الشريط الاخباري

انتخابات الكنيست: "اليهودي ضد الإسرائيلي وليس اليمين ضد اليسار"

نشر بتاريخ: 25-02-2019 | قالت اسرائيل , PNN مختارات
News Main Image
القدس/PNN - شهدت إسرائيل في العشرين عاما الأخيرة تحولات كبيرة في مجال الهوية، وانعكست على المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ووفقا للباحثة في قسم العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس، الدكتورة غايل طالشير، فإن المؤسسة السياسية باتت مختلفة جدا عن السابق، وبدلا من الخطاب السائد حول يمين ويسار، ينبغي التحدث عن يهودي مقابل إسرائيلي. "في العقد الأخير تجري الانتخابات في إسرائيل على محور الهوية، أي هل إسرائيل هي دولة ديمقراطية أو يهودية أولا". وتعكف طالشير، المتخصصة بتحليل الأيديولوجيات السياسية، على تأليف كتاب حول أيديولوجية حكومات بنيامين نتنياهو، ويتوقع أن يصدر بعد الانتخابات العامة للكنيست.

وقالت طالشير، في مقابلة لصحيفة "ذي ماركر"، في نهاية الأسبوع الماضي، إن "المنافسة داخل معسكر اليمين هي على الأكثر يهودية. بينما المنافسة في معسكر الوسط – يسار تدور حول من الأكثر إسرائيلية. ولا تنتقل الأصوات بين المعسكرين بسبب عامل الهوية. والمعسكر اليهودي يجذب باتجاه قطب إثني – ديني، والمعسكر الإسرائيلي يجذب باتجاه قطب القومية – المدنية. ويحمل الوسط – يسار مفهوما مدنيا لدولة إسرائيل، ويخفف عمن ليس يهوديا. ويأتي ذلك مع أجندة دولة رفاه، وجرى التعبير عنه بشكل بارز في الاحتجاجات الاجتماعية، التي أبرزت الفروق بين يمين ويسار مدني – اقتصادي. وفي المقابل، مفهوم اليمين هو أن إسرائيل هي دولة يهودية للشعب اليهودي قبل أي شيء آخر، وهذا يعني يهودي بالمفهوم الديني وليس القومي فقط".

وأضافت أن "نتنياهو أدرك أن منافسته الكبرى على الأصوات هي مقابل الأحزاب الدينية، وفي مقدمتها البيت اليهودي (أي الصهيونية الدينية). وعمليا هو قال لناخبي اليمين إنه ’إذا أردتم إسرائيل يهودية، انتخبوا نتنياهو’. وإسرائيل هذه هي قومية وقومية متشددة ودينية أيضا".

وأحد العوامل المركزية لهذا التحول هو التغيرات الأيديولوجية – السياسية في الأحزاب الدينية. وقالت طالشير إنه "بموجب المفهوم القديم، الأحزاب الدينية والحريدية ليست أحزابا أيديولوجية من ناحية اليمين واليسار. ولا يهمها يمين – يسار سياسي أو اقتصادي، طالما أنها تحصل على ميزانيات لجمهورها. وتحولت الأحزاب الديمية إلى يمين متشدد، وحتى متطرف، وفق معايير أوروبية. وتقع هذه الأحزاب اليوم إلى يمين الليكود من حيث مفهوم دولة يهودية بقيمها وديمقراطية إجرائيا".

"أحزاب الوسط محطة انتقال لليمين أو اليسار"

رأت طالشير إنه لا يوجد أحزاب وسط في المؤسسة السياسية الإسرائيلية. "الأمل بتغيير الحكم يمر في الوسط السياسي، وهي المنطقة التي يفترض أن تنقل الأصوات عبرها من اليسار إلى اليمين وبالعكس. ولذلك تشكلت كتلة أحزاب وسط، ونحن نرى اصطفاف كافة الأحزاب بأسماء أشخاص في الوسط – يائير لبيد، بيني غانتس، موشيه كحلون، أورلي ليفي أبيكاسيس، تسيبي ليفني. وعضو حزب العمل لن يصوت لليكود، لكنه قد يصوت لغانتس أو ليفي أبيكاسيس. وهذه هي المنطقة التي تقرر من سيكون رئيس حكومة. لكني أقول إنه لا يوجد وسط في إسرائيل، لأن جميع الأحزاب هي يمين أو يسار. وبالإمكان رؤية ذلك وفقا لمواقف الأحزاب تجاه ثلاثة محاور: الهوية، الاجتماعي – الاقتصادي والسياسي – الأمني".

غانتس (يسارا) ولبيد، الأسبوع الماضي (أ.ب.)

ولفتت طالشير إلى أن "من يعارض المفهوم المحافظ يوصم كخائن. وهذه ليست وسائل الإعلام والمعارضة فقط، وإنما أشخاص يمينيون أيضا، مثل الرئيس رؤوفين ريفلين، موشيه يعالون، ومؤخرا غدعون ساعر أيضا. ولذلك فإن الانتخابات هي صراع حول الديمقراطية الإسرائيلية وحراس عتبتها".

وأضافت أن ميزة أحزاب الوسط هي "الشخصنة". "لقد تبنت أحزاب كانت أيديولوجية سياسة الهوية – مثل شاس، يهدوت هتوراة، أحزاب المهاجرين الجدد، أحزاب ’القبيلة البيضاء’ – وأصبحت شبيهة بأحزاب شخصانية، مثل كحلون ولبيد وغانتس وليفي أبيكاسيس وتسيبي ليفني. أي من هذه الأحزاب تتحدث عن أيديولوجيا؟ كل شيء شخصاني. وما يحرك هؤلاء الأشخاص هو شهوة السلطة".

وشددت طالشير على أن هذه التحولات في العشرين عاما الأخيرة نفذها نتنياهو، "الذي نقل نفسه والليكود من حزب كان ليبراليا – قوميا إلى حزب أصبح محافظا جديدا وشعبويا في انتخابات 2019"، واستبعد منه "أمراء الليكود" الليبراليين – القوميين، أمثال إيهود أولمرت ودان مريدور وبيني بيغن وتسيبي ليفني. ونتنياهو هو الوحيد بين هذه المجموعة الذي بقي في الليكود.

والمفهوم الذي يحمله نتنياهو يقول إن الوزراء هم التعبير الوحيد عن رغبة الشعب، ومن يعارض آراء الوزراء فإنه يعارض الديمقراطية. وتحمل القيادية في حزب "اليمين الجديد"، أييليت شاكيد، هذه الافكار أيضا. "وهم يعتبرون أن الشعب انتخب الحكومة، ولذلك فإن من يعارض الوزراء، مثل المحكمة العليا والمستشارين القضائيين ومراقب الدولة والنيابة العامة وكبار الموظفين الحكوميين والإعلام والأكاديميا والمعارضة، إنما يمسون بالديمقراطية لأنهم يمسون بعمل الوزراء".

وأشارت طالشير إلى وجود تعبيرين عن هذا المفهوم من الفترة الأخيرة، وهما "قانون الولاء بالثقافة" الذي طرحته الوزيرة ميري ريغف، و"الولاء بالجهاز القضائي" وهو الانقلاب الذي أحدثته شاكيد كوزيرة قضاء. وأوضحت طالشير أن "هذا مفهوم يفكك التفاهمات حول الليبرالية الدستورية ويدعي أن الديمقراطية الليبرالية هي أجندة يسارية، ويقترح بدلها مفهوما محافظا والتعبير عنه شخصاني في نهاية الأمر. عيِّن قضاة محافظين وهم سيعملون ضد الليبرالية القضائية وضد التدخل في عمل الوزراء، وعندها سيكون بإمكان الحكومة سن قوانين يهودية – قومية تمس بحقوق الأقليات. ويوجد بذلك نزع شرعية ليس عن العرب فقط، وإنما عن كل من ليس لديه أجندة محافظة. ولذلك، نرى ظاهرة يتم من خلالها وصم كل من يعارض المفهوم المحافظ كخائن".

"استبداد الأغلبية اليهودية"

اعتبرت طالشير أن التغيير حدث لدى نتنياهو في العام 2006، عندما خسر الانتخابات وحصل الليكود على 12 مقعدا في الكنيست فقط، بينما أصبح حزب كديما بزعامة خصمه إيهود أولمرت أكبر حزب وشكل حكومة مع حزب العمل، بينما بقي الليكود في المعارضة.

وقالت إنه "بعد هذه الخسارة، أقرّ نتنياهو مصطلح "شركاءنا الطبيعيين’ مع الأحزاب الدينية، وأدرك أن فكره الاقتصادي ليس مهما، وأنه يجب أن يكون الحريديون والمتدينون إلى جانبه. لذلك، منذئذ، جعل أفكاره حول محور الهوية اليهودية – القومية أكثر تطرفا. وهذا يعني دولة يهودية على حساب ديمقراطية، والتعبير المركزي عنها هو قانون القومية الذي صيغ على أيدي أشخاص في المعهد للإستراتيجية اليهودية، الذي يسيطر عليه المستوطنون، وفي مركزه التشديد على الشعب اليهودي على حساب المواطنة الإسرائيلية".

وتابعت طالشير أنه بسبب أولوية محور الهوية، استبعد نتنياهو المحور الاقتصادي. "لقد تنازل عن النيو – ليبرالية، لأول مرة عندما منح ميزانيات كبيرة للأحزاب الحريدية، وفي المرة الثانية عندما تنازل عن سياسة الخصخصة والمنافسة وكسر الاحتكارات، وانتقل إلى إقامة علاقة وثيقة مع أثرياء مثل شيلدون أدلسون، ناشر صحيفة ’يسرائيل هيوم’".

ووجدت طالشير أوجه شبه عديدة بين نتنياهو والرئيس الأميركي، دونالد ترامب. "كلاهما يعبر عن مفهوم يقول إنه على الرغم من أن الشعب انتخبنا، إلا أن من يحكم فعليا هي النخب القديمة. ولذلك صراعهما ضد النخب متشابه. والمشكلة هي أن هذا الصراع يفكك الديمقراطية الليبرالية، المبنية على توازنات وكوابح وأنظمة نقد ومساومات، ولا تسمح بأن تتركز المناصب لدى السلطة. ومشكلة نتنياهو وترامب الأكبر هو المفهوم الذي يشجع استبداد الأغلبية. وفي الحالة الإسرائيلية هذا استبداد الأغلبية اليهودية".

شارك هذا الخبر!