الشريط الاخباري

كيف ادخل المدينة دون أن أراك؟

نشر بتاريخ: 28-01-2018 | أفكار
News Main Image

بقلم/ عيسى قراقع رئيس هيئة شؤون الاسرى والمحررين

تحل الذكرى السنوية الاولى لرحيل الحاج عبد الرحيم عبد المحسن سكافي ابو العبد المناضل والاسير السابق ووالد الشهداء والاسرى ورئيس لجنة اهالي الاسرى في الخليل والذي ترك فراغا في المكان والزمان ليربكنا في رحيله كما كان يربكنا في حياته الطافحة بالحياة.

ابو العبد السكافي صديق الفدائيين والمناضلين منذ بداية الاحتلال وانطلاقة الثورة الفلسطينية ، تنقل معهم في البراري والوديان والجبال، حمل لهم الامان والطعام، نام في مخابئهم في الكروم وبين تلال وجبال مدينة الخليل.

كل دالية تعرف ابو العبد سكافي، وكل صخرة وشجرة ونسمة هواء، ينساب في الذكريات وهو يسير خطوة خطوة في التاريخ الحافل بالاسماء والاحداث، وهو لازال يحمل آثار شظايا طلقات الرصاص على جسده عندما اصيب علم 1969 على يد قوات الاحتلال الذي اعتقد انه يصارع الموت فوضعه في غرفة مغلقة داخل مستشفى عالية بالخليل تحت حراسة مشددة.

عاش ابو العبد السكافي بقوة الايمان والرجاء، تغلب على الموت والجروح العميقة بإرادة الحياة، فرضت عليه الاقامة الجبرية بعد خروجه من المستشفى ليواصل مشوار رحلته الكفاحية بعزيمة رجل نجا من الموت باعجوبة.

ظل ابو العبد واسرته هدفا للاحتلال، فقد زج كافة ابنائه داخل السجون، ولا زال اثنين من اولاده يقبعان في السجن: يوسف المحكوم اربع مؤبدات وعلاء المحكوم بالمؤبد منذ عام 2004 ، وسقط حفيده الصغير احمد 15 سنة شهيدا على يد قوات الاحتلال عندما طرزت جسده رصاصات المحتلين ومزقته إحدى القذائف وتركت جثته نهشا لكلابهم المتوحشة.

فقد ابو العبد السكافي حفيدته الطفلة عبير ابنة ولده الاسير يوسف، بعد ان تدهور وضعها الصحي خلال زيارتها لوالدها، ولم تحتمل ان ترى ابيها خلف القضبان، دخلت في حالة عصبية وهي تصرخ على شبك الزيارة ابي ابي، وظلت تنادي عليه الى ان سقطت شهيدة. ابو العبد السكافي الظل العالي المملوء بحب الناس، رئيس لجنة أهالي الاسرى في محافظة الخليل، رجل الاصلاح والراوي والشاهد على النكبات والبطولات ، صوت المعذبين والفقراء ، رمز الصمود الذي تراه في كل بيت وخيمة وجنازة وفرح لا يغادر ولا يغيب.

والدي الكبير الراحل ابو العبد : كيف ادخل مدينة الخليل دون ان اراك؟ وتكون معي في زيارتنا للعائلات، وتكون معي في مقر الصليب الاحمر والمسيرات، اسمع صوتك، صوت الامل والحب، صوت المدينة العريقة الضاربة جذورها في اعماق التاريخ منذ ان وصلها الانبياء.

كيف ادخل المدينة دون ان اراك ؟ هنا في الصلاة في الحرم الابراهيمي ، وهنا في البلدة القديمة تتحدى المستوطنين والحصار وتفتح نوافذ البيوت كلها على النهار والساحات والحجارة والسماء.

كيف اخل المدينة دون ان اراك؟ اسمع القدس تنتفض بين يديك وتغتسل بالصلاة وآيات الرحمن، اسمعك تخاطب الناس يوم الجمعة قائلا: ان الرئيس الامريكي ترامب لن يستطيع اطعام الاحتلال لشعب جائع للحرية والكرامة، لا مقايضة ولا مساومة على القدس درة التاج، عاصمة الشهداء.

ابو العبد السكافي كيف ادخل المدينة دون ان أراك؟ لأرى فيك آلاف الاسرى القابعين في السجون، ارى فيك الايادي المكبلة تفل الحديد، صوت الجوع يتحدى الركوع، شمسهم المطلة بين عينيك، ترابهم المقدس بين يديك، يشعلون الحناجر، يصعدون فوق الاسلاك ومن البرد والظلمة القارسة، الزنازين لم تعد اضرحة.

ابو العبد السكافي، كيف ادخل المدينة دون ان اراك ؟ أنت الجنوبي الفلسطيني الجبلي الذي يشتهي ان يلاقي اثنين : الحرية الشاملة و اوجه اسرانا الغائبة.

المقالة تعكس وجهة نظر الكاتب، وليس بالضرورة ان تمثل وجهة نظر شبكة فلسطين الاخبارية PNN 

شارك هذا الخبر!