الشريط الاخباري

قصر النظر يعمي البصر

نشر بتاريخ: 15-12-2017 | متفرقات
News Main Image

بقلم : حمدي فراج ليست معركة القدس التي يخوضها ابناء الشعب الفلسطيني اليوم أكثر أهمية من معركة الاسرى التي خاضها قرابة ألف وخمسمائة اسير فلسطيني في نيسان الماضي لمدة اربعين يوما ، ورأينا كيف أجهضت من قبل اصحابها وحتى من قبل من شارك فيها من الاسرى انفسهم ، يومها وقف احد القياديين المخضرمين يقول ان مروان البرغوثي لا يمثل كل الاسرى البالغ عددهم الكلي خمسة الاف أسير . لم يدرك هؤلاء من الذين وقفوا ضد ذاك الاضراب كم كان مهما ان ينتصر السجين على السجان ، ولكن بعد نحو شهرين من انتهاء معركتهم التي خاضوها وحدهم تقريبا بجوعهم وامعائهم الخاوية ، اندلعت معركة الاقصى بعد قرار حكومة نتنياهو باقامة البوابات الالكترونية وتركيب الكاميرات الذكية ، عقب عملية ام الفحم "3 محمد جبارين" التي سرعان ما استنكرتها السلطة رغم انها ليست مسؤولة رسميا لا عن ام الفحم ولا عن الاقصى . وانتصر المقدسيون وحدهم في معركتهم بدون العرب وبدون المسلمين ، وعلى مدار اسبوعين واصلوا الليل بالنهار في الصلاة على الاسفلت ، ولولا مسارعة اسرائيل للاستجابة الى مطالبهم لكانت هبتهم قد تجاوزت البوابات والكاميرات الى ما هو ابعد من ذلك بكثير ، لكانوا قد حالوا دون ان يقدم هذا الترامب الهائج المائج من ان يأتي بعد نحو ثلاثة أشهر ليهدي القدس كلها عاصمة لاسرائيل . ينتاب الكثيرون بعد نحو عشرة ايام على اعلان ترامب ان القدس بمعناها الضيق ، هي معركة خاسرة ، فالقدس ليست المسجد الاقصى وكنيسة القيامة فقط ، وهي إن كانت كذلك فلسوف تحصل السلطة عليها من خلال العاصمة الجديدة ابو ديس وممر بسجاد أحمر يقود اليهما ويعبره الزعماء العرب بصحبة القيادة الفلسطينية وبقية امراء الفصائل وسيكون اول المصلين ولي عهد السعودية بعد ان يصبح ملكا لخمسين سنة قادمة ، على اعتبار انه في مطلع ثلاثينيات عمره . القدس هي التاريخ الانساني قبل التاريخ الديني بالاف السنين ، وهي التاريخ الديني للديانات السماوية الثلاث التي جاءت لكي تضفي على الانسان المزيد من انسانيته وحريته وعدم احترابه واقامة علاقته مع ربه تحت قبة سمائها كنيسا وكنيسة ومسجدا ، ألم تحاول شريعة حمورابي وضع حد للمعتدين بغض النظر عن جنسياتهم ومعتقداتهم ، ألم تسهم حضارة الكتابة "المسمارية" في حمل اول قلم في التاريخ كي يكتب الناس ويقرأون ما انزله الله على رسله وانبيائه ، ألم يشيد الناس مدائن عظيمة كحدائق بابل المعلقة "بابل تعني باب ايل ، الاله الكنعاني الاشهر" والتي ما زالت تعد احدى عجائب الدنيا السبع ؟ ولكن بالمقابل ، ألم يقم الاشرار باسم الله بمحاولات ردمها كما يحدث اليوم في سوريا والعراق ؟ وماذا تفعل اسرائيل في المنطقة منذ سبعين سنة باسم الله ؟ ألم تحتفل بريطانيا العظمى الشهر الفائت بمئوية وعد بلفور لاقامة مثل هذه الدولة فيأتي رئيس امريكا الاسبوع الفائت ليعلن القدس كلها عاصمة ابدية لها ؟ كان يجب دعم معركة الاسرى وقبلها دعم الانتفاضة الثالثة التي شهدت سقوط نحو اربعمائة شهيد معظمهم من طلاب المدارس الذين تركوا وحدهم مع حقائبهم المدرسية التي اخضعت للتفتيش الوطني بحثا عن "سكينة فواكه" .

شارك هذا الخبر!