الشريط الاخباري

النأي بالنفس بقلم : حمدي فراج

نشر بتاريخ: 24-11-2017 | أفكار
News Main Image

منذ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية قبل اثنتين وخمسين سنة ، كمشروع لتحرير فلسطين النكبوية – لم تكن النكسوية قد حلت بعد – رفعت شعار "عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى" ، فهمنا ان التحرير سيطول انتظاره ، فالشؤون الداخلية للدول الاخرى وبالتحديد العربية منها ، هي شؤون الجماهير العربية ومشاكلها السرمدية مع الانظمة التي تحكمها ، الحريات ، الفقر ، الجوع ، البطالة ، الديمقراطية ، الحقوق الاساسية ، الانتخابات ، الاحزاب ، تداول السلطة ، وبالطبع تحرير فلسطين . وقد اثار ذاك الشعار ، خلافات حادة مع بعض فصائل اليسار وعلى رأسها الجبهة الشعبية التي كان لها صيت رائج أنذاك ، والتي رفعت شعار تحديد معسكر الاعداء متمثلا في الامبريالية العالمية والصهيونية العنصرية والرجعية العربية ، فكيف بالتالي يمكن التوفيق بين الشعارين في وقت واحد ، بل ان الجبهة كامتداد لحركة القوميين العرب عمدت الى تشكيل جبهات شعبية في ظفار وعدن والبحرين والساقية الحمراء .

اليوم يعاد تدوير الشعار بكلمات اخرى "النأي بالنفس" ، تصدح به حناجر المسؤولين في سلطة رام الله وسلطة غزة ازاء ما تشهده المنطقة من اصطفافات ومحاور بين معسكري السعودية وايران ، او ما تطلق عليه دوائر الاستعمار القديم / الجديد ، معسكر السنة والشيعة .

كيف يمكن النأي بالنفس عن اصطفافات وصراعات تحولت الى حروب مباشرة امتدت لسنوات وطالت اكثر من قطر عربي ودمرت مقدرات أمة ؟

وهل يضمن النائي بنفسه عن هذه الصراعات ان لا تمتد الى عقر بيته وفق المأثور الشعبي "رضينا بالهم والهم مش راضي بنا" ، وهل حقا يستطيع هذا النائي ان يلتزم بالوسطية او ما يمكن ان يتسمى بالحياد ؟ هل استطاعت السلطة الفلسطينية ان لا تكون جزءا من حلف السعودية في شن الحرب على اليمن قبل ما يزيد على سنتين ونصف ، وهل استطاعت جامعة الدول العربية بأكملها ان تقف موقفا وسطيا بين السعودية وايران ، وهل استطاعت ان تحول دون اعتماد حزب الله منظمة ارهابية وهل حمت سعد الحريري من احتجازه في الرياض وتقديم استقالته من رئاسة الحكومة ، وعشرات الاسئلة الاخرى التي لا يتسع المجال لذكرها هنا .

لكن المسألة الاكثر اهمية وملحاحية ، هي كيف يمكن ان تنأى بنفسك عن مشاكل الاخرين ، وانت نفسك في حاجة ماسة ان يقف الاخرون الى جانبك لحل مشكلتك المستعصية ، كيف يمكن حشدهم وتجنيدهم الى جانب قضيتك ، في حين تنأى بنفسك عن مساعدتهم في حل مشاكلهم ، ستقول ان قضيتك عادلة ، ودعمها واجب وطني وعروبي واسلامي وانساني واخلاقي ، وماذا عن قضية اليمن ، ألا يعتبرها اصحابها قضية عادلة ، اي منطق يقبل ان يموت الابرياء في القصف اليومي ويتفشى الجوع والمرض الفتاك جراء الحصار ، هل يحق لغزة ان تطلب من يساعدها لفك حصارها الصهيوني في حين نراها تدعم حصار اليمن ؟؟؟؟

شارك هذا الخبر!