الشريط الاخباري

فتاوى دينية لتعزيز ثقافة مكافحة الفاسدين

نشر بتاريخ: 03-11-2019 | محليات
News Main Image

رام الله/ PNN- أنجزت هيئة مكافحة الفساد بالشراكة مع دار الإفتاء الفلسطينية إعداد كتيب يحتوي الفتاوى الشرعية حول الجرائم التي نص عليها قانون مكافحة الفساد رقم (1) لسنة 2005 وتعديلاته، في اطار تعزيز الجهود الوطنية التشاركية في تعزيز ثقافة مكافحة الفساد وتوسيع نطاقها لتشمل كافة قطاعات وفئات المجتمع.

وتجمع الديانات السماوية الثلاث على مكافحة الفساد ومعاقبة المتورطين بممارسته ونبذ اعمالهم وافعالهم المبنية على الفساد، وضرورة مضاعفة الجهود من اجل رد الحقوق لاصحابها، ما دفع هيئة مكافحة الفساد منذ تأسيسها، للعمل على نشر رؤيتها وسياستها الهادفة للقضاء على الفساد وتعزيز البيئة المجتمعية الرافضة له، وصولا لدولة فلسطينية خالية من الفساد.

وتتلاقى رؤية ورسالة هيئة مكافحة الفساد بمضمونها مع ما دعت إليه الديانات السماوية الثلاث، التي حرمت الفساد ونهت عنه، واهمية تحقيق العمل الجماعي في محاربة الفاسدين والمفسدين، حيث شددت الديانة الإسلامية على ضرورة معاقبة المفسدين ونبذ أعمالهم، مع أهمية رد الحق إلى صاحبه، حيث أكد القرآن الكريم على ضرورة تعزيز الوازع الديني لدى الأفراد بهدف تعزيز العدالة والابتعاد عن الفساد، وجعل الله سبحانه وتعالى جنة الفردوس جزاء للذين يصلحون في الأرض ويكافحون الفساد، {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (القصص:83).

ودعا السيد المسيح –عليه السلام- إلى التوبة وخلاص الإنسان من الفساد الروحي والجسدي بكل مظاهره، كما دعت الديانة المسيحية إلى طهارة الإنسان من رجس الفساد حيث وردت في الإنجيل العديد من الآيات التي تدعو إلى إحقاق الحق ونشر العدل بين المواطنين بما ينافي الفساد {قالوا له: يا معلم، ماذا نفعل؟ فقال لهم: لا تجمعوا من الضرائب أكثر مما فرض لكم} (لوقا 13:3).

كما حرمت الفتاوى الدينية جرائم الرشوة، والإختلاس، والتزوير والتزييف، وإستثمار الوظيفة، وإساءة الإئتمان، والتهاون في أداء الواجبات الدينية، وغسل الأموال الناتجة عن جرائم الفساد، والكسب غير المشروع، والمتاجرة بالنفوذ، وإساءة إستعمال السلطة، وقبول الواسطة والمحسوبية والمحاباة التي تلغي حقا وتحف باطلا، وعدم الإفصاح أو الإعلان عن منافع أو ممتلكات أو إستثمارات تؤدي إلى تضارب في المصالح، وإعاقة سير العدالة.

وقال رئيس هيئة مكافحة الفساد معالي المستشار الدكتور احمد براك أن الهيئة عملت على مدار السنوات الماضية على إستهداف القطاع الديني من خلال شركائها في هذا القطاع مثل وزارة الأوقاف الدينية والهيئة الإسلامية المسيحية ودار الإفتاء، حيث نفذت بالشراكة معهم عشرات الأنشطة تنوعت ما بين مؤتمرات وورش عمل ونشرات توعوية ومسابقات دينية ولقاءات إعلامية، هدفت من خلالها لخلق بيئة مجتمعية طاردة ورافضة للفساد.

وأوضح بان الهيئة بذلت جهود كبيرة لإشراك الكل الفلسطيني بجهود مكافحة الفساد والوقاية منه، وذلك من خلال تنفيذها لمئات التدخلات التي من شأنها رفع ترتيب فلسطين على خارطة الشفافية الدولية، بهدف تحقيق الرؤية الفلسطينية الهادفة للوصول لدولة خالية من الفساد.

بدوره أشار المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية سماحة الشيخ محمد حسين الى أن من مهام دار الإفتاء بيَان الحق والصواب والتحذير من الوقوع بشبهات الفساد، مشيرا إلى ان الفساد يهلك الشعوب والانسان إذا إنتشر بهما، مؤكدا إستعداد دار الإفتاء للتعاون مع الهيئة بكافة السبل والمساهمة في تنفيذ خطة الأولويات الوطنية لمكافحة الفساد وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، مشيرا إلى أن المكانة المقدسة لفلسطين تستوجب منا الحفاظ عليها، مؤكدا بان من يخون القدس يخون الله ورسوله والمسلمين.

ودعا المفتي كافة ابناء شعبنا لدعم جهود الهيئة في اداء رسالتها وتحقيق اهدافها في مكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين والتحذير من الفساد وطرقه والمشاركة الفاعلة في تنفيذ الاستراتيجية لمكافحة الفساد التي هي نتاج مشاركة كل مؤسسات الدولة ومنظمة التحرير الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني والحكومة الفلسطينية.

من جهته أكد مدير عام التخطيط والدراسات في هيئة مكافحة الفساد الدكتور حمدي الخواجا على أهمية الدور الذي يلعبه رجال الدين في توعية المواطنين وحثهم على الإبتعاد عن شبهات الفساد، مشددا على ضرورة مساهمة جميع المواطنين بجهود مكافحة الفساد، وأشار إلى أن الهيئة منذ تأسيسها عام 2010 تعمل على تلبية طموح وإحتياجات المواطنين، موضحا بأن الهيئة تأسست من أجل رسالتين أساسيتين، وهما تعزيز مبادئ الحوكمة والحكم الرشيد والنزاهة والبيئة الطاردة للفساد، وملاحقة الفاسدين ومحاكمتهم وإسترداد المتحصلات الجرمية.

وأوضح بأن الهيئة تمكنت من تحقيق جملة من الإنجازات على أرض الواقع، ودعا جميع المواطنين للتعاون والتشارك مع الهيئة بهدف الوصول لدولة فلسطينية خالية من الفساد، مؤكدا بأن على المواطن أن يبدأ من نفسه، وأن يمتنع عن الوقوع بشبهات الفساد، قبل أن يساهم بتغيير مجتمعه والبيئة المحيطة به نحو الأفضل، مشيرا إلى أن تعاون المواطنين مع هيئة مكافحة الفساد يجب أن لا يكون بالقلب فقط، وإنما من خلال تقديم الشكاوى والبلاغات للهيئة عن أي شبهة فساد، حيث تعمل الهيئة على حماية المشتكين وملاحقة مرتكبي جرائم الفساد.

من جانبه أكد نائب سماحة المفتي العام، ومفتي محافظة رام الله والبيرة فضيلة الشيخ ابراهيم عوض الله، خلال مقابلة أجراها على فضائية معا، أن جميع الأديان السماوية نهت عن الفساد، مشيرا إلى أن الفساد وُجد منذ الخليقة الأولى، وجاءت الأديان السماوية لإبعاد المواطنين عن شرور الفساد، وأشار إلى أن دار الإفتاء الفلسطينية تعمل بالشراكة والتعاون مع هيئة مكافحة الفساد من خلال الدورات واللقاءات والإجتماعات المستمرة بهدف توعية المواطنين من مخاطر الفساد، موضحا بأن دار الإفتاء تعمل على تزويد الهيئة ببعض الفتاوى التي تنهى عن الفساد وتحرمه.

وأكد بأن الهيئة ودار الإفتاء تتشاركان بالهدف ذاته، وهو تنقية الأجواء العامة من كل المؤثرات الضارة على الأفراد والمؤسسات والوطن بشكل عام، مشيرا إلى أن الفساد كان حاضرا حتى في عهد المثاليات الدينية، حيث أن الاخطاء دائما موجودة، ولكن يجب أن نضع لها حدود لمنع إنتشارها في مجتمعنا.

وكان أمين عام الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات الدكتور حنا عيسى قد أشار خلال مقالته "كيف نحارب الفساد؟"، إلى أن الفساد كان من أول المظاهر السلبية التي عالجها الإسلام منذ بدايته، حيث شن حربا لا هوادة فيها على الإستغلال والغش والسرقة والرشوة والتعدي على المال العام، ووضع التشريعات القانونية التي تمنع كل مظاهر الفساد مالي، كما وقفت المسيحية ضد الفساد وحاربته بكل الأشكال.

وأشار الدكتور عيسى في مقالته إلى أن مكافحة الفساد مهمة إنسانية وأخلاقية ودينية وشرعية على الجميع المشاركة فيها، وذلك من خلال التربية الدينية الصحيحة، والتحلي بالقيم والاخلاق الحميدة، والسير على القيم الإيمانية السمحاء، وتحسين ظروف المعيشة لأفراد المجتمع، والتوعية المجتمعية، ووضع نظام حماية ومكافأة لمن يقوم بالتبليغ عن حالات الفساد، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب.

كما دعت الديانات السماوية أيضا إلى وحدة المواطنين وتشاركهم في إحلال الخير ونبذ الشر، ومن هنا تنبع أهمية المشاركة المجتمعية في محاربة الفساد، حيث تفتح هيئة مكافحة الفساد أبوابها امام جميع المواطنين والمؤسسات الرسمية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني للتشارك والتعاون في مكافحة الفساد وإيجاد بيئة مجتمعية طاردة ورافضة له.

شارك هذا الخبر!