الشريط الاخباري

القدس بوصلة الأحرار بقلم: د.خالد معالي

نشر بتاريخ: 08-05-2021 | أفكار
News Main Image

بقلم: د. خالد معالي

في شهر رمضان الكريم، وكلما اشتدت المحن واختلط الحابل بالنابل، واحتار المرء في تفسير وتحليل ومعرفة ماهية وحقيقة ما يجري من حوله، تسارع القدس لتصحيح البوصلة وعدم حرفها وتنعش ذاكرة الأمة بوعيها السياسي الرشيد، لتشكل طريقا للأحرار.

ها هي القدس تحرك الأمة من جديد، مسيرات في القدس والضفة وغزة والأردن وتركيا ... وما يوجع القلب أن المسيرات هي دائما دون قادة العرب والمسلمين الذين يبدو أنهم قد نفضوا أياديهم من المسؤولية عن بيت المقدس، مستكينين للأمر الواقع، وخائفين من امريكا والغرب، ومن غضب "نتنياهو".

منظر المواجهات في باحات المسجد الاقصى او على باب العمود، او في حي الشيخ جراح، اعاد الثقة والامل ورفع المعنويات، فبرغم عدم توازن القوى، من ناحية جنود مسلحون ومدججون بالاسلحة ومدربون، يواجههم مقدسيون بصدور عارية، لهو رسالة لجيوش العرب والمسلمين الذين يتفرجون دون حراك، أن اخجلوا ولو قليلا.

إنقاذ بيت المقدس هو مهمة تاريخية جسيمة أضخم كثيرا جدا من أن يحمل أعباءها الفلسطينيين لوحدهم أو مسيرات غضب مع أهميتها، ويسجل للمقدسيين عنادهم على الحق رغم معرفتهم الثن من استشهاد او اعتقال او جرح ونفي.

انعكس ما يجري في القدس المحتلة، على اكبر قوتين في الساحة الفلسطينية، ففتح راحت تناور عبر ادوات المجتمع الدولي ومجلس الامن ، ومحكمة الجنايات الدولية، وهي ادوات سبق وجربت عشرات ومئات المرات دون جدوى، ولم يطبق ولو قرار واحد ضد الاحتلال حتى الان.

بالمقابل راحت حماس تهدد وتتوعد بضرب الاحتلال بالصواريخ، وهو ما دفع "نتنياهو " الى تخفيف اعتداءاته وقال لعضو الكنيست، "ابن غبير " الذي نقل مكتبه الى الشيخ جراح: اذا لم تترك المنطقة سيطلقون صواريخ نحو القدس.

مكث الصليبيون في القدس حوالي مائتي عام واحتلوها 90 عاما متواصلا، وها هو الاحتلال يمر بنفس الفترة تزيد او تنقص، واستخدموا كل أنواع القوى والأساليب الماكرة والخادعة كي يبقوا لأطول فترة ممكنة ولكنهم فشلوا معا.

القدس، عقيدة، فهي ليست أرضا متنازع عليها أو مجرد بنايات تاريخية، بل للقدس معاني ودلالات مزروعة في قلب وعقل كل مسلم وعربي وفلسطيني وعقيدة دينية لا يريد "نتياهو" أن يقر بها، وهو ديدن كل الظلمة عبر التاريخ.

تأمل أخي القارى، فالقدس وعبر التاريخ كانت وما زالت المفتاح للحرب والسلام، وملازمة للوعي السياسي الجمعي للأمة، ومصوبة بوصلتها، فدولة المشروع الصهيوني تطوق القدس بالمستوطنات كنسخة معاصرة للإمارات الصليبية التي أقامتها فتوحات الفرنجة في المنطقة قبل ألف عام، فهل الإمارات خلدت الاحتلال الصليبي المدعوم من دول أوروبا وقتها؟!

الاحتلال وحده يتحمل مسئولية ما يجري في القدس من تهويد ساعة بساعة وليس مقتصرا على حي من أحيائها كالشيخ جراح وغيره، بل يطال الاستهداف كل نقطة وحتى ذرة تراب في المدينة المقدسة ووفق خطة ممنهجة ومدروسة وذات رؤى وأبعاد إستراتيجية ما عادت تخفى على أي متابع ومهتم بشأن القدس.

"بنيامين نتنياهو" يعتقد بفرضه شروطه على الجانب الفلسطيني وفي ظل الضعف العربي وبحكومته اليمينية المتطرفة انه سينجح في تقسيم القدس وطرد 500 من اهالي الشيخ جراح المقدسيين والاصليين.

"نتنياهو" يقوم بجس نبض الفلسطينيين والشارع العربي والإسلامي في هذا الأمر وهو ما فشل فيه حتى اللحظة، مع أنه يواصل خنق القدس بكتل استيطانية وتدمير بيوت أهلها، وجعل اليهود أغلبية مطلقة فيها.

الصمت المطبق من قبل أكثر الأنظمة العربية يشجع اليهود المتطرفين ليكثفوا بالتالي من اعتداءاتهم واقتحاماتهم لباحة الحرم الشريف كمقدمة لبناء الهيكل المزعوم بعد هدم الأقصى بحسب تخطيطاتهم.

مشاهدة المسيرات والمظاهرات في الاراضي المحتلة عام 48، ومدن الضفة وغزة نصرة للأقصى تثلج الصدر وتخفف من وجع القلب والألم الذي اعتصره بعد أن تغلبت سلسلة من التناقضات الفرعية والهامشية في العلاقات الداخلية الفلسطينية على التناقض الرئيس وهو الاحتلال.

المسير ما زال طويلا والزاد قليل جدا، وكل الجهود والطاقات يجب أن تتوحد وتتكاتف ضد التناقض الرئيس وهو الاحتلال الذي يستهدف الجميع، وعلى كل فرد فلسطيني أن يقف عند مسئولياته وخاصة قادة القوى والفصائل،

ما يمارس يوميا، بحق القدس وسكانها ومقدساتها ساعة بساعة على درجة عالية جداً من الخطورة، وصل وتعدى الخطوط الحمر جميعها ويتطلب مواقف وأفعال فلسطينية وعربية وإسلامية نوعية، تتجاوز الروتين المعروف من استنكار وشجب وتنديد.

على الأمة أن تتحرك لنصرة الفلسطينيين والقدس والأقصى ولو بأضعف الإيمان، وعدم تركهم وحدهم يواجهون "نتنياهو" المتعطش لتهجير حي الشيخ جراح، ولتهويد الأقصى والقدس والضفة الغربية، وبناء الهيكل المزعوم.

شارك هذا الخبر!