الشريط الاخباري

نميمة البلد: المجلس المركزي القادم.... وعملية نابلس خطأ كبير

نشر بتاريخ: 12-01-2018 | أفكار
News Main Image

جهاد حرب

(1) المجلس المركزي القادم

لم أكن أنتوي الكتابة عن انعقاد المجلس المركزي في الأيام القادمة، اعتقادا مني أن الضرب في الميت حرام" وهو مثل شعبي لا يقصد المعني الحرفي للكلمة بل المعنى المجازي؛ وهنا ليس المقصود ضرب الميت، ولكن المقصود هنا الحي الميت معنويا الذي انعدمت فائدته ولا فائدة من بعث الروح فيه رغم ذلك نحن سنستمر بالضرب لعل الميت يكون فاقد الوعي ويصحو.

في المقابل الإبقاء على المؤسسات حاجة سياسية على الرغم من اهتزاز شرعيتها وجدل حول قانونيتها. لكن ما دعاني للكتابة هو جدول أعمال الجلسة القادمة الكبير والعميق من ناحية والتصريحات النارية التي يطلقها بعض القادة المؤثرين أو النافذين في المجلس المركزي وفي البلاد من ناحية ثانية.

وهي تُوهم المواطنين أو تضعهم على أهبة الاستعداد لاتخاذ قرارات "مصيرية على حد قولهم" تصل حد تغيير المسار أو الانقلاب عليه وتغيير قواعد اللعبة السياسية مع الأطراف المختلفة الإقليمية والدولية. وفي ظني أن المجلس المركزي بتركيبته وطبيعته الحالية غير قادر على القيام بهكذا أمر، أو هو أعجز من ذلك. فالمجالس التمثيلية الحية تداوم على الانعقاد ولا تغيب لفترات طويلة، وتلتصق بالجمهور مصدر شرعيتها ولا تفقد الصلة مع الواقع، وتناقش تفاصيل الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وتقرر فيها ولا تكتفي بالحديث في السياسة "بالمعنى الضيق".

الخوق اليوم أن يكون انعقاد المجلس مجرد وسيلة لتهديد الآخر أو للحصول على قرارات مصيرية لا تُطبق كسابقاتها أو استصدار قرارات بلغةٍ شرطية، وهي طريقة ألفها الأعداء قبل الاحباء ما يُفقد مكانة المجلس المتبقية، إن وجدت. شخصيا ما زلت حالما لكن لست واهما كسياسيي بلادي ولست واقعيا حد الاستسلام كبعضهم؛ فمن يريد أن يخوض معركة "مصيرية" عليه أن يفحص أرض المعركة ويتفقد جنوده ويضع شروط الانتصار بخطط مستجيبة الى وقادرة على تعظيم عناصر القوة وتفتح الآفاق للعمل الشعبي. وتُحسن الأداء أمام شعبها فلا تصدر تشريعات وقوانين ذات نفس استبدادي كقانون الجرائم الالكترونية ومحكمة الجنايات الكبرى، ولا تقمع الحريات العامة باعتقال مناضلي حرية التعبير كجهاد عبده أو الصحفيين كجهاد بركات والقائمة تطول. ولا تضييق الخناق على العمل الأهلي والنقابات ولا تصعّب الحياة الاقتصادية على المواطنين.

وهي بذلك القيادة الفلسطينية لم تلتفت لقوة الدفع الرئيسية "الشعب الفلسطيني"، ولم تقدم له النموذج "الرمز" أو تلتحم بالجماهير، ولم تقم بالعناية الواجبة لسير الجماهير خلفها وهي نقطة الضعف المركزية في الجهد الفلسطيني على مدار الخمسة والعشرين عاما الأخيرة. الذهاب إلى هكذا المعركة بمحطاتها المختلفة والمتعددة تحتاج الى قيادة شجاعة وشعب قوي صابر والثانية لا خاب ظن أحدٍ فيها.

(2) عملية نابلس خطأ كبير

لا أحد يستطيع أن يدين أو يستنكر عملية إطلاق النار التي أدت الى مقتل أحد المستعمرين في منطقة نابلس، وهو أمر غير مطلوب وغير مرغوب أيضا. في المقابل لم يجرأ أيا من القيادات السياسية الحديث عن تصويب هذا العمل، واكتفوا بإلقاء اللائمة على الاحتلال؛ وهي أسهل الطرق للهروب من واجباتهم.

لكن نقاش العمل النضالي أو وسائل النضال تبقى مفتوحة على مصراعيها للوصول الى أجندة نضالية واضحة المعالم تحدد الوسائل والأدوات القادرة على توحيد الجهود في المعركة الوطنية دون تفرد أو ترهيب أو تخوين أو حتى تكفير. خوض المعركة هذه تحتاج الى توضيح الطرق والمسارات؛ خاصة أن المقاومة الشعبية "قوة الدفع الرئيسية" طويلة الأمد تفترض الصبر والابداع في الوسائل في ظل عنجهية الاحتلال وهمجيته، وفي ظل صراع ارادات، أي صراع محتدم لكل طرف على كسب التأييد الداخلي والخارجي وفي الطرف الآخر أيضا.

هذا الامر يحتاج أولا: تعزيز التحرك الشعبي القادر على زيادة عدد المشاركين في المسيرات والتجمعات الاحتجاجية والتي تحتاج بذاتها إلى التنظيم والتأطير كي تصبح منهج حياة للفلسطينيين، وإلى انتهاج وسائل وأدوات عمل تتناسب مع ظروف وخصوصية كل منطقة؛ بحيث تبدع كل منطقة وسائلها وأدواتها النضالية في إطار المواجهة. وثانيا: تعميق التضامن الدولي مع نضال الشعب الفلسطيني بغاية زيادة حدة المواقف الدولية في مواجهة السياسات الإسرائيلية ومكانة إسرائيل في المجتمع الدولي. وثالثا: عدم منح الحكومة الإسرائيلية القدرة على حرف الأنظار عن القضية المركزية اليوم "التصفية الأميركية للقضية الفلسطينية".

وفق هذه المعايير وفي اللحظة التاريخية الحالية تعد عملية إطلاق النار الأخيرة خطا كبيرا، كما هو الحال مع إطلاق الصواريخ من قطاع غزة والعمليات الفردية كالطعن أو الدهس أو العمليات التفجيرية. بكل تأكيد هذا لا يعني الغاء أي وسيلة أو أداة نضالية بقدر الاتفاق على الوسيلة المناسبة للمرحلة النضالية.

شارك هذا الخبر!