرى يمكن القول ان هذا المبدأ يستهدف حماية المدنيين والمسالمين وغير المقاتلين من أفات الحروب و أهوالها . ويتفرع عن هذا المبدأ الرئيسي عدد من المبادئ الثانوية أهمها : 1- مبدأ الحياة الطبيعية : ان الاشخاص المحميين يجب ان يتمكنوا من أن يتابعوا حياتهم بشكل طبيعي قدر الامكان ، ولا يجوز اعتقالهم او توقيفهم إلا لأسباب أمنية قاهرة وفي هذه الحالة يستفيدون من المعاملة المقدرة لأسرى الحرب ، ويجب إطلاق سراحهم بمجرد انقطاع حالة العداء أو زوال الاسباب التي دعت لتوقيفهم . 2- مبدأ الحياد : وينص هذا المبدأ على ان المساعدة الانسانية لا تشكل بتاتاً تدخلاً في النزاع المسلح الى جانب أحد الأطراف ، وعلى هذا لا يسمح بمعاقبة أي كان أو مضايقته بسبب تقديمه المساعدة الانسانية الى من يستحقها من الجرحى والمرضى حتى لو كانوا من مواطني العدو. 3- مبدأ الحصانة : لكل شخص الحق باحترام حياته وسلامته الجسمانية والاخلاقية ، ويتفرع عن ذلك: - ان الشخص الذ يسقط في المعركة يجب احترام جثمانه. - ان الجندي الذي يستسلم في المعركة يجب الحفاظ على حياته . - يمنع القيام بالتعذيب و إنزال العقوبات الغاشمه والمذلة . - لكل شخص الحق باحترام شرفه ومعتقداته وحقوقه العائلية . - لكل من يحتاج علاجاً بسبب الجرح أو المرض حق العناية التي تتطلبها حالته الصحية . 4 مبدأ الأمن : ينص أنه لكل شخص الحق بالشعور بالأمان بالنسبة لحياته . وينجم عن هذا المبدأ ما يلي : 1- لا يُسأل شخص عن عمل لم يقترفه ، ولذلك تُمنع العقوبات الجماعية ، وأعمال الثأر و أخد الرهائن . 2- يتمتع كل شخص بالضمانات القضائية المعترف بها من قبل الامم المتمدنة ( حق الاستعانة بمحام ، عدم وجود مفعول رجعي للقوانين الجزائية ، لا عقوبة بدون نص ..الخ ) . 5- مبدأ الحماية : على الدولة أن تؤمن حماية الاشخاص الذين يقعون تحت سيطرتهم وتلزم بحماتهم على النطاق الداخلي والدولي . وينجم عن هذا المبدأ أن أسرى الحرب لا يعتبرون تحت سلطة الوحدات التي أسرتهم وأنما تحت سلطة الحكومة التي تتبع لها هذه الوحدات ، وعلى هذه الحكومة مسؤولية الحفاظ على حياتهم وإطعامهم . وتلتزم بهذه الحماية نفسها تجاه السكان المدنيين في الاقاليم التي تحتلها من أرضي العدو. 6 - مبدأ عدم التفرقة : يجب معاملة الاشخاص المحميين على قدم المساواة وبدون أي تميز على الجنسية أو اللغة أو طبقية الاجتماعية أو الثروة او الاراء السياسية أو الفلسفية أو ما يماثل ذلك من أعتبارات : وينجم عن هذا المبدأ وجوب معاملة جرحى العدو بنفس الروح الانسانية التي يعامل بها جرحى جيش الصديق نفسه ، وتقديم طعام الى أسرى الحرب يماثل في الكمية والجودة الطعام الذي يُقدم الى العسكريين من نفس الرتب في جيش الحكومة التي أسرتهم . هذه هي المبادئ الستة التي تشكل أسس قانون جنيف بالاضافة الى القواعد العامة التي ينص عليها التصريح العالمي لحقوق الانسان وغيره من الاتفاقيات الانسانية . وأخيراً يمكن أنه بفضل قانون جنيف تغيرت الغاية من الحرب، بعد ان كانت الغاية من الحرب في الماضي إفناء أكبر عدد ممكن من قوات العدو أصبحت الآن غايتها إخراج أكبر عدد مكن من قواتها من ساحة المعركة بأكثر الوسائل إنسانية ، وبعد أن كان شعار الحرب " أحدث في عدوك كل ما تستطيع إحداثه فيه من أذى " أستبدل الأن بشعار" لا تفعل بعدوك من الأذى أكثر مما يتطلبه هدف الحرب" .

المقالة تعكس وجهة نظر الكاتب ولا تمثل وجهة نظر شبكة فلسطين الاخبارية PNN
 

شارك هذا الخبر!