الشريط الاخباري

إنقلاب في الموقف الفرنسي تجاه الصراع

نشر بتاريخ: 14-10-2020 | أفكار
News Main Image

الكاتب : سمير عباهره

هل هو تقلب ام انقلاب في السياسة الخارجية الفرنسية تجاه الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ام ان التحولات الاقليمية الجارية تركت تداعياتها على الموقف الفرنسي الذي بدأ بالتراجع عن حل الصراع استنادا الى القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية. وللتذكير فان فرنسا كانت من اكثر الدول تشددا بضرورة التمسك بقرارات الشرعية الدولية في تقرير مصير الصراع وكانت تنادي دائما بحل الدولتين وتطالب اسرائيل بالانسحاب الكامل من الاراضي التي احتلتها عام 1967.

وقبل سنوات قصيرة كانت فرنسا تستعد لطرح مبادرة جديدة في مجلس الامن تدعو الى مفاوضات تؤدي لإنهاء الاحتلال محددة بسقف زمني لا يزيد عن 18 شهرا وبمرجعية دولية.ولهذا الغرض زار وزير الخارجية الفرنسي الاسبق لوران فابيوس المنطقة والتقى مع اطراف الصراع لتسويق المبادرة الفرنسية لكن الرد الاسرائيلي كان قد سبق اجتماع فابيوس مع نتنياهو حينما صرح الاخير بان اسرائيل سترفض الاملاءات الدولية لفرض الحل عليها وهي رسالة واضحة برفض المبادرة الفرنسية لاحياء عملية السلام ورفض الجهود الفرنسية عامة في ظل ترحيب عربي وفلسطيني في المبادرة الفرنسية التي لم يرفضها الجانب الفلسطيني واعتبر انها تحمل نقاطا ايجابية.

هل خضعت فرنسا للضغوط الامريكية الاسرائيلية بصفتها الدولة الاكثر انشغالا بتسوية الصراع والدولة الاقرب للاعتراف بالدولة الفلسطينية ام ان تصاعد حدة النزاعات الدولية والاقليمية كانت السبب وراء هذا التحول بصفتها طرفا في تلك النزاعات في كل من ليبيا وشرق البحر المتوسط والنزاع القائم بين اذربيجان وارمينيا ام ان مصالحها تقاطعت مع الولايات المتحدة واسرائيل في هذه الاحداث ام ان الولايات المتحدة قطعت الطريق على فرنسا ربما في اعتراف محتمل بدولة فلسطينية. ايا كانت الاسباب فهذا ليس مبررا لفرنسا للقيام بهذا الدور الذي ربما يكلفها فقدان دورها الرئيسي في مسألة الصراع واضعاف موقفها الدولي حيث بدأت في تبني الموقف الامريكي فيما يتعلق بالتسوية كما جاء على لسان سفيرها في اسرائيل "اريك دانون" عندما قال " يمكننا قبول اي حل يتفق عليه الفلسطينيون والاسرائيليون" وهذه عباره ترددت كثيرا في اروقة صناع القرار في الولايات المتحدة.

اضاف دانون " لقد تغير الشرق الاوسط ويجب مراعاة الوضع الجديد" في اشارة للاتفاقيات الموقعة بين اسرائيل والامارات والبحرين.

لكن الاكثر خطورة في الموقف الفرنسي هو عندما اشار السفير دانون في حديث عن تسوية الصراع بأن الحل يمكن" ان يكون دولتين او دولة واحدة بالقدس او بدون القدس" وهذا تراجع خطير في الموقف الفرنسي تجاه القدس الارض المحتلة عام 1967 ويعني انها اعترفت بالسيادة الاسرائيلية عليها. ويرى دانون ان اسرائيل اصبحت قوة اقليمية و" يجب على الفلسطينيين ان يأخذوا في الحسبان وضعهم الضعيف على الساحتين الدولية والعربية وان الفلسطينيين لم يكونوا بهذا الضعف من قبل وممكن أن يخسروا كل شيء".

هذا الموقف الفرنسي جاء منسجما مع التطورات والتحولات الاقليمية وداعما للمتغيرات التي طرأت على شكل الصراع ويتماهى تماما مع الاعتقاد الجديد السائد بان موجة التطبيع الاخيرة بين اطراف عربية واسرائيل عززت من موقف اسرائيل الاقليمي وساهمت في ازدياد الاختلال في موازين القوى والمختل اصلا لصالح اسرائيل وربما يمكنها ذلك من فرض الحلول وفق الرؤية الاسرائيلية والامريكية لكن هذه التحولات فرنسا تسويقها بما يخدم مصالح اسرائيل سيكون لها انعكاسات سلبية على الصراع بتشجيع نتنياهو في مواصلة خداعه للعالم اجمع وتبني وجهة نظره في تسوية الصراع ودفن القانون الدولي وقرات الشرعية الدولية والتي كانت فرنسا من اشد المدافعين عنهما في مقابر الاحياء.

حالات التطبيع بين بعض الاطراف العربية واسرائيل لم تغير وجه الشرق الاوسط لانه لا علاقة لهذا التطبيع بالصراع اذ ان دوافع التطبيع تأتي في سياق سياسة المحاور والتكتلات الاقليمية ومها تغير الشرق الاوسط حسب وجهة نظر السفير دانون فان محددات الصراع لم تتغير سواء وقعت الامرات والبحرين او غيرها نالدول الاخرى كما يشاع فان ذلك لم يغير محددات الصراع اذا ان الصراع خرج من بعده القومي منذ العام 1973 وانتهى فعليا عام 1982 ومهما حدث من تغيرات اقليمية فان الحق الفلسطيني لا يتغير وسيبقى الصراع في تصاعد وستبقى المنطقة تعاني من عدم الاستقرار اذ ان ضعف الفلسطينيين وقوتهم لا تقاس بمقاس التكتلات والمحاور بل في شرعية حقوقهم.

شارك هذا الخبر!