الشريط الاخباري

القدس: حسم الانتخابات لرئاسة البلدية بأيدي المستوطنين المتطرفين

نشر بتاريخ: 20-08-2018 | PNN مختارات
News Main Image

تجري في الثلاثين من تشرين الأول/أكتوبر المقبل انتخابات السلطات المحلية في البلاد، وتعتبر الانتخابات على رئاسة بلدية القدس واحدة من أكثر المعارك أهمية. ليس لأن هوية رئيس البلدية الجديد مهمة بالنسبة لتعامل البلدية مع القدس المحتلة، أو لأنه سيعمل على تصعيد الاستيطان أم لا، أو تشديد سياسة البلدية ضد الفلسطينيين في المدينة. فهذه الأمورة ليست ضمن المواضيع المدرجة في برامج المرشحين. بل أن جميع المرشحين معروفون بصهيونيتهم وتأييدهم لاحتلال القدس في العام 1967 و"توحيد" المدينة. والمطروح على أجندة هذه الانتخابات هو ترسيخ الطابع الحريدي أو العلماني في القدس، وهل سيسمح بفتح مصالح تجارية في أيام السبت أم لا، وكيف سيتم لجم هجرة اليهود العلمانيين من المدينة، وحجم الميزانيات والدعم للمؤسسات الحريدية .

المرشحون لرئاسة البلدية

يتنافس ثمانية مرشحين على رئاسة بلدية القدس، ما يجعل المنافسة شديدة، والأهم من ذلك أنه يصعب كثيرا، في هذه المرحلة، الحديث عن مرشح أوفر حظا للفوز برئاسة البلدية. كذلك يوجد أكثر من مرشح يمكن أن يستأثر بأصوات فئات في المدينة. وفي هذه الأجواء، تحدثت صحيفة "كول هَعير" المحلية عن احتمال إبرام صفقات بين مرشحين ينتج عنها خروج مرشحين من السباق ودعم مرشح آخر مقابل الحصول على منصب رفيع في البلدية أو من أجل تحقيق مصالح أخرى في حال فوز المرشح الذي دعمه، أو من أجل توحيد القوى والمعسكرات. وقالت الصحيفة أن أحاديث كهذه بدأت تدور، منذ شهرين على الأقل. وتجري محادثات حول ذلك من وراء الكواليس.

والمرشحون لرئاسة البلدية هم:

*زئيف إلكين (47 عاما)، وزير حماية البيئة و"القدس والتراث".

*عوفر بركوفيتش (35 عاما)، "هِتعوريروت يروشالايم" (صحوة القدس).

*يوسي دايتش (50 عاما)، حريدي ويتولى منصب القائم بأعمال رئيس بلدية القدس.

*موشيه ليئون (56 عاما)، مقرب من وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، ووزير الداخلية ورئيس حزب شاس، أرييه درعي، وكاد يتغلب في الانتخابات السابقة على رئيس البلدية، نير بركات.

*راحيل عزاريا (40 عاما)، نائبة رئيس البلدية، ويرأس حركة "يروشالايم" (القدس).

*المحامي يوسي حافيليو، أشغل في الماضي منصب المستشار القضائي للبلدية ويعتبر "الوجه الليبرالي في الانتخابات".

*حاييم إبشتاين، عضو مجلس بلدية القدس وينتمي "الجناح الأورشالمي"، وهو الجناح الراديكالي في التيار الحريدي الليتواني. وترشيحه يشكل خطرا على خطة دايتش بالحصول على دعم الحريديين في المدينة.

*آفي سلمان، مستشار سابق لبركات.

الصهيونية الدينية ضد الحريديين

أفاد تقرير نشرته صحيفة "هآرتس" اليوم، الأحد، بأن صراع القوى بين المرشحين معقد جدا، ولكن التيار الصهيوني الديني هو "بيضة القبان" بين الحريديين والعلمانيين، ويمسكون بأيديهم زمام الأمور في الانتخابات. "وهذا الوضع ضع المتنافسين أمام صعوبة كبيرة، فهذا جمهور متنوع جدا، من اليمين المتطرف الكهاني (نسبة للحاخام الفاشي المأفون مئير كهانا) وحتى المتدينين الليبراليين، الذين شارك الكثيرون منهم في مسيرة المثليين في المدينة قبل أسبوعين، ويصعب التحدث مع هذا الجمهور بصوت واحد". ولفتت الصحيفة إلى أنه في معركتي الانتخابات السابقتين تمكن رئيس البلدية، نير بركات، من إقامة حلف مع الصهيونية الدينية والحفاظ عليه، ما ضمن له الفوز.

ولفهم أداء وموقف الصهيونية الدينية في هذه الانتخابات البلدية، ينبغي الالتفات إلى حملة حزب "البيت اليهودي"، الممثل الأبرز للصهيونية الدينية، بقيادة ممثلة هذا الحزب في البلدية، وهي نائبة رئيس البلدية حاغيت موشيه. وقد أثارت هذه الحملة ضجة، إذ يظهر في لافتات في شوارع المدينة صور ثلاثة مرشحين، هم ليئون وبيركوفيتش وإلكين، بصورة حريديين من حيث لباسهم وسوالفهم، على خلفية سعيهم للحصول بأصوات الحريديين. وكتب في هذه اللافتات أنه "فقط بيت يهودي فائز سيلجم تأثير الحريديين".

واعترض رئيس "البيت اليهودي" ووزير التربية والتعليم، نفتالي بينيت، على هذه الحملة بمنشور في فيسبوك، قال فيه إن "البيت اليهودي يستنكر بشدة هذه الحملة التي نُشرت من جانب فرع الحزب في الانتخابات المحلية في القدس. ولا تجري هذه الحملة بموافقة القيادة القطرية للحزب، ولا تمثل مواقفها تجاه الجمهور الحريدي".

موشيه عن هذه الحملة، لكنها قالت إنه "ليس مهما من سيكون رئيس البلدية، إلكين أو ليئون أو بيركوفيتش، فكل واحد منهم يخضع لضغوط نابعة من تركيبة المجلس البلدي. وثلاثتهم يسعون للحصول على الصوت الحريدي. ومن بين 31 عضوا في المجلس البلدي، ثمة أهمية كبيرة لأن يكون هناك صوت موحد وواضح للصهيونية الدينية ليدرك ويعطي ردا على حجم واحتياجات الجمهور الديني القومي في المدينة. وفقط بتمثيل صهيوني ديني قوي ستكون العاصمة للمجتمع الإسرائيلي كله وليس لقطاع صغير" في إشارة إلى الحريديين.

تخوفات واستطلاعات

هناك تخوف لدى العلمانيين وقسم كبير من المتدينين من فوز المرشح الحريدي، الأمر الذي من شأنه أن يسرع تعزيز الطابع الحريدي في الأحياء العلمانية ويؤدي إلى تراجع ما تم تحقيقه حيال طبيعة يوم السبت في المدينة.

في المقابل، ينظر الحريديون إلى هذه الانتخابات على أنها فرصة للعودة إلى السيطرة على القدس، من خلال رئاسة البلدية، بعد عشر سنوات من رئاسة بركات، "العلماني"، وخاصة بكل ما يتعلق بحل أزمة السكن والنقص في الغرف الدراسية في جهاز التعليم الحريدي. لكن من الجهة الأخرى، يخشى النشطاء الحريديون من خسارة المعركة الانتخابية، ولذلك فإنهم يتحدثون بصراحة عن أنهم يفضلون رئيس بلدية يكون متعلقا بأصواتهم من رئيس بلدية حريدي يكون تحت هجوم دائم ويضطر إلى تنفيذ خطوات مثل تحويل ميزانيات إلى مسيرة المثليين أو منح تصاريح لمصالح تجارية تعمل يوم السبت.

وتظهر الاستطلاعات التي أجريت حتى الآن، فوزا محتملا لأحد ثلاثة مرشحين من بين المرشحين الثمانية، لكن هذه الاستطلاعات لا تؤكد فوز أحدهم بشكل مؤكد. ودلّ استطلاع نشرته "شركة الأخبار" (القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي سابقا) على أن المرشحين الثلاثة هم دايتش الحريدي، إلكين اليميني والمتدين، وبيركوفيتش الشاب والعلماني. وقد حصل كل واحد منهم على ما بين 21% و23% من الأصوات، ما يعني أن الانتخابات لن تحسم من الجولة الأولى، وأنه سيحتاج إلى بناء تحالفات مع باقي المرشحين للجولة الثانية.

الفلسطينيون والمخططات الاستيطانية

وستبقى الانتخابات البلدية في القدس لليهود فقط، ويرفض الفلسطينيون المشاركة فيها. ووفقا لـ"هآرتس"، فإنه بإمكان الفلسطينيين أن يحسموا الانتخابات في حال شاركوا فيها لأنهم يشكلون 40% من السكان. ورغم تعالي أصوات في الفترة الأخيرة تدعو إلى المشاركة، إلا أن الرأي السائد بين المقدسيين الرازحين تحت الاحتلال ونظام الأبارتهايد الإسرائيلي (وتشارك بلدية القدس في تطبيقه) هو مقاطعة هذه الانتخابات حسبما تؤكد الاستطلاعات جميعها. وربما يساهم في مقاطعة الفلسطينيين للانتخابات المخططات المستقبلية لبلدية القدس وجهات إسرائيلية رسمية، وأبرزها مخططات بناء استيطاني وتوسيع المدينة على حساب القدس الشرقية المحتلة، من خلال مصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية.

وقال أفيف تتارسكي، الباحث في المنظمة الحقوقية الإسرائيلية "عير عميم" التي توثق انتهاكات الاحتلال في القدس، لموقع "ألمونيتور"، إن "إلكين أدرك أنه من الصعب السيطرة بالقوة على جميع الفلسطينيين الذين يعيشون في القدس الشرقية. ومن أجل التخلص منهم لمصلحة تحسين التوازن الديمغرافي والوضع الاقتصادي للمدينة، فإنه مستعد حتى أن يقلص حدود المدينة" في إشارة إلى اقتراح إلكين، كوزير، إخراج منطقتي صور باهر ومخيم شعفاط من منطقة نفوذ بلدية القدس.

وأضاف تتارسكي، الذي يتابع نشاط إلكين في القدس، أنه يخشى من أنه إذا فاز إلكين برئاسة البلدية فإنه "سيستغل الصلاحيات الواسعة لرئيس بلدية القدس من أجل استكمال الاحتلال اليهودي لكافة أجزاء المدينة".

وكانت "عير عميم" أصدرت ورقة موقف ردا على خطة إلكين، وساوت بينها وبين خطة الانفصال عن قطاع غزة، وقالت المنظمة إن "عملية الانفصال عن الأحياء في القدس لن يعزز المعسكر المعني بحل الدولتين. بل على العكس، بفصل الأحياء ستنجح حكومة اليمين، على غرار تقسيم المناطق في الضفة الغربية في أعقاب اتفاقيات أوسلو، بتقسيم القدس الشرقية إلى جيوب منفصلة ومفتتة. ومبادرة إلكين، مثل مشروع قانون ضم (مستوطنة) معاليه أدوميم، وإلكين أحد المبادرين له، هي محاولة لفرض وقائع إقليمية وسياسية حاسمة في القدس تحت غطاء خطوات لسلطة محلية. وهذه الخطوة تخرب بشكل عميق باحتمالات حل الدولتين وستقوض النسيج البلدي وتصعد المواجهة في القدس".

شارك هذا الخبر!