الشريط الاخباري

ميناء الحية في سنغافورة ومطار"ليبرمان" غزة!

نشر بتاريخ: 31-08-2018 | أفكار
News Main Image

بكر أبوبكر

تكلم خليل الحية القيادي في "حماس" في لقائه الصحفي في غزة محاولا تشخيص الاحداث، واضعا كل اللوم على حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح والسلطة الوطنية الفلسطينية فيما يسميه "العقوبات على غزة" و"إذلالها" حسب مصطلحاته.

ونحن إذ نكتشف من كلامه فجأة الحرص الشديد الى درجة الحدب من الولايات المتحدة الامريكية والعالم على غزة! وبالطبع حرص حركة حماس، فإن الدهشة تصيبنا كما تصيب الكثيرين من المتابعين للاحداث التي أصبحت فيها فجاجة الاتهامات توجه للاخ و للقريب ولطافة الكلمات توجه للعدو وللبعيد.

نكتشف فجاة أن الحرص الدولي -بما فيه الامريكي- يلقى التقدير والاحترام من قبل خليل الحية[1] بغض النظرعن اسقاط امريكا ترمب لقضية العرب والمسلمين والمسيحيين الاولى وهي القدس، ولقضية اللاجئين، وبغض النظر عن قانون القومية العنصري بالدعم الامريكي، واعتبار استيطان فلسطين والضفة ضرورة اسرائيلية.

إنه زمن العجائب حين تغلق العيون عن الأهداف الكبرى، ولا تخرج الرؤى عن حدود أرنبة الأنف؟ انه والله لزبد السلطة وبريق الكرسي الذي يعمي العيون ويكسر القلوب ويخلخل الفكر الى الدرجة التي يصبح فيها العالم وامريكا اقرب الى غزة من حركة فتح التي اتهمها الحية أنها تحاصر غزة!؟ وهي في غزة تتصدى لمن يشيعون جوا من الفرقة بين الفلسطينيين بالداخل والخارج، وبين القطاع والضفة وهما مركب أو جناحا الدولة الفلسطينية القادمة.

من كلام الحية حين يتكلم بالشأن الوطني قاصرا "التفاوض" لفصيله على غزة دون الضفة ولا بأي رابط، أصبح مفهوما معنى الفرح الشديد لوزير «الدفاع» الصهيوني وزعيم حزب « إسرائيل بيتنا» المتطرف (أفيغدور ليبرمان) الراغب اليوم في تحويل غزة إلى « سنغافورة ثانية» شريطة « ألا يفضي ذلك إلى وحدة الضفة والقطاع، وماذا يقول الحية غير ذلك؟ وما هذا التوافق العجيب؟

أن يكون المطار والميناء هما عنوان فك الحصار على غزة! وصولا الى العالم؟! كما قال الحية[2] فهذا من أشد ما يؤلمنا، وكأن المطار الذي افتتحه الخالد ياسر عرفات رحمه الله والميناء الذي كان قد بدأ بتدشينه قد نُسي تماما كيف ولماذا دمر! عندما كان يصرخ أبوعمار مطالبا ب"التهدئة" للحفاظ على المنجزات واستثمار الفرصة؟ ولا من مجيب.

أكان من المفروض أن نفهم متاخرين أن تدمير المطار، مطار ياسر عرفات في غزة، وبدايات الميناء تحتاج لعشرين سنة أخرى لنعود لنطالب بما هو أدنى بكثير مما انجزه ياسر عرفات؟ ولنقتنع ب"التهدئة" ونقتنع ب"المفاوضات" ونقتنع "بالمقاومة السلمية"؟! وهي ثلاثية الخيانة فيما سبق الإقدام الحمساوي على الخوض في غمارها كلها، نتيجة الوعي المتأخر وتناقض المقاومة مع بريق ووثارة الكرسي.

كل هذا والحية يعلن عدم وقف مسيرات العودة! وفي حقيقة الامر فإن تجاوزه للمصالحة والوحدة الوطنية، او الاندراج ضمن حكومة واحدة ممكّنه بغزة والضفة يعني أن لها هدفا آخر.

المتحدث أعلن رفضه للحكومة[3] بإباء، لأنه لم يوافق عليها، في مقابل موافقته وسعيه المحموم لتحقيق "التهدئة" الحلال لغزة، وفك الحصار لتصبح هذه المسيرات من مضمون كلامه لا تعني العودة لفلسطين وانما العودة الى مربع الصفر، وما دون "أوسلو" بمسافات، ويصبح ذلك هو المطلب لكل المقاومة الشعبية او غير الشعبية؟

الحية يعلن جهارا نهارا ان "حماس" جاهزة لصفقة تبادل الأسرى[4] ما يدلل على الانخراط الكلي في المفاوضات سواء المباشرة أو غير المباشرة مع العدو، وما يعني أن الانفصال الكلي قائم فمفاوضات منفصلة ورفض قطعي للحكومة واتهامات للقريب وتقدير لجهود الغريب ودعوات لاتفاق ما دون "أوسلو" يضع عديد علامات الاستفهام على من بالحقيقة يتساوق مع ما سماه الرئيس "صفعة القرن"؟

"ما هكذا تدار الشعوب فضلا أن تكون شعوب تحت الاحتلال"[5] هذه النصيحة التي وجهها خليل الحية للاخ الرئيس أبومازن -متجاوزين ما أسماه "الفرعونية"!- فهل إدارة فصيل محدد لقطاع غزة قسرا وعلى رقاب العباد وتحت الاحتلال وبرفض الحكومة الواحدة، واستبدال ذلك بالتفاوض الفصائلي الاحادي، وتحويل مسيرات العودة لفلسطين عودة لمربع الصفر، وبتهيئة الناس للحد الادنى من المطالب متجاوزا وحدة الضفة وغزة تعتبر إدارة رشيدة للشعوب تحت الاحتلال؟

اما كان الاجدر أن يطالب الحية بتحقيق الممر الرابط بين غزة والضفة؟ أم أن ما يحقق الربط بين المساحتين أصبح نسيا منسيا؟ وكما اراد بوضوح الوزير الإسرائيلي لشؤون الاستخبارات وعضو المجلس الوزاري المصغر (يسرائيل كاتس) الذي أبدى معارضة، شديدة ومعلّلة، لعودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع لأن: «أي محاولة لإعادة محمود عباس إلى القطاع، وربطه بالضفة بوساطة الممر الآمن الذي يعبر دولة "إسرائيل سيشكل تهديداً مباشراً، ويمس بشكل خطير بأمن الدولة والتوازن الديمغرافي بين "إسرائيل" والفلسطينيين»، ومشدداً على وجوب الاستمرار في سياسة «الفصل المدني بين غزة و"إسرائيل"، ورسم خط حدودي أمني واضح بينهما»؟

أما كان الاجدر بالاخ خليل الحية و"حماس" اعتبار أن الميناء يجب أن يكون لدولة فلسطين أي في الضفة وغزة معا، لنفهم قدرته على رؤية إدارة الشعوب تعني كل الشعب؟ بدلا من أن يفهم بوضوح أنه يطالب بدولة خاصة به في غزة؟

هل يعلم الحية أنه قد أبهج أحد أبرز القادة الأمنيين والسياسيين الاستراتيجيين الإسرائيليين المؤثرين (غيورا أيلاند) الذي طالب (نتنياهو) بالعمل مع حماس باعتبار القطاع «دولة مستقلة بحكم الأمر الواقع منذ 12 عاماً»، مشدداً على أنه «بدلاً من التملص والتلعثم ومواصلة الثرثرة بأننا لن نتحدث مع منظمة إرهابية، من الأفضل الاعتراف بالواقع الذي يفيد بأن القطاع هو دولة وله حكومة مستقرة، انتخبت بشكل ديمقراطي كاف؟!

ومن فمك ادينك كما يقول المثل العربي الرصين، ومن فم الحية نعيد له القول والنصح الذي ووجه للاخ الرئيس وحركة فتح فنقول له[6] إن حضن فلسطين عبر السلطة والمنظمة –على ما قد نختلف معها في كثير من الامور- هو الادفأ من "الجهود الدولية لفك الحصار"! ما يعنى أنه على حماس أن لا تاخذها العزة بالسلطة والكرسي والاثم، وأن عليها أن تستجيب لنصيحة الحية معكوسة بأن تلتقط اللحظة كي لا يتجاوزها التاريخ.

الحواشي

[1] قال خليل الحية في 30/8/2018 في لقاء صحفي نظمه منتدى الاعلاميين الفلسطينيين في غزة: هناك جهود دوليه من اجل فك الحصار عن قطاع غزة ولكن المتعنت لذلك هي السلطة وحركة فتح وعلى رأسهم محمود عباس.

[2]قال الحية نصا: عنوان رفع الحصار عن غزة هو وجود مطار وميناء بحري يربط غزة! مباشرة بالعالم الخارجي كباقي الدول؟!

[3] قال الحية:حكومة الحمد الله لم تعد حكومة وفاق وطني! وكل التعديلات التي اجريت عليها تمت دون تشاور مع بقية الفصائل.

[4] قال الحية:حماس جاهزة لأي صفقة تبادل اسرى ولكن الاحتلال الاسرائيلي على ما يبدو انه غير جاهز لهذه الصفقة.

[5] قال الحية:انصح ابو مازن بكل صدق وبأخوة ووطنية أنه أن الاوان ان تغير المسار الذي تمشي فيه، الفرعونية لن تخدمك، وما هكذا تدار الشعوب فضلا ان تكون شعوب تحت الاحتلال.

[6] قال خليل الحية: انصح ابو مازن وحركة فتح: عليكم ان تلتقطوا اللحظة التي كل الشعب الفلسطيني يريد وحدة لكن اذا بقيتم في هذا المكان فالتاريخ تجاوز ناس كثير.

شارك هذا الخبر!