الشريط الاخباري

تركيا وتراجع برنامج ورجل

نشر بتاريخ: 08-06-2015 | أفكار
News Main Image
بقلم/  المحامي حسن صالح تكشف نتائج الانتخابات التركية التي جرت يوم الأحد 8/6 / 2015 - وليس يوم الجمعة - عن دينامية عميقة شهدتها وستشهدها المنطقة عموما سواء بسقوط تجربة الإسلاميين أو تراجعها على الاقل وبكل ما حملته هذه التجربة من ميزات مثل الحراك الاجتماعي والجدل الإيديولوجي وايضا ما جاءت به من مشكلات جد خطيرة ليس أقلها الفتن المجتمعية والتقاتل وضرب كل المكتسبات البنيوية والاقتصادية التي انحزتها مجتمعاتنا بكثير من الجهد والاثمان الغالية ...ولعل كارثتها الكبرى تمثلت في ضرب أسس الوحدة المجتمعية وإعادة صياغة المجتمع على أساس ديني وطائفي وليس على أساس وطني ومجتمعي على قاعدة المواطنة... إن ما سبق من انجازات ومشكلات ومخاطر شكل الأرضية التي قامت عليها الانتخابات الأخيرة ونتاءجها مشكلة اصطفافا ونتائج جديدة ليست كسابقاتها على الأقل حيث كان حزب أردوغان ' حزب الحرية والعدالة' حزب الأكثرية الذي اغرى أردوغان بمزيد من التفرد وحشد السلطات كلها بين يديه وكان يريد من الانتخابات الأخيرة أن تعطيه أكثرية يستطيع من خلالها تغيير نصوص دستورية تمنح أردوغان الرئيس سلطات شبه مطلقة على طريق إعلانه للخلافة الإسلامية بشخصه لحما ودما .. ولعل المشكلة تكمن في أردوغان نفسه الذي أدخل المجتمع التركي في مشكلات حقيقية مثل المشكلة الكردية التي ضربت مقولات أردوغان في الصميم وخاصة مقولة الإسلام هو الحل وفي هذه المشكلة الكردية لم يستطع أردوغان أو الحل الإسلامي أن يعطي الحل أو النموذجل للصراع أو للمشكلة القومي وكلاهما شديد التدين والاسلمة ..فازداد التناحر والصراع بين القوميتين الكردية والتركية الطولونية ..مما أوصل الأمر بين الطرفين إلى الصراع بالنار والبارود وخصوصا في منطقة ديار بكر والمناطق الكردية ككل.. وكذلك بدأ العجز الاردوغاني جليا بعدم تقديمه حلولا ممكنة للمشكلات المجتمعية في الداخل التركي وخاصة في مفهوم الحرية بل وصل به الأمر إلى دخول معارك علنية مع القضاء ومع الشرطة ومع كل رأي اخر في البلد مما سمح أن تمتد الاشتباكات مع المتظاهرين في حديقة الاستقلال إلى مستويات مروعة من العنف ضد المتظاهرين ناهيك عن الإصرار السلطوي لتنفيذ مخططات الحكومة في تغيير المعالم التاريخية لحديقة الاستقلال ... أما على المستوى الخارجي فكان الملف الأكثر خطورة الذي لعبه أردوغان وحزبه الحرية والعدالة يتمثل في إصراره على أسلمة الدول العربية حسب المنهج العثماني التركي أو العمل على تفجير هذه الدول من الداخل ضمن امتدادات ودعم القوى الإسلامية بها وخاصة حركة الإخوان المسلمين ومن هنا برزت تجربة داعش وظاهرتها اللإنسانية بل إللااسلامية حسب مبدأ الوسطية والدعوى الاسلاميين وجوهر الدين الإسلامي السمح ..ولعل مناصب العداء لدول المنطقة والجهد بذلك العداء والتدخل على لسان أردوغان نفسه شكل مجالا لأسئلة كثيرة أهمها لحساب من يعمل أردوغان ؟! وحساب من تعمد تفتيت وتقسيم المنطقة العربية ..بل أين هي المكاسب الإسلامية من وراء هذه الجرائم التى تجري ضد المنطقة العربية كبلاد وامة...إن كلا الملفين الداخلي والخارجي كانا سبب هذا التراجع في نسبة التأييد لاردوغان وحزبه وخاصة أن ذلك انعكس على الوضع الاقتصادى مراوحة وتراجعا في مجالات كثيرة ..والخلاصة أن استمرار أردوغان بنفس سياساته في الداخل واستمرار سياساته الرعناء ضد البلاد العربية واستمرار دوره الواضح في خدمة سياسات أوباما ونتنياهو لن يقوداه إلا إلى الخسارات المحققة ..سواء استطاع تشكيل حكومة وحدة ضعيفة أو تم اللجوء خلال فترة قصيرة الى الانتخابات المبكرة ..فلقد سقطت المقولة العثمانية ونحن باتجاه تداعي بنيان القائل عن أعادة دولة الخلافة ..بل ربما نشهد تراجعا في كل الدعوات الطائفية التي جرت المنطقة كلها إلى أتون النار وإلى مستويات أعلى من الضعف والتراجع .

شارك هذا الخبر!