الشريط الاخباري

بالذكرى 18 لاعتقال القائد الرمز مروان البرغوثي رسالة للأسرى ولشعبنا ولاحرار العالم بقلم بسام ابو عكر 

نشر بتاريخ: 15-04-2020 | أفكار
News Main Image

لكل شعب وأمة قادة ورموز وأبطال، في الغالب لا يتم استحضارهم في تجدد الذكرى كل عام وقي المناسبات الوطنية والقومية، على أنهم الماضي المجيد، الذي يتم استدعاءه للتباكي عليه وذرف الدموع، في مراحل التقهقر والانحدار وغياب القدوة والمثل، وتراجع قيم الكفاح والنضال التي حملها الرواد البناة والمؤسسون، إنما يتم النظر إليهم على أنهم الدافع والملهم المحفز للنهوض والعمل ورفع الهمم وامتطاء صهوة المسؤولية والالتزام بذات الدور والنهج، فمرحلة التحرر الوطني وبلورة الهوية القومية لا تقاس بالماضي والثمن الذي تم دفعه وتقديمه فهذا على أهميته وقسوته استحقاق تدفعه الأمم والشعوب للحرية وطرد الغزاة ولا يتوقف الا بتحقيق ذلك، ومن هنا تستمد الأجيال المتعاقبة وقود المواصلة والاستمرار، لذلك لدينا يوم للأرض ويوم للأسير بعد يومين ويوم للقدس...وهكذا، فيها يتم التذكير بضرورة الالتزام بالسياق الكفاحي كله، فالعملية هي صيرورة ومداومة وعمل، وليس مجرد ذكرى وإطلاق الكلمات والطقوس فارغة المحتوى والمضمون، هذه جوهر كلمات وفحوى السردية التي يبشر بها مروان البرغوثي بطريقة تعجز كل الكلمات عن ذكرها ووصفها. مروان البرغوثي: لا يختلف عليه اثنان أنه أحد أهم وأبرز قادة شعبنا في زمن بلورة الوعي بالهوية الفلسطينية ومرحلة التحرر الوطني، أمضى أكثر من ربع قرن في الاعتقال، وثنان وأربعون عاما في رفض ومقارعة الاحتلال، ومقاومته بكل وسائل وأشكال النضال، هذه معلومات يمكن بتحريك الأصبع على محرك جوجل خلال ثوان الحصول عليها، هذه حقائق قد يتقاطع معه فيها الكثيرون من القادة والمناضلين في هذا الشعب، ولن أضيف الكثير إن قلت إنه أحد أهم قادة العمل الطلابي في مطلع الثمانينات في جامعة بير زيت، وأنه من أبرز قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني/فتح ، ومن مؤسسي حركة الشبيبة في المدارس والمعاهد والجامعات وفي مدن وقرى ومخيمات شعبنا، وأنه من قادة الانتفاضة الأولى عام 1987، وأبعد على إثرها خارج حدود الوطن بعد العديد من الاعتقالات الإدارية وغيرها، كل هذه المعلومات التي تم ذكرها وإن كانت تمهيدا للحديث عن شخصية استثنائية، الا انها في السياق لفلسطيني تتكرر حد التشابه والتماهي مع الكثير من المناضلين. إذا ما الجديد الذي نريد أن نقوله ونركز عليه لإيصاله في هذه المناسبة؟ وما هي رسالتنا حول هذا القائد، للأسرى وشعبنا وأحرار العالم؟ للأسرى: لا زال الأسرى يشكلون أحد أهم وأبرز ملامح النضال الفلسطيني وهم العنوان الجامع، الذي يوحد خلفه كل أبناء الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده وبكافة فصائله وقطاعاته وقواه الحية، لأنه على الدوام وبالحد الأدنى هنالك أكثر من 5000 آلاف أسير واسيرة يقبعون في سجون ومعتقلات الاحتلال، منهم من أمضى أربعة عقود أو أوشك على بلوغ هذه المدة، والعشرات منهم أمضوا فوق العشرين عاما، ومئات اقتربوا من بلوغ حد العشرين عاما في الأسر، ومنهم مرضى ومصابين بأخطر الأمراض ومنهم المبتورة أطرافهم وبينهم كبار السن والنساء والأطفال وأهم قيادات وشباب ومناضلي شعبنا من مختلف الفصائل. ومع بقاء معاناة الأسرى في سجون ومعتقلات الاحتلال، هذا يعني استمرار معانات آلاف الأسر والعائلات التي لن يتوقف مشوار الألم بالنسبة لها إلا بعودة وتحرير أبنائهم ووقف هذا النزيف الراعف منذ عقود، من هنا تنبع أهمية وضرورة توحيد دور وجهود كل الأسرى، واصطفافهم خلف قيادة موثوق بها وبتجربتها ووطنيتها، قادرة على رفع صوتها عاليا للمطالبة بحقوق الأسرى جميعها وعلى رأسها حق الحرية والذي هو مسؤولية أخلاقية ووطنية تقع على عاتق الجميع، المستوى الرسمي والشعبي بدون استثناء، وهذه دعوة للأسرى الى ضرورة التعجيل بتشكيل قيادة وطنية موحدة تضم كل الأطر، لقيادة استحقاق متطلبات وحقوق الأسرى في هذه المرحلة، مع خطورة تفشي وباء كورونا (كوفيد 19)، وتعاظم الحديث عن صفقة تبادل أسرى بين المقاومة ودولة الاحتلال، ومن هنا تبرز الحاجة الملحة للاصطفاف خلف رؤية واضحة ومحددة لمواجهة الوباء، في ظل سياسة الإهمال وغياب العناية الصحية والطبية بالأسرى، وأهمية الاتفاق على معايير وجدول أولويات وطني، يأخذ بعين الاعتبار ويراعي الأقدمية في الأسر والمؤبدات والمرضى وكبار السن والنساء والأطفال وهكذا. وهذا يتطلب الآن وبدون إبطاء أو تأخر إنجاز تشكيل قيادة وطنية موحدة كان ولا زال مروان البرغوثي يؤمن بأهمية وضرورة تشكيلها، لرفع معاناة الأسرى داخل الأسر وحماية إنجازاتهم وحقوقهم التي تم انتزاعها بنضالهم عبر عقود من الكفاح ضد مصلحة سجون الاحتلال، هذا بالإضافة الى حفظ حقوقهم وعلى رأسها حقهم بالدور الوطني والاجتماعي في مختلف المجالات والمستويات أثناء الأسر وبعد تحررهم منه بما ينسجم وبدون انتقاص مع دورهم البطولي في مواجهة الاحتلال قبل وخلال فترة الاعتقال، ولهذا عمل على رفع مكانة الأسرى وتعزيز دورهم من خلال أكاديميات التعليم المتوسط والعالي التي أدارها وأشرف عليها بنفسه بكفاءة ونزاهة عالية، الأمر الذي زاد من وعي وقدرات المئات من الأسرى بأن أضاف التعليم الأكاديمي كعنصر فاعل ومهم في مقاومة محاولات صهر وعي الأسرى، وبما يساهم في سرعة اندماجهم وأخذ دور ريادي لهم في المجتمع بعد التحرر، وكانت فلسفته تحويل المناضلين الذين حرمتهم الظروف المختلفة وعلى رأسها الاحتلال والأسر من التعليم، الى مناضلين متعلمين وحملة شهادات عليا، وبارعين في مجالات تخصصهم. أما الرسالة الثانية: في هذه المناسبة فهي لشعبنا، أن مروان البرغوثي بفكره الاستشرافي، وقدرته الفذة على قراءة الواقع والمستقبل، اختصر مسافات، وأضاف كل الإمكانات، وحيد التناقضات الثانوية والفرعية، وجمع الكفاءات، ووزع الأدوار والموارد الشحيحة، وأبقى الجهود مركزة على التحدي والتناقض الأساسي والرئيسي ضد الاحتلال، لإنجاز هدف واحد ووحيد وهو زوال الاحتلال، وحدد أهداف شعبنا بالشراكة مع مفاعيل الشعب وقواه المختلفة، ولم يقبل التخلي عن مفهوم ومبدأ الشراكة ورفض منطق الإقصاء، حتى ولو كان قوام الفصيل او الاتجاه عنصر واحد في كل الأرض المحتلة‘ وذلك نابع من ادراكه أن المهمة شاقة جدا وتحتاج الى مختلف الجهود والطاقات، ولم يهمل أو يحتقر أي جهد مهما كان متواضعا أو بسيطا، وعلى ذلك بنى فلسفته(شركاء في الدم شركاء في القرار)،وأدرك بعد عناية ودراسة تجارب الثورات التي أنجزت الاستقلال وحق تقرير المصير لشعوبها‘ أن قانون انتصار هذه الثورات جاء من خلال الوحدة الوطنية والجبهة العريضة التي تضم وينخرط في إطارها كل فئات وقطاعات الشعب، وأن تكون المرأة شريكا كاملا في النضال الى جانب الرجل في كافة المواقع والمستويات. والذي مارسه في الانتفاضة الأولى من خلال القيادة الوطنية الموحدة، أعاد تأكيده على شكل أوسع وأشمل في الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى)، مستفيدا من تجربته وقناعاته في ضرورة وأهمية العمل الوحدوي وقوة تأثيره في ميدان العمل والمواجهة، وهذا كان سببا مباشرا في رفد الانتفاضة بكل اشكال الإبداع والتعاون والتنافس في تقديم الأفضل من جانب كل المنخرطين في العمل النضالي، وهذا شكل من أشكال الإبداع، أبعد الساحة الداخلية عن التجاذبات والسجال والاستنزاف بين من هو مع أو ضد التسوية مع الكيان الصهيوني بسبب أوسلو، أعاد تنظيم وترتيب صفوف تنظيم فتح وتشكيل كتائب شهداء الأقصى وتوجيه كل إمكانات التنظيم وأذرعه نحو الأهداف المعلنة لشعبنا، باعتباره يعيش ويخوض غمار مرحلة تحرر وطني لا يجوز فيها إظهار أي صراع جانبي، والتنافس لا يكون الا في ميدان المواجهة ضد الاحتلال، هذا ما على شعبنا اليوم، بكل قواه أن تدرك أهميته، ويستفاد منه في هذه المرحلة، وبعد مرور ثلاثة عشر عاما على مأساة الانقسام‘ الذي لا توجد حتى الآن مؤشرات جدية لإنهائه، هذا الانقسام الذي وقع في حزيران/2007 حاول تجاوزه هو ورفاقه في الأسر، من خلال وثيقة الأسرى للوفاق الوطني في أيار/مايو/ 2006، أي قبل أكثر من عام على وقوعه، ولا زال يقاتل حتى الآن من أجل تجاوز آثاره الكارثية. أما رسالتنا الأخيرة الى أحرار العالم: في ذكرى دخول القائد مروان البرغوثي عامه التاسع عشر في الاعتقال، تتلخص في ضرورة وأهمية التذكير بصمود هذا القائد وإصراره على نيل حريته وحرية كافة الأسرى والأسيرات، وأن هذا الاحتلال وبطشه بحق شعبنا وأرضنا وأسرانا، لن يثني هذا الشعب عن المضي في كفاحه من أجل حريته وكرامته واسترداد أرضه ونيل استقلاله، ولن ينفع مع هذا الاحتلال استخدامه كل اشكال القهر والبطش ضد شعبنا وأسراه، لأن قانون الشعوب ورادة الحياة غير العادية في الإنسان الفلسطيني، ستنتصر حتما في نهاية المطاف، وأن تمرده وعصيانه في وجه هذا العدوان، وصموده الأسطوري كل هذه العقود في زنازين العذاب، وفي مختلف ميادين المواجهة ،أثبت بالحقائق والأدلة التي لا حصر لها ولا يتسع المقام لذكرها، أنه شعب عصي على القتل والاقتلاع، وأنه عميق ومتجذر في وطنه وأرضه ،وكل المؤشرات والدلائل تشير وتؤكد أن هذا الاحتلال الى زوال وأنه يخوض معركة خاسرة، لأن فلسطين لن تكون وطنا قوميا لليهود، وصك الغفران الأمريكي وصفقة القرن وضم الأغوار وشرعنة الاستيطان وكل أشكال الدعم والتأييد الأمريكي ، لن يشفع ببقاء هذا الاحتلال، وقدس الأقداس ليست اورشليم، وعلى العالم وكل أحراره التدخل لوقف جرائم هذا الاحتلال، وأنه آن الوقت لرفع الصوت عاليا، في وجه قادة هذا الكيان لرحيله ووقف عدوانه، وفي الختام لابد من التأكيد على أن الحرية للأسرى هي خيار الشعب الفلسطيني بكل أطيافه، غير قابلة للمساومة أو التفريط بها، وعودتهم الى بيوتهم ودورهم الوطني هدف وغاية كبرى، بالرغم من معانتهم الطويلة الا أن الحرية هي موعدهم الأكيد وهذا ما يلوح الأن في الأفق قريبا أكثر من أي وقت مضى، الحرية لأرضنا ولأسرى وأسيرات شعبنا.

شارك هذا الخبر!