الشريط الاخباري

ملامح الحل الإقليمي بدأت بالظهور

نشر بتاريخ: 05-09-2017 | أفكار
News Main Image

بقلم/ سمير عباهرة

لا زالت الولايات المتحدة الراعي الرئيسي لاتفاقيات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والمنفردة وحدها في وضع الحلول لم تبلور خطة لعملية السلام رغم مرور زمن كافي منذ ان تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالعمل على صنع صفقة "سلام تاريخية" بين الجانبين. ويعزى هذا التأخير في عدم اعلان الجانب الامريكي عن خطة سلام الى رفض إسرائيل الاستجابة الى مطالب الاسرة الدولية بقبول حل الدولتين ووقف الاستيطان، حتى أن الوفد الأميركي الذي زار البلاد مؤخرا والتقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس طلب من القيادة الفلسطينية إمهالهم ثلاثة الى أربعة أشهر لتقدم الإدارة الأميركية خطة سلام، في الوقت الذي استمع الوفد الامريكي للمطالب الفلسطينية بوضوح ولم يعطي اجابات واضحة ولم يؤيد او يعارض ايا من المطالب الفلسطينية بل ابقى الباب مفتوحا للاستمرار في الحوار وإجراء مزيدا من الاتصالات والمشاورات رغم ان الجانب الفلسطيني يؤكد في كل لقاء مع الجانب الامريكي على مبدأ حل الدولتين ووقف الاستيطان ولن يكون هناك تغيرا في الموقف الفلسطيني باعتبار حل الدولتين ووقف الاستيطان من اهم الثوابت الفلسطينية بل من اهم مرتكزات حل الصراع. وبعد انتهاء الوفد الامريكي من زيارته للمنطقة والعودة الى واشنطن اعلن مصدر مسئول في البيت الأبيض "أن الاجتماعات التي عقدها مبعوثو ترامب مع الفلسطينيين والإسرائيليين اظهرت أن مفتاح حل الصراع موجود في يد الدول العربية، وأضاف المصدر ان إدارة ترامب تفحص إمكانية انتهاج أساليب جديدة لإنهاء الصراع قائمة على محادثات مع ائتلاف عربي سني تضم السعودية والامارات ومصر والأردن". هذا السيناريو على ما يبدو انه تم الاعداد له في اروقة البيت الابيض قبيل وصول الوفد الامريكي الى المنطقة في جولته الاخيرة وان مهمة الوفد كانت التمهيد لبداية حل اقليمي وبدا ذلك واضحا من خلال المحادثات التي اجريت مع القيادة الفلسطينية وتنصل الادارة الامريكية من حل الدولتين حيث لم يأتي ذكر حل الدولتين على لسان الوفد الامريكي وعللت المتحدثة باسم الخارجية الامريكية وعضو الوفد هيذر نويرت ذلك قائلة : ان تبني الادارة الامريكية لحل الدولتين سيعتبر انحيازا لصالح الفلسطينيين من قبل الولايات ألمتحدة موضحة ان نتيجة المفاوضات يجب ان تكون قابلة للتطبيق على كلا الجانبين وهذا الموقف هو أفضل عرض لعدم التحيز لصالح طرف مقابل الطرف الاخر وللتأكيد على ان الاطراف يجب ان تعمل معا من خلال المفاوضات. جولة الوفد الامريكي الاخيرة والتي بدأها في بعض البلدان العربية مصر والسعودية والأردن وبحكم العلاقة الجيدة التي تربطهم مع الجانب الفلسطيني وتأثيرهم السياسي في المنطقة كان مؤشرا واضحا على جدية الموقف الامريكي بتحويل مسار عملية السلام من مفاوضات ثنائية مباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي الى حل اقليمي بإشراك دول المنطقة في عملية تؤدي في النهائية الى سلام مع اسرائيل ودون وضوح في الرؤيا الامريكية وربما تكون المحادثات التي اجراها الوفد الامريكي مع قادة هذه الدول تركزت حول هذا الشأن وبقيت في طي الكتمان. أي ان الولايات المتحدة اعادت الصراع من جديد الى عمقه العربي ورمي الكر في الملعب العربي وتحميلهم الجزء الأكبر من مسئولية إنهاء الصراع، لكن حسابات الولايات المتحدة ربما تصطدم بعقبات كثيرة اذ ان العرب سينطلقون مجددا في أي تسوية قادمة من مبادرة السلام العربية المنبثقة عن مؤتمر القمة العربية عام 2002 والتي تنص صراحة على استعداد عربي للتطبيع مع اسرائيل مقابل اعتراف اسرائيل بدولة فلسطينية وهنا نكون قد عدنا الى المربع الأول ألا وهو المطالبة بقيام دولة فلسطينيه ثم ان الموقف العربي لن يستطيع تجاوز الموقف الفلسطيني الذي سيصر على قيام دولة فلسطينية مستقلة مهما تعددت مسارات الحل وان أي سلام لا يوقع عليه الفلسطينيون سيبقى سلاما هشا لن يحل مشكلة الشرق الاوسط. التخبط لا زال يلازم السياسة الامريكية في ايجاد تسوية عادلة للصراع وهذا ناتج عن عدم قيام الولايات المتحدة بالضغط على اسرائيل للاستجابة لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي اذ ان ترك اسرائيل متحررة من الضغوط الدولية وعدم الزامها بالحل يعني انها ستبقى تتهرب من الاستحقاقات الدولية، ثم ان تجربة المسارات متعددة الأطراف لم تنجح في التوصل الى أي حل بخصوص القضية الفلسطينية على غرار ما جرى في مؤتمر مدريد وان فكرة المسارات المتعددة الاطراف التي انبثقت عن مؤتمر مدريد تأكد فشلها في ايجاد اي شكل من اشكال التسوية وهذا يقودنا الى الاعتقاد بان فرص نجاح الحل الاقليمي لا تبدو واقعية. نجاح فرص الحل بغض النظر عن مساراته تعتمد على الموقف الامريكي والإسرائيلي اكثر من اعتمادها على الموقف الفلسطيني والعربي اذ ان الجانب العربي والفلسطيني ابديا اهتماما واضحا للتوصل الى حل لكن الرفض الاسرائيلي وضعف الموقف الامريكي في الزام اسرائيل افشلا كافة الطرق للتوصل الى تسوية وان التسوية الاقليمية التي سعت لها اسرائيل سابقا ذات طابع اقتصادي يمكن اسرائيل من تسويق منتجاتها في الاسواق العربية. اسئلة كثيرة بحاجة الى اجابات واضحة حول الاسس التي سيقوم عليها الحل الاقليمي وشكل الكيان الفلسطيني وهل سيوفر الحل الإقليمي الأمن والأمان لإسرائيل كما تنشد الولايات المتحدة وتبقى الاشارة الى ان أي حل يتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني في عدم اقامة دولة مستقلة سيكون مصيره الفشل.

المقالة تعكس وجهة نظر الكاتب وليس بالضرورة أن تعكس وجهة نظر شبكة فلسطين الاخبارية PNN

شارك هذا الخبر!