الشريط الاخباري

غرف التطبيع المعلنة

نشر بتاريخ: 17-09-2020 | أفكار
News Main Image
الكاتب : سمير عباهره

اكتمل فصل اخر من فصول مسرحية الامارات والبحرين بتوقيع الدولتين على تطبيع علاقاتهما مع اسرائيل في البيت الابيض بحضور الرئيس الامريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير خارجية الامارات عبدالله بن زايد ووزير الخارجية البحريني عبداللطيف الزياني وقد شهد هذا الحفل خطابات صبت كلها في خدمة الاستراتيجية الاسرائيلية. وزراء خارجية الامارات والبحرين تلقوا خطابات مكتوبة من البيت الابيض واذاعوها من منصة التطبيع واشاروا الى ان هذه الاتفاقيات ستساهم في استقرار منطقة الشرق الاوسط بما فيها اقامة الدولة الفلسطينية التي لم تحدد شكلها في خطاباتهم ولم يأتي اي منهم على ذكر ان الدولة الفلسطينية يجب ان تقام بحدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية بعد الانسحاب الاسرائيلي الكامل من الاراضي التي تحتلها اسرائيل بل ان اتفاقياتهم جاءت منسجمة مع الموقف الاسرائيلي والامريكي وان الدولة الفلسطينية التي اشاروا لها في خطاباتهم هي دولة بالمفهوم الاسرائيلي الوارد في صفقة القرن هذه الصفقة التي لا زالت ترفضها اوروبا ويرفضها ايضا الكثيرين من اقطاب االسياسة الامريكية ورجالات الكونغرس الامريكي حتى ان هناك شرائح سياسية وامنية اسرائيلية ترفض التعاطي معها لكنها وجدت اذانا صاغية في الامارات والبحرين.

اي ان الامارات والبحرين اعطوا وعدا اخر لاسرائيل على غرار وعد بلفور بامتداد حدود دولة اسرائيل خارج حدود 1967 في الوقت الذي لا زالت فيه دول العالم تطالب باقامة دولة فلسطينية بحدود 1967 وفق قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي حتى ان هناك دولا اوروبية اعترفت رسميا بدولة فلسطين في هذه الحدود.

الامارات والبحرين تصطف الان خلف حكومة اسرائيل بهدف اخضاع الفلسطينيين وفق رؤية اليمين الاسرائيلي المتطرف لانهاء الصراع وان الصور التي حملت تقاربا وابتسامات متبادلة بين رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو ووزراء خارجية الامارات والبحرين لم تتجاوز الثمن الذي دفعته اسرائيل مقابل احتلالها للاراضي الفلسطينية. على ما يبدو اننا امام فصل جديد من فصول السياسة الدولية مع عودة بعض المفاهيم التي باتت تطرق ابواب المشهد السياسي الدولي واذا كانت مفاهيم التبعية والمحميات والانتداب والاستعمار قد اختفت من القاموس السياسي مع نهايات القرن العشرين الا انها عادت لتطرق الباب مجددا في بدايات القرن الحادي والعشرين.

التبعية والحماية مقابل التطبيع هذا هو العنوان الابرز لحفلة البيت الابيض، تبعية الامارات والبحرين لاسرائيل مقابل الحماية اضافة الى استثمار العلاقة مع اسرائيل بهدف خلق حالة من التوازن الوظيفي في المنطقة.

نعم حماية اسرائيل لبعض دول الخليج من "الغول" الايراني حيث استغل نتنياهو خوف العرب من التهديدات الايرانية وبدأ باظهار التقارب مع العرب بغرض تجاهل القضية الفلسطينية وتحت فرضية " ان الاعتقاد القائم منذ فترة طويلة بأن العالم العربي لن يتعامل مع إسرائيل حتى يتم حل القضية الفلسطينية ثبت انها مفاهيم فارغة" وهكذا استخدم نتنياهو هذا الشعار للوصول الى قلب الخليج من بوابة الحماية لهذه الانظمة.

اوروبا التي لا زالت تعترف بحل الدولتين بحدود الرابع من حزيران وتطالب باقامة دولة للفلسطينيين على هذا الاساس لا تجمعهم مع فلسطين الامال والطموحات واللغة والتاريخ كما هي مع العرب لكن ذلك يأتي من خلال دور اوروبا في الحفاظ على قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي كما انها لا تجمعهم مع الفلسطينيين القومية التي تعهدت بتحرير فلسطين. كما ان المصير المشترك الذي جمع فلسطين مع العرب سيختفي من اجندة الفلسطينيين من الان فصاعدا لان مصير الفلسطينيون هم وحدهم من يقررونه وانهم لن يذهبوا الى التسوية مع اسرائيل بأي ثمن بل باقامة دولتهم وفق قرارات الشرعية الدولية وعاصمتها القدس الشرقية.

الرئيس الامريكي ترامب ومنذ مجيئه الى الحكم تبنى سياسة امريكية هي الاكثر تطرفا في دعم اسرائيل من الرؤساء السابقين واعتبر ان الحقائق الاستعمارية التي اقامتها سلطات الاحتلال الاسرائيلي هي المرجعية لأي عملية سياسية قادمة بعيدا عن المرجعيات القديمة بما فيها قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي وهذا ما التزمت به الامارات والبحرين، فظاهرة القفز عن القانون الدولي لم تعد تقتصر فقط على اسرائيل بل رافقتها كل من الامارات والبحرين.

 

شارك هذا الخبر!