الشريط الاخباري

عدسات فرنسية تكشف اللثام عن الجحيم والمعاناة داخل قطاع غزة

نشر بتاريخ: 28-07-2019 | محليات , PNN مختارات , PNN حصاد , فلسطينيون في المهجر
News Main Image

بروكسل/PNN/ ترجمة سعيد فتحي - "داخل الجحيم الغزاوي" هكذا تخير الصحفي الفرنسي الشهير برنارد دي لا فيلاردير ان يُعنون رحلته التي دامت بضعة اشهر داخل قطاع غزة و التي تابع فيها عن كثب يوميات المواطنين هناك و ابرز الصعوبات التي تواجههم في ظل الحصار المفروض عليهم من قبل اسرائيل منذ سيطرة حركة حماس الاسلامية على الحكم سنة 2007.

اضافة الى المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية التي يعاني منها القطاع سلط هذا التحقيق الصحفي الضوء على الملف الامني الشائك الذي يقض مضاجع الغزيين و الاسرائيليين على حد السواء , فمع تصاعد وتيرة التوتر بين قوات حماس و اسرائيل يعيش المدنيون في رعب دائم خاصة و ان الصواريخ لا تفرق بين مدني او مسلح عند سقوطها.

في ظل واقع بائس كهذا تختلف ردود فعل السكان المحليين و طريقة تقييمهم للامور ففيما يكتفي البعض بالتحلي بالصبر كالسيد بلال (44 سنة) الذي يعيش في حي شعبي متواضع جدا لا تتوفر فيه ادنى مقومات العيش الكريم , يرفض البعض الاخر السلبية اما بالانضمام للقوات حركة حماس التي تصور نفسها على انها المخلص الذي سيحرر الارض او المشاركة في ما يعرف بمسيرات العودة على الحدود مع اسرائيل. مسيرات العودة هذه على اهميتها الرمزية لدة الفلسطنيين الا انها في حقيقة الامر لا تزيد الوضع الا سوءا , فكل يوم تزدحم المستشفيات بعدد لا يحصى و لا يعد من الجرحى و المصابين و تخسر العائلة الغزية التي ملت رائحة الموت احد فلذاة اكبادها .

تكشف عدسات الكاميرا الفرنسية الوضع الكارثي الذي يعيشه القطاع الصحي داخل غزة اذ لا توجد في المستشفيات أسرة كافية للمرضىى و لا معدات و حتى الادوية التي تُستعمل ليست صالحة للاستهلاك .

يخرج من هذه المستشفيات كل يوم بعض الناجين من براثن الموت لكن اغلبهم لن يتمكنوا من المشي مطلقا طيلة حياتهم , اذ يرى الاطباء في مستشفى الشفاء ان اسرائيل تريد ان تنتج جيلا من المعوقين في غزة فمناطق الاصابات ليست عشوائية بل مختارة بعناية.

يزن ابراهيم شاب فلسطيني في العشرينات من عمره لم يحلافه الحظ للنجاة من الاعيرة النارية الاسرائلية التي تلقاها خلال مسيرات العودة, ينتظر في سكينة ان يُحمل لمثواه الاخير فيما يتولى رجال حماس وضع شارات الحركة على رأسه رغم انه غير منتم لها . والده فخور جدا بلقبه الجديد "ابو الشهيد" , اذ يبدو ان الحظوة التي نالها ابنه من حركة حماس بعد موته قد اسعدته .

على غير المتوقع نجح الصحفي الفرنسي في اقناع احد اهم قيادات حماس محمود الزهار لاجراء لقاء صحفي بعد مفاوضات طويلة , محمود و الذي تعرض لمحاولة اغتيال في منزله سنة 2003 لم يتردد في التعبير عن كرهه الشديد للدولة العبرية و عدم اعترافها بها, تصريح يأتي في توافق تام مع الخط الاعلامي لحماس و التي تكرر رفضها للاعتراف بشرعية الدولة الاسرائلية رغم المفاوضات التي تجريها معها بين الفينة و الاخرى.

داخل غزة النضال ليس حكرا على رجال حماس , بل على العكاس يوجد الكثير من المرابطين الذين قرروا فضح ممارسات عدو الداخل قبل عدو الخارج ,ففي ظل الديكتاتورية التي تفرضها حركة حماس فرضا على سكان القطاع منذ 12 سنة تعالت اصوات الشباب معبرة عن رفضها للقيود التي تفرض على حرية الراي في القطاع.

رامز احد الشباب الذين دفعوا ضريبة النضال من اجل الحرية غالية فقد وقع ايقافه و تعذيبه من قبل رجال حماس لمجرد نشره مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي ينتقد فيه التعامل الامني الوحشي مع المتظاهرين العزل .

[embed]https://www.youtube.com/watch?v=58AUJU2rxxE&fbclid=IwAR2qoNO_roQ6gSQjq84pjMWT3eFhvUw2BL1HYocehNGlSC7_gVRTng005Eo[/embed]

على عكس غالبية الشباب الذين يحلمون حصرا بمغادرة غزة اختار رامز الطريق الصعب الا و هو البقاء و الدفاع عن حقه في التعبير. ايمن هو الاخر خيّر عدم الاستسلام للقمع الذي تمارسه حماس و التجأ الى فن الراب كوسيلة للمقاومة , رغم التضييق الشديد و الرقابة التي تُفرض على هذا الفن.

يكشف التقرير ان نماذج كرامز و ايمن لا تمثل الا اقلية , فاغلب الشباب لا يحلم الا بالهجرة الى اوروبا حيث الامن و الامان و الحرية كسيد مثلا(24 سنة) و الذين يسعىى جاهدا منذ اربعة سنوات الى الالتحاق باخته في المانيا.

رغم حجم الالم و الفقر و الخصاصة الذي يحيط بغزة في كل مكان الا انه يوجد الكثير ممن يحاولون العيش في سلام ذاتي من خلال الانشغال بانشطة مختلفة بعيدا عن دوامة الحرب و السياسة مثل السيدة نبيلة و التي تستمتع بوقتها بعد الدوام اما في صالونات التجميل او على شاطئ غزة الجميل , او السيد وائل السالمي الذي يقوم ببناء وحدات سكانية عالية الجودة رغم الحصار الذي تفرضه اسرائيل على السلع .

يحملنا التقرير في اخر عشرة دقائق منه الى الاراضي الاسرائلية الحدودية لنرى اهم الاجراءات الامنية التي تقوم بها اسرائيل لحماية رعاياها  و كيف يعيش المستوطنون في ظل اوضاع امنية دقيقة جدا .

هنا بناء المنازل لا يتم بالطريقة التقلدية , فصواريخ حماس تستهدف المدنيين و العسكريين على حد السواء لهذا يحاول مهندسو البناء في اسرائيل بناء منازل مضادة للصواريخ , الى جانب ذلك يتلقى الاطفال باستمرار دروسا في كيفية التعامل مع صواريخ الانذار.

التوتر المتواصل بين اسرائيل و غزة ينبئ بحرب جديدة لا تبقي و لا تذر ,سيذهب ضحيتها الكثير من المدنين ما لم ينجح المجتمع الدولي في ايجاد صيغة توافقية ترضي الجانبين على حد السواء و لعل ورشة المنامة هي احد اولى المحاولات الجدية للتفكير بصوت مرتفع في حل حقيقي و غير مؤقت.

شارك هذا الخبر!