الشريط الاخباري

تشبه الأساطير... مراسل PNN يوثق حكاية الأسير محمد الطوس الذي أمضى 35 عاما بالسجون

نشر بتاريخ: 08-10-2020 | سياسة , أسرى , PNN مختارات
News Main Image

بيت لحم /PNN/ نجيب فراج -في حكاية الأسير محمد أحمد عبد الحميد الطوس، من قرية "الجبعة" أقصى غرب بيت لحم، تتعدد دوائر الحزن والمعاناة التي لا تتوقف منذ اعتقاله قبل 35 سنة، ليدخل عامه السادس والثلاثين، حيث أصبح من بين أكبر ثلاثة أسرى قضوا داخل سجون الاحتلال،  بعد أن أصّرت سلطات الاحتلال على إبقائه في السجن،  وتعمدت تنكرها للإفراج عن الدفعة الرابعة من القدماء التي كان من المفروض إطلاق سراحهم ضمن التفاهمات التي أشرف عليها وزير الخارجية الامريكي الاسبق جون كيري.

وبحسب عيسى قراقع رئيس هيئة شؤون الاسرى والمحررين السابق فإن الأسير الطوس اعتقل في 6/ 10 عام 1985 وهو متزوج وله ولد وابنة، وكانت زوجته "أم شادي" تأمل أن يكون زوجها ضمن هذه القائمة، حيث وقبل موعد الإفراج عنه بثلاثة أيام كانت تتجول في اسواق مدينة الخليل تحضيرا لمناسبة الافراج المفترض عن زوجها وحينما علمت في ذلك الوقت عن ان ابو شادي لن يكون في هذه الدفعة الثانية وقعت على الارض فأصيبت بغيبوبة اقعدتها عدة اسابيع الى ان اعلن عن وفاتها وكأنها كانت تدرك ان تاجيل الافراج عنه بمثابة ابقائه في السجن فمضى على ذلك سبع سنوات.

حكاية الأسير الطوس تشبه الأسطورة، وهو بعد 36 سنة من اعتقاله لا يصدق انه مازال حيا، بعد أن نصب له ولزملائه في مجموعته العسكرية كمينا محكما وأطلقت عليهم زخات من الرصاص لإعدامهم، فسقط الجميع شهداء بإستثناء الطوس الذي أصيب بجراح بليغة.

ويضيف قراقع: "ان مجموعة جبل الخليل، اسم له صدى، وخاصة في سنوات الثمانينات، وهي مجموعة فدائية مطاردة قامت بسلسلة من العمليات العسكرية ضد جنود الاحتلال، وأصبح هدف إلقاء القبض عليها أو إعدامها، هدفا إسرائيليا مركزيا، وكان الناس يروون قصصا مثيرة عن هذه المجموعة السرية، التي اتخذت من جبال وكهوف الخليل مأوى لها، وسببت الخوف والفزع في صفوف جنود الاحتلال، وكتبت الصحف العبرية وقتها الكثير عن هذه المجموعة التي أصبحت المطلوب رقم واحد لجهاز الأمن الإسرائيلي".

كان الأسير محمد الطوس عامل بناء، لم تتح الفرصة له لإستكمال تعليمه، فخرج من المدرسة ليعمل كي يساعد أسرته على سد رمق عيشها، فاعتقل عام 1982 وكان عمره 18 عاما، وحكم عليه بالسجن عشرة أشهر، فخرج من مدرسة السجن أكثر صلابة وتشبعا بروح المقاومة.

المجموعة ضمت خمسة مناضلين هم، محمد حسن سعيد، محمد عدوان،  محمود النجار، علي خلايلة إضافة الى محمد الطوس، تعرضت لمجزرة وقتل بدم بارد، عندما حاولت المغادرة الى خارج البلاد بالاتفاق مع أحد الأدلاء، حيث نصب كمين موت لهم في الطريق قرب الحدود مع الأردن، استخدمت فيه الطائرات وكل أنواع الأسلحة.

محمد الطوس يتذكر اللحظات الأولى عندما أنصب الرصاص والقنابل فوق رؤوسهم داخل السيارة التي كانوا يستلقونها، ويقول:" كان بإمكانهم إلقاء القبض علينا، ولكنهم أرادوا إعدامنا عن سبق إصرار".

لم يستيقظ إلا بعد مدة طويلة في المستشفى، ومن هناك اقتادوه مصابا الى التحقيق، ليخضع لفترة قاسية من العذاب، كانت الدماء تنزف من جروحه، وكانت الصدمة صعبة عليه بعد أن علم أن كافة رفاقه قد استشهدوا.

وتروي كريمته نقلا عن والدتها المرحومة:" لم نعلم أن أبو شادي على قيد الحياة إلا بعد ستة شهور، فكافة الأخبار وخاصة الإسرائيلية أعلنت أنها قتلت كافة أفراد المجموعة، وجرى تعتيم واسع، ولم يسمح لنا ولا للصليب الأحمر الدولي لمعرفة ما جرى، وعشنا في حالة نفسية قاسية للغاية".

وروت "أم شادي" لأبنائها كيف حاصر الجنود المنزل، وفرضوا حظر التجول على قرية "الجبع"، وقاموا بهدم المنزل عن بكرة أبيه، وكانت حاملا وأولادها لازالوا صغارا، لتتشرد الأسرة وتعيش في ظروف مؤلمة، ولم يكتف الاحتلال بهدم منزل أبو شادي وإنما أيضا قام بهدم منزل شقيقه انتقاما وحقدا.

وبعد أن قام أهالي قريته ببناء المنزل، قام جنود الاحتلال مرة أخرى بإعادة هدمه، وكأنه أراد أن يحكم على أسرة الأسير الطوس بالبقاء في العراء عقابا لها، بسبب بزوغ فدائي بطل من هذه الأسرة المكافحة والصابرة.

شارك هذا الخبر!