الشريط الاخباري

تصاعد الصراع فرض على الولايات المتحدة تحركا سريعا بقلم: سمير عباهره

نشر بتاريخ: 02-06-2021 | أفكار
News Main Image

بقلم: سمير عباهره

الاحداث التي مرت بها القضية الفلسطينية في الاسابيع الماضية وما نتج عنها من تحولات وتغيرات على عناصر الصراع بعد الحرب التي شنتها اسرائيل على الاراضي الفلسطينية اخذت ابعادا دولية واقليمية ومحلية ونقلت الصراع من مربع مهم الى مربع اكثر اهمية وفرضت معادلة جديدة ومستجدة على اجندة الصراع فرضت على المجتمع الدولي ان يعيد حساباته تجاه المنطقة بعد ان فشلت كل الرهانات على ان القضية الفلسطينية وصلت الى ثلاجة الموتى وبعد ان سقط رهانهم على ان التطبيع العربي مع اسرائيل سيدفع بالقضية الفلسطينية الى هامش الاجندة الدولية والاقليمية الامر الذي استدعى حراكا سياسيا دوليا واقليميا تمثل في وصول عددا من المسئولين الدوليين وفي مقدمتهم وزير الخارجية الامريكي انتوني بلينكن ووزير الخارجية الالماني هايكو ماس الى المنطقة في محاولة لاحداث اختراق يعيد المنطقة الى مرحلة ما قبل بداية الحرب.

لماذا هذا التحول السريع في الموقف الامريكي تجاه ازمة الشرق الاوسط بعد ان كانت سياسة الرئيس الامريكي بايدن تشير الى عدم اهتمامه في موضوع الصراع وان البيت الابيض لن يبذل جهدا لاحياء عملية السلام ودعوة الاطراف الى العودة الى طاولة المفاوضات بل تأييد صراعاً مداراً وهذا نهج يمثل تحولا كبيرا في الموقف الامريكي. لكن سرعان ما تغير وتبدل الموقف الامريكي الذي فرضته معطيات جديدة وتفاعلات سياسية اقليمية ومحلية بضرورة التحرك سريعا لتطويق الصراع بعد ان ادركت الولايات المتحدة ان المنطقة تقف على حافة الهاوية وان انفجار الشارع العربي والاسلامي والحشود التي اعلنت عن استعدادها لعبور الحدود الفلسطينية كان احد اهم نقاط التحول في الموقف الامريكي وادركت الولايات المتحدة ان هذه الظاهرة تعود لاسباب معقدة ومركبة في عمق الوعي الجمعي للجماهير العربية والاسلامية المتجهة لنصرة فلسطين فالولايات المتحدة لا تريد ان تتسع مساحة الصراع ويأخذ ابعادا شعبية واقليمية بحيث يصبح من الصعوبة احتواء المواقف المتجددة وبدا انها ستتصرف وفق نظرية "ما لا يدرك كله لا يترك جله" فسارعت الى ارسال وزير خارجيتها انتوني بلينكن الى المنطقة.

التحرك الامريكي ووصول وزير الخارجية انتوني بلينكن كان يهدف الى تطويق الحرب ومنع اتساعها وانتشارها وتبريد الموقف الفلسطيني واخراج اسرائيل من مأزقها وهو نفس المأزق الذي وجدت الولايات المتحدة نفسها فيه بعد ان نجحت الحرب الاخيرة في فك الارتباط التقليدي في المواقف الدولية بخصوص القضية الفلسطينية وهذا ما ازعج الولايات المتحدة التي عادت واكدت على اهمية العنصر الفلسطيني في تسوية الصراع باعتباره طرفا رئيسيا لكن التحرك ايضا كان يهدف الى تخفيف ردود الفعل الفلسطينية وامتصاص سخطهم ونقمتهم على اسرائيل نتيجة سقوط الضحايا.

الولايات المتحدة ادركت جيدا ان الصراع عاد الى الواجهة الدولية وادركت ايضا ان مخطط تهميش القضية الفلسطينية من خلال التطبيع المجاني مع النظام الرسمي العربي قد فشل فلذلك كان لا بد من القيام بخطوة لتجديد مسعى التسوية لكن الخطوة الامريكية لم تكن مكتملة لاننا لم نلمس مواقف جدية امريكية وبقيت نفس العبارات التقليدية التي سمعناها سابقا هي لسان حال المسئولين الامريكيين حينما اكد بلينكن على دعم الولايات المتحدة لحل الدولتين باعتباره الطريقة الوحيدة التي ستمنح الإسرائيليين والفلسطينيين الأمل بالتمتع بـ"إجراءات متساوية من الأمن والسلام والكرامة" وأن حل الدولتين هو "السبيل الوحيد" لحل النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين في حال تمت تلبية الشروط المناسبة لكنه لم يقف على نوعية الشروط المناسبة وهذا هو الموقف الامريكي الاكثر وضوحا الذي تشير بواطنه الى ان الصراع سيبقى يراوح مكانه مع تحسينات طفيفة تتعلق بالمساعدات وعودة العلاقات ولكن بقي على بلينكن تحديد المفهوم الجديد لحل الدولتين لا ان يبقى مجردا.

اسرائيل كانت استبقت زيارة بلينكن بطرح موقفها من عملية التسوية ضمن رؤيا ومفاهيم جديدة يتمثل جوهرها في تجديد العملية السياسية مع الفلسطينيين دون تسوية دائمة وشاملة وانما يدور الحديث عن ترتيبات انتقالية متدرجة تهدف الى تحسين الوضع الامني والمدني على ساحة الصراع وان اعادة الفلسطينيين لطاولة التفاوض سيظل في دائرة الانتقالي والمرحلي والاخطر من كل هذا انها ستعمل على عزل القدس عن دائرة الصراع. وكان واضحا ان بلينكن سيصطدم بالموقف الاسرائيلي حيث ان اسرائيل تعمل دائما على ابقاء المنطقة في حالة صراع حتى تقطع الطريق امام اي مقترحات تتعلق بالتسوية فادارة الحروب كم تخطط له اسرائيل يعني استمرار لجهود لوقف تدحرجها بعيدا عن اجواء السلام.

من الصعوبة على الولايات المتحدة تجاهل التجارب المتراكمة التي مرت بها القضية الفلسطينية وما افرزته من عناصر الصراع في مراحله المختلفة وبدا ان المعادلة اختلفت كثيرا في مخيلة العالم بحيث اصبح من الصعب على الولايات المتحدة تثبيت خطواتها السياسية التي تؤدي الى استقرار الساحة السياسية مع الفلسطينيين وحماية المصالح الحيوية لاسرائيل في ظل التطورات الاخيرة والعناصر الجديدة التي دخلت على الصراع وشكلت رادعا لاسرائيل دون حل واضح فمن المفترض ان يقف الرئيس الامريكي بايدن على معرفة كاملة بعناصر الصراع ويدرك ان القضية الفلسطينية لا تعاني من بروتوكولات العلاقات وان حل القضية ليست في اقامة علاقات هنا وعلاقات هناك بل هي جوهر الصراع الدولي وعدم حلها سيبقي العالم في حالة صراع دائمة.

شارك هذا الخبر!