الشريط الاخباري

ما بين مسيرات العودة والمجلس الوطني

نشر بتاريخ: 27-04-2018 | أفكار
News Main Image

بقلم : حمدي فراج منذ شهر تقريبا ، تنشدّ افئدة الناس نحو مسيرات العودة في غزة ، في كل يوم جمعة يخرج الناس بالالاف من جميع الاطياف السياسية والاجتماعية والعمرية ، يقضون صباحات ربيعية في خيام رمزية اقيمت خصيصا بمناسبة مرور سبعين عاما على نكبتهم ، اقلية قليلة بقيت على قيد الحياة ممن عايشت الخيمة ، عايشتها بمعنى انها عاشت فيها ، صيفا وشتاء ، لعدة سنوات وصلت الى حوالي عشر سنوات كما حصل مع اسرتي التي انحدرت منها ، كثيرون ماتوا تحت وطأة زمهرير الخيمة ، وخاصة الاطفال ، دراسات قليلة عرضت لشيء من هذا القبيل ، لكن هناك من سجل ان طفلا واحدا على الاقل قد قضى تحت كل خيمة ، ومن بينهم اخي "عرفات" التي قالت امي انه قد بدأ يحبو . شكلت المسيرة حالة من الصدمة للعدو ، أدخلته في دائرة جديدة من "إعادة الحساب" حول قضايا استراتيجية ، كاد ان يطويها ويضعها في درج النسيان ، مستندا في ذلك على مقولات خاطئة ، من على شاكلة الكبار يموتون والصغار ينسون ، وانهم خلال السبعين سنة الماضية اعتمدوا على قوة عسكرية مهولة وعلى اسطورة جيشهم الذي لا يقهر ، وكأنه جيش الهي قادم الينا من السماء ، لكن الذي "طبش الميزان" كما يقال هو ما اطلق عليه صفقة القرن ، حيث قرر الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب ان يمنح القدس كلها عاصمة موحدة ابدية للدولة اليهودية ، صفقة القرن هذه ما كانت لتكون "طبش الميزان" لو لم تلق قبولا عربيا وازنا ، ليتقرر على هديها اعلان برنامج التنفيذ ، تفاصيل الصفقة يعلن عنها في آذار ، لكنهم على ما يبدو ارجأوا الاعلان ، نقل السفارة الى القدس في ذكرى اعلان "الاستقلال" بحضور ترامب نفسه ، ثم الاستغناء عنه بحضور وزير خارجيته الجديد . الصدمة التي اصابت العدو ، ضربت في اعماق مكوناته الروحية والوجدانية ، من انه بعد سبعين سنة ، يخرج علينا هؤلاء باجسادهم العارية واصوات حناجرهم وكاوتشوك عجلاتهم وورق طائراتهم ليقولوا لنا "نحن هنا وانتم هناك" ، يهتدي هؤلاء بمن فيهم حركات دينية استظلت برموز عالمية غير مسلمة : نيلسون مانديلا من اقاصي افريقيا والمهاتما غاندي من عمق آسيا ومارتن لوثر كينغ من قلب امريكا ، توجوا نضالاتهم التي استمرت مئات السنين بالنصر المبين ، يبدد هؤلاء فرحة الاندماج بمحيطات عربية جديدة مزعومة وعدهم بها زعيم تلاحقه تهم الفساد وخيانة الامانة حتى من اهل بيته ، فهي الصدمة ، التي شكلت في الوقت نفسه ، حالة انبهار واعجاب لدى جماهير الامة بل لدى احرار العالم في كل مكان . عقد المجلس الوطني في رام الله او غزة او بيروت ، توحيديا كان او تفسيخيا او توفيقيا ، لن يحرف افئدة الجماهير ولا انظارها عن مسيرات العودة في جمعتها الخامسة و السادسة والعاشرة . فهذا نضال طويل يمتد الى الخيمة قبل سبعين سنة .

شارك هذا الخبر!