الشريط الاخباري

صلاح التعمري: معركة الكرامة اخرجت الثورة من جوف الارض الى فوقها وانتصرت بارادتها واندفاع ابنائها الثوري

نشر بتاريخ: 22-03-2019 | PNN مختارات , PNN حصاد , فلسطينيون في المهجر
News Main Image

بيت لحم/PNN/ نقلا عن مدونة الصحفي نجيب فراج – بمزيد من العاطفة الجياشة والتاثر الكبير والحنين الذي لا ينقطع يسرد الفدائي صلاح التعمري الذي شارك في معركة الكرامة تفاصيل دقيقة عن تلك الاحداث الذي اعتبرها مفصلية وهامة ومحط فخر واعتزاز والتي يجب ان تكتب بحروف من ذهب.

ارهاصات معركة الكرامة

وقال التعمري القيادي البارز في حركة فتح انه قد سبق معركة الكرامة فجر الحادي والعشرين من اذار عمليات عدوانية اسرائيلية على مواقع الفدائيين في الكرامة ومحيطها حيث كان مروحيات جيش الاحتلال تقصف هذه المواقع مرة في الاسبوع على الاقل، واخر مرة قبيل المعركة سقط عشرات الشهداء من الفدائيين الفلسطينيين وكان واضح ان الجيش الاسرائيلي يحضر لهجوم كبير مما اضطرنا الى ان نحضر انفسنا لهذه المعركة ونعلن حالة الاستنفار العام وكان لابد ان تكون الخطوة الاولى هي التنسيق مع الجيش الاردني ولذا ذهبت انا والشهيد ابو صبري صيدم وقابلنا قائد كتيبة الاميرة عالية في اللواء الهاشمي قبل المعركة بـ48 ساعة واسمه كاسب اسفوق وكان قائدا عربيا اردنيا شجاعا ومخلصا وقد اتفقنا على التنسيق لانه كان شبه مؤكد ان الاسرائيليين يحضرون للهجوم خلال ساعات حيث امر بإدخال اربع اليات عسكرية اردنية داخل بلدة الكرامة وبالفعل بدأت المعركة حوالي الساعة الخامسة فجرا وكان الهجوم عنيفا ومركزا وقد تدخلت المدفعية الاردنية بين الساعة التاسعة والعاشرة صباحا من ذلك اليوم، واشتبكنا مع الاسرائيليين بارادتنا قبل اسلحتنا لانها أي الاسلحة كانت متواضعة حيث لم يكن بحوزتنا اسلحة الاربي جي على عكس ما يشاع، والذي كان بحوزتنا بالفعل اسلحة من نوع “شاميزر” وبازوكا واعداد قليلة جدا من الالغام، وكان ايضا بحوزتنا قاذفة لهب ولكن لم نكن نحسن جيدا في استخدامها من جهة ومن جهة اخرى كنا نفتقد للمواد اللازمة لها.

واضاف “للتاريخ عناصر الجيش الاردني ابلوا بلاءا حسنا وخاصة في الشونة الجنوبية وقاتلوا ببسالة وسقط منهم الشهداء والجرحى واوقعوا خسائر جسيمة في صفوف الجيش الاسرائيلي مع ملاحظة انه كان يتواجد ايضا قاعدة للجيش العراقي ولكنها لم تشارك في القتال اما الذي شارك في القتال بشكل مباشر بالكرامة قوات العاصفة والتحرير الشعبية الموالية لفتح وكذلك الجيش الاردني في الغور مع ملاحظة ايضا ان احمد جبريل الذي شارك في لقاء مع قائد الجيش الاردني خلال التحضير للمعركة وكان حين ذاك المسؤول العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قد اعطى امرا بالانسحاب الساعة الثانية صباحا مع انه لم يبلغنا ان قواته لم تشارك من دون الاعلان الرسمي لنا ولكن كان يحمل وجهة نظر يعتقد التعمري انها صحيحة ومفادها بان قوات الثورة الفلسطينية ليس بمقدورها خوض حرب مواقع ولو كانت المعركة لتقع بشكل حرب عصابات لكانت افضل، اما قوات فتح فكانت مصممة على خوض المعركة باي شكل لان الشهيد ابو عمار كان يدرك وكافة المسؤولين في الحركة بان المعركة تاريخية وقد كانت كذلك حيث شكل الصمود بحد ذاته انجاز وهي المرة الاولى ان تسجل جهة عربية صمودا في القتال امام جيش اسرائيل الجرار اذ لم يكن لدينا الخبرة الكافية والتسليح والتدريب اللازم وكل ثقافتنا العسكرية تركزت في تدريب ابتدائي اضافة الى ما قرأنا عنه في كتب تشي جيفارا وماوتسي تونغ وكذلك تجارب الثوريين في مرحلة الستينات ومع ذلك كنا نرى امام اعيننا ان الكرامة ستدخل التاريخ من اوسع ابوابه وانه كل شهيد نفقده سيأتي بدلا منه المئات ان لم يكن الالاف وبالفعل شكلت الكرامة كرامة لشعبنا واصبحت ابواب الثورة الفلسطينية تستقبل افواج المقاتلين بشكل لا يصدق بعد ان ارتفعت المعنويات وزادت الثقة بأنفسنا”.

الاقدام المنقطع النظير

ويستطرد التعمري بسرد العديد من المشاهد التي شاهدها بعينه ويذكر من بين الشهداء في محيطه الشهيد الزرزور وكذلك الشهيد رؤوف وهو اسم حركي والذي كان وسيما بهيئته في كل مرة وكنا نطلق النكات عليه لشدة وسامته وهذا قبل المعركة بيوم ورد في حينه اوعدكم ان اكون اكثر وسامة حينما استشهد وبالفعل استشهد في اليوم الثاني بعد ان اصيب بعشرات الرصاص في وجهه وهذا يدلل على مدى الاقدام الذي كان يتحلى به مقاتلو الثورة ومدى استعدادهم للمعركة والاستبسال بها، كما يذكر المقاتل عبد الاله الاتيرة الذي اختفى في المعركة وكان يعتقد رفاقه انه استشهد ليتضح بانه كان قد اسر في تلك المعركة وكذلك من بين الشهداء “ابو الشريف” حيث استشهد بجانب التعمري الذي لم يجد شيئا ليغطيه فاستعان بشتلة بندورة من النوع الكبير لان الكرامة كانت مشهورة بزراعة البندورة فغطى وجهه بها.

استخدام الخنادق المتواضعة

ويذكر التعمري الذي بدأ عليه التاثر ولم يخفي دموعه اثناء سرده لاحداث الكرامة انه على يمينه كان الشهيد رؤوف ومن شماله الحاج اسماعيل وخلفه على التلال كان صائب العاجز من قوات التحرير، وقد نادت عليه قوات الاحتلال عبر الميكروفون ان يسلم نفسه ليسلم من القصف فرد بإطلاق ما بين يديه ثم طار المكان حسب وصفه ولحسن حظه كان يقف بجانب خندق صغير حفرت امثاله لمثل هذه الظروف فكمن في الخندق وكان يسمع اصوات جنود الاحتلال وقد كمن معي شاب صغير لم اعرف اسمه وبقينا في الخندق لغاية ساعات الظهر وبدأ بتفقد الجرحى ونقلهم الى خارج الكرامة، وفي الساعة السادسة مساءا بدأت المدفعية الاردنية بقصف قوي للقوات الاسرائيلية التي ردت بزخات كبيرة من الرصاص مما جعلنا ان نلجأ الى بعض الكهوف الصغيرة حتى انتهت الغارة في الرابعة من فجر اليوم التالي وعدنا للكرامة من جديد وبدأنا نلملم بقية الشهداء واسلحتهم وفي المساء قمنا بدفنهم في المقبرة شرقا واهلنا عليهم بعض من التراب الذي كان واضحا بانه غير كافي وامطرت السماء مطرا غزيرا مما ادى الى انحراف التربة عن الجثث لنعود مرة اخرى من دفنهم. وفي تلك اللحظة كنا منهكين تماما ويذكر انه قد استشهد من قوات التحرير الشعبية 28 شهيدا هم الذين تصدوا للإنزال الاسرائيلي بالمروحيات وكان الانزال مكثفا ولكنه امام هذا الاستبسال فشل وبالتالي فشل اقتحام الكرامة واحتلالها وطرد عناصر الثورة الفلسطينية منها، كما يذكر ان ابو عمار وابو اللطف وابو اياد كانوا يديرون المعركة على طرف الكرامة الاخر ويشاركون في القتال.

استخلاص العبر

ويختتم التعمري حديثه بضرورة استخلاص العبر من هذه المعركة المصيرية ويؤكد ان تقييمها من الناحية العسكرية لن يكون منصفا لاننا نتحدث عن بضع مئات من المقاتلين الفلسطينيين امام الاف الجنود الاسرائيليين بعتادهم واسلحتهم وكل ما يحتاجونه من امكانيات “فالكرامة خضناها بالروح المعنوية العالية التي لم تتأثر بفارق القوة ، فقد قاتلنا بالاندفاع الثوري وبهذه الروح وتحقق الانتصار وكانت المعركة نقلة نوعية لحركة فتح ولمنظمة التحرير فاصبحنا فوق الارض بعد ان كنا تحت الارض وهذا لا يعني انه لم يكن هناك سلبيات بالفعل كان سلبيات ومن بينها دخول الاف المقاتلين والعناصر الى حركة فتح من دون ان يخضعوا لفترة التقييم والتدريب اللازمة التي كانت قبل المعركة”، ويقول “كنا شبابا مندفعين نحو القتال والتضحية وكنا نرضى باقل القليل فمثلا كان راتب المقاتل الاعزب عشرة دنانير بينما المتزوج كان يصل راتبه 15 دينارا اما الفئة التي كانت تتقاضى اجورا عاليه فهم فئة الادلاء الذين نعتبرهم مرتزقة ولكن لهم اهمية كبيرة، وكان التنافس في التضحية سيد الموقف ولذا كان الانتصار هو حليفنا وهذا ما حصل في الكرامة اسما وقولا وفعلا”.

التعمري في سطور

يشار الى ان النعمري من مواليد العام 1942 وانضم الى صفوف حركة فتح منذ نعومة اظفاره وشهد معظم معارك الثورة الفلسطينية وكان مقاتلا وضابطا عسكريا وخاض ايضا معركة بيروت واسر فيها ومثل ثمانية الاف المعتقلين في سجن انصار بجنوب لبنان، وعاد مع كطلائع الثورة الفلسطينية الى ارض الوطن بعد توقيع اتفاق اوسلو وتبوا عدة مناصب منها عضويته في المجلس التشريعي الاول لعشر سنوات ، ثم مسؤولا لهيئة مواجهة الجدار والاستيطان ووزيرا للرياضة والشباب ومحافظا لبيت لحم وعضوا في المجلس الثوري وفي مجلس الحكماء وكان مقربا من الرئيس ياسر عرفات.

[gallery size="full" columns="1" link="file" ids="405914,405913,405912" orderby="rand"]

شارك هذا الخبر!