الشريط الاخباري

نكبات في احشاء النكبة

نشر بتاريخ: 18-05-2018 | أفكار
News Main Image

بقلم : حمدي فراج ما كان يمكن لاجدادنا وآبائنا لو ظلوا على قيد الحياة ان يظلوا على قيد الحياة وهم يروا ستين شهيدا يصرعهم رصاص الصهيونية امام عشرات ومئات كاميرات العالم ، لم يكن انذاك في قرية كالتي هجرت منها عائلتي "زكريا" كاميرا واحدة توثق نقل ملكيتها من الانتداب البريطاني الى الدولة الجديدة . وهم يروا حصار غزة يستمر ويتواصل عشر سنوات ، يمتد ويتعاضد من اسرائيل الى دول عربية الى اوساط في منظمة التحرير التي رفعت شعار عودة اللاجئين وتحرير فلسطين قبل حتى ان تقوم اسرائيل باحتلال الضفة وغزة والقدس وسيناء والجولان ، حتى بدى في لحظة انها تفرض بدورها عقوبات على غزة ، وترفض عرض ايران تقديم مساعدات نقدية لذوي الشهداء والجرحى ، بعد ان اصبحت بقدرة قادر العدو الاول للعرب وللفلسطينيين بدلا من اسرائيل التي اصبحت فلسطين وطنها يحق لها اقامة دولتها على جزء منها ، وكأنها ، اسرائيل ، لم تكن قائمة على الجزء الاكبر منها طوال السبعين سنة الماضية ، او كانها كانت قائمة في السماء ، والان يريدونها ان تنزل على الارض . ثم الموافقة الواضحة على منحها كل القدس عاصمة ابدية لها ، ويصبح من حقها ان تدافع عن نفسها ازاء ما يتهددها ومن يتهددها ، بما في ذلك قصف سوريا وقتل ستين "ارهابيا" فلسطينيا في يوم واحد . الذكرى السنوية السبعون على تلك النكبة ، حملت في احشائها نكبات صغيرة عديدة اخرى ، قادرة كل واحدة منها إذا ما قدر لها ان تعيش بضعة عقود اخرى ان تتوالد نكبات اخرى واخرى ، ولكنها في نفس الوقت قادرة ان تشكل نقطة ارتكاز نوعية امام القيادة الفلسطينية بكل اطيافها المؤثرة لمغادرة مربع الوهم الذي عاقرته خلال العقود الثلاثة الاخيرة ، من ان اسرائيل ليست الا ضلعا واحدا في مثلث اعدائنا ، وان الاخوة العربية ليست مقتصرة على اخوة الدم القبلي الغارق في مستنقعات التخلف والتبعية لرأس الافعى المتمثل في الولايات المتحدة الامريكية التي وجهت مؤخرا ما اطلق عليه صفعة القرن ، والتي بالضرورة لن تكون آخر الصفعات . إن السيناريو التي تناقلته وسائل الاعلام بين مسؤول امني مصري وقيادة حماس مؤخرا ، يلخص بعض من نماذج الصفعات ، حتى لو تم ارسال مروحية لاحضارها ، فالصفعة هنا تتعدى ذاتها الى صفع البرنامج النضالي المعد منذ شهرين على المناطق الحدودية ، وصفع الاتفاق الموقع مع كل الفصائل والهيئات الوازنة ، وصفع الجماهير في حلمها وهمتها وحتى تضحياتها ، فبعد ان كانوا يعدون للمسيرة المليونية في ذكرى النكبة ، قيل انه لم يتعد بضعة مئات . لكن التضحيات التي وصلت الى اكثر من ستين شهيدا في يوم واحد ، لم تكن لتشكل صفعة الا للاحتلال و حماته واعوانه .

شارك هذا الخبر!