الشريط الاخباري

نميمة البلد: ضعف المجتمع المدني... وهيمنة الحكومة

نشر بتاريخ: 29-09-2017 | أفكار
News Main Image

جهاد حرب أثبتت السنوات الاحد عشر الماضية مدى ضعف مؤسسات المجتمع المدني في مواجهة سياسات الحكومات المتعاقبة لفرض هيمنتها على المجتمع وإخضاع المنظمات الاهلية تارة تحت حراب الصراع الداخلي "الانقسام" لتصفية نفوذ الخصوم في الضفة الغربية وقطاع غزة، أو في الصراع الداخلي للنظام ذاته لفرض الهيمنة على المؤسسات أو الحصول على منافع لأشخاص على أطراف أو هوامش بعض المسؤولين أو النظام وكذلك في الصراع الدائر على تصفية مكانة بعض الأشخاص تارة ثانية. وكأن مؤسسات المجتمع المدني لا يعينها التأثيرات المتضمنة فيها على الحقوق أو الحفاظ على استقلالية حتى مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني ذاتها. لم تتصدَ هذه المنظمات لأفعال الحكومة وفرض سطوتها أو تغولها على المجتمع، حيث تبنت أغلب هذه المنظمات أو المؤسسات شعارات دفينة؛ وكأنها تقول فالتُدمر مؤسسة الحكم ذاتها بما أنها ليست من دم هذه المؤسسات أو لا تنتمي اليها بالأصل، أو ما دامت الإجراءات الحكومية لن تصيب هذه المؤسسة أو ذاك التجمع؛ فلا داعي للانخراط في صراع أو مقاومة لهذا الاجراء بمعنى انطباق المثل التونسي "خاطي راسي"، أو تصدر بيانا أو تشارك في التوقيع على بيان يظهر عدم قانونية هذا الاجراء أو ذاك في أحسن الأحوال، أو تخضع لإجراءات الحكومة وان كان ذلك على حساب استقلاليتها ما دامت تستطيع الوصول أو تتمكن من الحصول على مرادها للبقاء على ذاتها أو على مصادر تمويلها. يمثل خضوع بعض مؤسسات المجتمع المدني، والعريقة منها على وجه الخصوص، لقرار الحكومة فيما يتعلق بالشركات غير الربحية نموذجا في قبولها التخلي عن استقلاليتها، ووقوعها في صدمة تدمير المؤسسة لذاتها، للصراع القائم آنذاك بين أقطاب الحكم، دون إدراك لهيمنة السلطة الحكومية على المجال الخاص بمؤسسات المجتمع المدني والادهى من ذلك فقد تغافلت منظمات المجتمع المدني عن المثل القائل "أكلت يوم أكل الثور الأبيض". مثلت كل الأفعال التي تمت الإشارة اليها آنفا مدى ضعف المجتمع المدني الفلسطيني في السنوات الماضية وجنوحها نحو المهادنة أو التخلي عن دورها المحوري والجوهري في الدفاع عن المبادئ الأساسية القائم عليها هذا المجال والمتمثل باحترام الحقوق وتوسيع مجالات العمل وتوفير منافد أو مداخل إضافية لخدمة المجتمع باستقلالية أو دون هيمنة النظام السياسي عليه. في ظني، أن حالة عدم التوازن التي لحقت بالمجتمع المدني التي صاحبت الانقسام الفلسطيني عام 2007 قد زالت مخاوفها في ظل الآمال المعقودة لإنهاء الانقسام هذه الأيام رغ التفاؤل المحدود. ما يدعو مؤسسات المجتمع المدني الى النظر بعمق لأسس وجودها ومجالات عملها لتحقيق أهدافها في تصويب العمل الحكومي، والمساعدة في رسم السياسات الوطنية والحكومية، وخلق التوازن ما بين المجتمع والسلطة الحاكمة ودون ذلك تفقد هذه المؤسسات حقها بالوجود أو ان تكون قادرة على تأدية دورها في هذا الحقل. إن استعادة مؤسسات المجتمع المدني لقوتها أو ومكانتها في المجتمع، وبغض النظر عن الحكومة القادمة، يستدعي إعادة النظر في أدوات عملها لتصويب الاختلالات التي اصابتها في عشرية الانقسام المشؤوم، لوقف هيمنة الحكومة أو الحد من هذه الهيمنة على الأقل والحفاظ على مبدأ استقلاليتها بالاساس.

شارك هذا الخبر!