الشريط الاخباري

وثائق مسربة: روسيا أرادت كتم صوت المعارضة بالسودان

نشر بتاريخ: 11-06-2019 | أخبار إقليمية ودولية
News Main Image

كشفت وثائق روسية مسربة أن روسيا تسعى إلى تعزيز وجودها في أفريقيا عبر بناء علاقات مع الحكام الحاليين لـ13 دولة على الأقل، وإبرام صفقات عسكرية معهم، وإعداد جيل جديد من القادة والعملاء السريين.

وتشمل قائمة الدول هذه، السودان المضطرب بفعل موجة الاحتجاجات والجرائم التي ارتكبها المجلس العسكري بحق المتظاهرين.

وأشارت الوثائق إلى أن عرّاب النفوذ الروسي في أفريقيا هو رجل الأعمال المقرب من الرئيس فلاديمير بوتين، يفغيني بريغوزين. ويهدف التدخل الروسي بالمجمل للحد من نفوذ الولايات المتحدة والقوى الاستعمارية السابقة، مثل فرنسا وبريطانيا، في القارة، كما يهدف أيضا إلى إحباط الانتفاضات الشعبية في هذه الدول.

وأظهرت الوثائق حجم العمليات الأخيرة المرتبطة ببريغوزين في أفريقيا، عبر الاستعانة بمجموعة "فاغنر" وهي مرتزقة أرسلت مقاتلين إلى أوكرانيا وسورية في الأعوام الماضية.

وأوضحت الوثائق طموح موسكو لتحويل أفريقيا إلى مركز استراتيجي لها.

وذكرت الوثائق أن موظفي "فاغنر" وشركات عديدة مرتبطة ببريغوزين، يطلقون على هذه المجموعة من الشركات وصف "الشركة"، والتي تنسق أنشطتها مع كبار المسؤولين داخل وزارتي الخارجية والدفاع الروسيتين.

ولفتت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية التي حصلت على الوثائق، إلى أن التدخل الروسي في أفريقيا زاد بعد العقوبات الغربية عليها عام 2014، فعلى سبيل المثال، هناك تواجد روسي عسكري كبير في جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث تعتبرها روسيا، بحسب الوثائق المسربة، دولة "ذات أهمية استراتيجية" و"منطقة عازلة بين الشمال (الأفريقي) المسلم والجنوب المسيحي".

وقالت الوثائق إن هذا التواجد العسكري يسمح لموسكو بالتوسع "عبر القارة"، ويتيح للشركات الروسية إبرام صفقات معدنية مربحة. وقد وقعت موسكو حتى الآن اتفاقيات تعاون عسكري مع حوالي 20 دولة أفريقية.

وذكرت الصحيفة أنها حصلت على هذه الوثائق من مركز "دوسيير" (الملفات باللغة الإنجليزية)، المتخصص في فضح الممارسات الإجرامية للعديد من الأشخاص المرتبطين بالكرملين، وهو عبارة عن وحدة تحقيقية مركزها لندن، وممولة من رجل الأعمال الروسي المنفي، ميخائيل خودوركوفسكي، المعروف بمعارضته لبوتين.

وأظهرت الوثائق مستوى التعاون العسكري، والاقتصادي، والإعلامي، و"الإنساني"، و"التنافسي مع فرنسا"، بين "الشركة" والحكومات الأفريقية منذ العام 2018. ووُضع ذلك على مؤشر افتراضي لقياس مدى التعاون بينهما، يبدأ من الدرجة الأولى التي تُعدّ أدنى مستويات التعاوُن، وينتهي عند الدرجة الخامسة التي تعكس درجة التعاون الأعلى.

وأدرجت الوثائق كل من جمهورية أفريقيا الوسطى، والسودان، ومدغشقر في المستوى الخامس من التعاون. فيما أُدرجت كل من ليبيا وزيمبابوي وجنوب أفريقيا في المرتبة الرابعة، وتواجد جنوب السودان في المرتبة الثالثة، وجمهورية الكونغو الديمقراطية وتشاد وزامبيا في المرتبة الثانية.

وصعدت روسيا عملياتها في ليبيا مؤخرا، وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، سافر اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يشن معركة طاحنة ضد الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس منذ الشهر الماضي، إلى موسكو والتقى بوزير الدفاع، سيرجي شويغو. ورصدت الوثائق تواجد بريغوزين في هذه المحادثات، حيث توصف مصر بأنها "داعمة تقليديًا".

أما في السودان، وهي منطقة تدخل روسي رئيسية، وضع المتخصصون الروس العام الماضي، برنامجا لـ"الإصلاح" السياسي والاقتصادي، يهدف إلى إبقاء الرئيس السابق الذي أُطيح به في نيسان/ أبريل الماضي إثر احتجاجات حاشدة، عمر البشير، في السلطة. وشملت الخطة الروسية، بحسب الوثائق، تشويه المتظاهرين المعارضين لحكومة البشير.

ويبدو أن روسيا، بحسب "ذي غارديان"، قد استنسخت أساليب محاربة المعارضة، في السودان، من التكتيكات التي يستخدمها بوتين في القضاء على منتقديه في روسيا.

وقالت الصحيفة إن إحدى هذه التكتيكات، تمثلت في السودان، باستخدام أخبار مزيفة وفيديوهات، لتصوير المتظاهرين في الخرطوم وغيرها من المدن السودانية على أنهم "معادون للإسلام" و "داعمون لإسرائيل" و"مناصرون لحقوق المثليين".

كما أن الروس طلبوا من حكومة البشير رفع أسعار الصحف، لتزيد من صعوبة وصول الأصوات الناقدة لها، لعموم الناس، ولتحديد "الأجانب" الموجودين في التجمعات المناهضة لها.

ولام بريغوزين في رسالة مسربة، البشير لعدم اتباعه بعض النصائح الروسية، مشيرا إلى أن الحكومة تصرفت بـ "قلة النشاط" من قبل واتخذت "موقفا حذرا للغاية".

وأطاح الجيش بالبشير في نيسان/ أبريل بعد اتساع رقعة الاحتجاجات، وأطلقت قوات الدعم السريع السودانية الأسبوع الماضي النار على المحتجين مما أسفر عن مقتل العشرات، وقد حث المستشارون الروس المجلس العسكري السوداني على قمع الناشطين "بأقل عدد ممكن من الخسائر في الأرواح" ، على حد تعبير أحد مصادر النظام السابق لشبكة "سي إن إن" الأميركية.

شارك هذا الخبر!