الشريط الاخباري

"الرواية والمكان" و"أدب الأسرى" ندوتان في افتتاح ملتقى فلسطين للرواية‎

نشر بتاريخ: 09-07-2020 | ثقافة وفنون
News Main Image

رام الله /PNN/انتظمت فعاليات اليوم الأول من ملتقى فلسطين الثالث للرواية العربية عبر الإنترنت بندوتين أدبيتين أولاهما بعنوان "دلالات المكان في الرواية العربية والفلسطينية" بمشاركة الروائي والكاتب رشاد أبو شاور، والروائي والناقد د.أحمد رفيق عوض، والروائي والناقد د.إبراهيم السعافين، والناقد والكاتب د.محمد بكر البوجي، وأدار الندوة الروائي صافي صافي، والثانية بعنوان "أدب الأسرى: تجربة الكتابة والنقد"، بمشاركة الكاتب عصمت منصور، والكاتب أسامة المغربي، حيث أدار وشارك في النقاش د. حسن عبد الله. أما الندوة الأولى التي جاءت تحت عنوان ( دلالات المكان في الرواية العربية و الفلسطينية) افتتحها الروائي صافي صافي وتحدث فيها عن علاقة الكتابة الإبداعية بالمكان، في الرواية خاصة، وعن قدرة الروائيين في ترسيخ المكان بشكله الفني السردي، وأكد أهمية الدور الذي يقوم به الروائيون في رسم المكان كجزء من الوعي الثقافي المرتبط بالاستراتيجي، بالحلم، بالإرث الباقي، وتشجيع الروائيين للكتابة عن المكان بما يليق بهذا الوطن وحجم مأساته أيضاً في ذاكرة الأجيال، فالروائي مقاتل في الجبهة الثقافية لإعادة تشكيل الوعي، وإعادة كتابة التاريخ الفلسطيني الذي تعرض للاقتلاع واللجوء رغم ثقل المهمة واتساعها، "إننا نكتب عن الإنسان من أجل الإنسان والإنسانية".

من جهته أكد الروائي رشاد أبو شاور أن الأرض هي جوهر الصراع، والأرض هي فلسطين، وشعبنا على امتداد مئة عام جبل ترابها بدمه، ويعمل عدونا على احتلال وطننا فلسطين – أرضنا، واقتلاعنا من جذورنا من عمق هذه الأرض – فلسطين، لتخلو له، ولكن خاب سعيه، وفشلت مخططاته، رغم كل ما اقترف، وكل أنواع التآمر، فأجيالنا لا تنسى، ولن تتخلى عن فلسطين. وأضاف أبو شاور :علاقة الفلسطيني بأرضه، أي بفلسطين تجلّت في الرواية الفلسطينية فهو : المتشبث بأرضه، والمتحمل لكل جرائم الاحتلال، يلتحم بتفاصيل أرضه، بشجرها، بسهولها، بجبالها، بينابيعها، وحتى بصحرائها التي تنطوي على وقائع، وذكريات، وكذلك الفلسطيني في الشتات، وفي المنافي البعيدة، من ولد قبل نكبة عام 48، ومن أُنجب بعدها يحمل فلسطين في روحه، يتخيلها، يرسمها، يقرأها، ومن أكثر من الرواية يغني تفاصيل ( فلسطينه)، ويعيده إليها..

وفي حديثه أشار الأستاذ الدكتور إبراهيم السعافين إلى أن ثمة ارتباطا في المصطلح بين المكان والفضاء؛ إذ يرى النقّاد أن الفضاء أشمل من المكان، وأنّه يشمله ويستوعبه، وثم يتجاوزه، بحيث يتصل عميقًا ببنية العمل السردي، وعناصره المختلفه، ويرتبط ارتباطاً برؤيته وأبعاده الفكرية والفلسفية والاجتماعية والثقافية والسياسية، ويتصل بعمق، بالدلالات الرمزية الغائرة في جسد العمل.

وأضاف السعافين: بأن الرّواية الفلسطينيّة التي صاحبت نشأة الرواية العربية، شهدت تحوّلات كثيرة ومفصليّة، وعاينت قضايا كثيرة برؤيةٍ مبصرة، لم تقف عند صدمة وقوع الكارثة المزلزلة وحسب، بل تعدّتها إلى الغوص إلى جوهر المعنى الحقيقي للمأساة، وهو المعنى الذي تمسّك به السّياسيّون إلى مدى، ولم يستطيعوا الإمساك به ، حتى أفلت من أيديهم في بعض المراحل، مؤكداً أنّ الرواية الفلسطينية مفتوحة على الأماكن، وعلى حقولها الدلاليّة محليًّا وعربيًّا وعالميًّا.

بدوره أكد الدكتور محمد بكر البوجي رئيس جمعية النقاد الفلسطينيين أنه لا توجد في الآداب العالمية الأخرى مشكلة المكان كما هي في الرواية الفلسطينية؛ بسبب حالة تشتت الكتاب في انحاء العالم .. نكبة عام ٤٨ فريدة في نوعها على مر التاريخ ، لهذا جاءت رؤية الروائي الفلسلطيني إلى المكان مغايرة تماما للمتعارف عليه، لهذا أقترح أدوات نقدية مختلفة عما هو موجود في الكتب على حد تعبيره ، مكان وجود الكاتب وعلاقته بالمكان ، سواء شاهده أو سمع به أو قرأ عنه أو ذهب لزيارته . هنا نستطيع وضع منهج خاص بالمكان في الرواية الفلسطينية . كما طالب جميع الكتاب الفلسطينيين أينما وجدوا أن تكون عناوين روايتهم بأسماء الأماكن صراحة. القرى المدمرة والمدن ، وتكرار الإسم في كل صفحة ، حتى يتلذذ المتلقي ، ويحفظ اسم قريته . وطالب كذلك كل فلسطيني أن يكتب عن قريته قبل النكبة، سواء كتاب، أو رواية بما فيها من حركة اجتماعية بكل أبعادها لأن المكان هو أساس الصراع. وأوضح البوجي أن المقيم في الوطن يحاول رصد التغيرات التي طرأت على المكان، بعد النكبة سواء تغير جغرافية المكان او اسمه، أما المشرد في المخيم فإنه يراوح المكان عنده بين المخيم وبين البلد الأصلي التي سمع عنها من أمه وجده و حكايات اهله ، مثل روايات عبدالله تايه وغريب عسقلاني ومحمد ايوب وعادل الأسطة وعاطف أبو سيف ومحمد نصار، أما المقيمون في العواصم مثل بيروت ودمشق والقاهرة واوربا، فإن المكان لديهم غير واضح في الذهن ، ولنا في غسان كنفاني نموذج واضح .. مثلا في روايته "ما تبقى لكم" ،زمن الأحداث عام ١٩٥٦ أثناء العدوان، يضع غسان ساعة بندول على الحائط، علما بأنها لم تكن موجودة في غزة مطلقا، وأهل البيت فقراء لا يجدون قوت يومهم، ثم يرصد درجا في البيت، أي بيت هذا في المخيم فيه درج ،لا يوجد بالمطلق، كذلك الروائية رجاء بكرية في روايتها " عواء ذاكرة" وصفت المخيم وكانه بيوت من صفيح، لأنها لم تزر المخيم بل سمعت به. وقال البوجي إنه من الضروري تلخيص الروايات الفلسطينية إلى الأطفال وترجمتها بلغات حية حيث يقيم الفتى الفلسطيني الذي قد لا يعرف الكثير عن بلاده فلسطين، مطالباً رجال الأعمال المشاركة في هذا المشروع الاستثماري إلى اللغات.

من جهته أوضح الدكتور أحمد رفيق عوض أن المكان يحضر في الرواية، باعتباره ثاني اثنين من أركانها، فلا سرد بلا مكان ولا سرد بلا زمان، مشيراً إلى أن السرد حدث ككل حدث، ولا يقع الحدث دون هذين المحورين، وكما الزمان مدوّر وجواني ولا أطراف له في بعض الأحيان، فإن المكان هو الآخر قد يحضر، للتعرف المجرد، وقد يحضر كالحلم أو الأنثى أو الصديق أو الأسطورة. المكان وعاء الوعي والمزاج والوجدان. وبشكل أو بآخر فإن حضور المكان في الرواية -كل رواية تقريباً- هو ايدلوجيا. المكان رؤيا وليس رؤية فقط.

وفي ندوة "أدب الأسرى: تجربة الكتابة والنقد"، أدارها د. حسن عبد الله وقال إنه ينبغي أن نؤسس لنوع آخر من النقد في التعامل مع نتاجات الأسرى الأدبية، لا هو بعاطفي، ولاهو بمتشدد، لكن وضمن مناهج النقد الأدبي والاشتراطات الفنية، مع الأخذ بعين الاعتبار السياق الزمني، وأن هذه النتاجات قد كتبت في ظروف مجافية، واعتقد أن الجامعات وخصوصاً الدراسات العليا في اللغة العربية والآداب، يمكن أن تضطلع بدور مهم على هذا الصعيد.

بدوره تحدث الكاتب عصمت منصور عن الكتابة الإبداعية التي تعد نوعاً من أنواع المقاومة والصمود، وتطرق لتجربته الخاصة في الكتابة الإبداعية داخل السجن والظروف التي أنتج فيها مؤلفاته وتركيزه على إعادة صياغة دور ومواصفات البطل في حالة الأسرى من خلال التركيز على صفاته الإنسانية والتحديات التي تواجهه وإصراره على التشبث بالحياة وحبه لها، وأن الانتصار الحقيقي الذي يسجله يكمن في قدرته على صون إنسانيته وتفوقه الأخلاقي على السجان وتشبثه بالحياة والحب والأمل وتغلبه على ظروف السجن القاهرة من خلال انفتاحه الوجداني على الإنسانية وقيمها السامية، وأضاف أن أبطال الروايات يجسدون الأسرى كبشر من مشاعر يتألمون ويعانون لكنهم في النهاية يتغلبون على ألمهم.

أم الكاتب أسامة المغربي في مداخلته قال إن الكتاب والكتابة شغفه منذ الصغر ، حيث كان من المقدر لحدث بسيط أن يشكل محطة انطلاق مهمة في حياتنا، وبدأ الامر عندما التقط منشوراً في الصف الثاني الابتدائي يحمل قصيدة محمود درويش "الخبز" في مدرسة العقربانية وكان قد وزعه الأستاذ عادل الاسطة الذي كان يدرس في تلك المدرسة، التقط الورقة وحفظها وعندما عرف الاستاذ عادل الاسطة بذلك، طلب منه القائها أمام المدرسة، وحصل على جائزة " كتاب" قافزو الأسوار، يتحدث عن سجين يهرب من السجن ولا يكف عن التفكير بالهرب.

وتحدث المغربي عن تجربته الاعتقالية واعتقاله وهو في سن ١٦ عاماً وتعرضه للضرب المبرح بالهراوات ورفاقه في المعتقل، وتطرق لروايته الأولى التي كتبها "العناب المر" في سجن جنيد المركزي، واحتفظ بها الى ان تم نشرها من قبل وزارة الثقافة حديثا نهاية عام 2019. وكتابة روايته الثانية "اغتراب" عام (2018)، وهي تصف واقع الحال الفلسطيني بعد توقيع اتفاقية اوسلو، وتدافع عن بعض القضايا الأساسية وأهمها "ضحايا الحرية"، وتحاول الرواية أن تفسر لماذا يشعر الفلسطيني بالاغتراب، بالإضافة إلى كتابته عدة روايات أخرى، والرواية الثالثة، الليلة الاخيرة في يوم آخر، ورواية الممسوس في المغرب، والرواية الأخيرة التي أنجزها هي رواية عصملي . 2 Attachments

شارك هذا الخبر!