الشريط الاخباري

السلطة التنفيذية وحركة فتح ونزار بنات بقلم: المحامي سمير دويكات

نشر بتاريخ: 27-06-2021 | أفكار
News Main Image

بقلم: المحامي سمير دويكات

أتذكر قبل عشرين عام وربما أكثر عندما كنا في جامعة النجاح الوطنية، وقد كانت هذه التجاذبات وقتها لا تقل عما يحصل في الشارع اليوم، السلطة الوليدة جاءت باتفاق اوسلو والذي لم نكن وقتها على علم كامل به ولكن كانت السلطة تحرص على الالتزام بمضمون الاتفاقيات كما جاء بها الاتفاق، وغالبية الشعب الفلسطيني كان ضد الاتفاق لأنه في وقتها ظهر بوادر كبيرة على تطبيقه على الأرض ومنها أن تطبيقه يستدعي تدخل إسرائيل بمنع أي حراك للمقاومة، مما أدى إلى التصادم بين قوات الأمن الفلسطينية والشعب وهذا حصل جليا في اقتحام جامعة النجاح الوطنية واعتقال مئات الشباب، ووقتها ودون تذكر السنة بالتحديد، دخل علينا أعضاء في الأجهزة الأمنية لاعتقال ناشط لم يكن موجود عندنا وإنما كان موجود في أحد البنايات القريبة، فطلبنا وقتها منهم مذكرة تفتيش لكن لم يكونوا يحملونها، كون أننا كنا طلاب قانون وكان قانون الإجراءات الجزائية جديد بعد سنوات من قبل المجلس التشريعي الأول، فاتفقنا على رؤية الشباب في السكن من قبل أحد أفراد الأمن فقط وبعدها غادر رجال الأمن.

تلك صورة من صور الأدب القانوني الذي كان يجب أن يصحح منذ ذاك التاريخ وقبله، ولكن بقي الحال على حاله وتطور باستشهاد أبو عمار وجاء الرئيس أبو مازن برؤية مختلفة نوعا ما عن السابق، فهو نطق صراحة بعدم رغبته في أي أعمال مقاومة وهو اختار طريق المفاوضات كسبيل لحل القضية الفلسطينية.

وتطور المشهد الفلسطيني بعد ذلك لإجراء انتخابات تشريعية، ونجحت حركة المقاومة الإسلامية بحصد الأغلبية من المقاعد، وهو أمر كان فيه تحول جذري نحو انقلاب حقيقي في إدارة البلد، لكن بعد عام سيطرت حماس على غزة ووقع الإنقسام واستمر إلى يومنا هذا، وهو انقسام كان أسوأ وأشد على الشعب الفلسطيني من الاحتلال نفسه، وفيه هدرت الحقوق الفلسطينية كاملة وشرع الطرفان في غزة والضفة لنفسهما أن يعادوا الشعب الفلسطيني، وانتهكت الحريات وتراجع الوضع القانوني إلى مستويات كبيرة، وبقي كذلك إلى اليوم في تراجع كبير، وانتهك جسد السلطة القضائية وباتت الوزارات تعمل فقط على الحد الأدنى، ولكن ظهر التراجع في مختلف القطاعات.

خلال ذلك جرت محاولات كثيرة لإجراء انتخابات مبكرة قبل نهاية المدة، وبعدها تم العمل على التحضير للانتخابات إلى حد مراحلها النهائية ولكن كانت لظروف مختلفة يتم تأجيلها واخرها بسبب القدس، وحتى اليوم بقيت البلد بدون انتخابات، وفي سنة 2018 أقرت المحكمة الدستورية التي عليها خلاف قانوني كبير حل المجلس التشريعي وبقيت البلاد دون مشرع، وحتى قبل ذلك لم يتم عمل مجلس التشريعي سوى في غزة من أعضاء حماس يشرعون كما يريدون على خلاف الدستور. كل هذه الأمور أخذت الحال إلى أبعاد خطيرة من غياب الحريات وتعديات على حقوق الانسان، ومرت القضية بظروف عصيبة فترة حكم الرئيس الأمريكي ترامب وواجه شعبنا غطرسته بكل قوة، وشنت الحروب والمواجهات ضد شعبنا في كل المناطق وآخرها كان قبل حوالي شهر، ولكن الدم الفلسطيني انتصر على الاحتلال، وعادت القضية إلى مسارها الحقيقي وأخذت وجها جديدا. في ظل غياب الرقابة الفعالة من مجلس تشريعي منتخب أو مؤسسات سوى من بعض المؤسسات الحقوقية مثل الهيئة والحق والنقابات، استمر إهدار الحقوق ووجدت الاعتقالات السياسية ومنها اعتقال الناشط نزار أكثر من مرة على خلفية الرأي، ولكن القضاء نوعا ما تصدى إلى هذه التصرفات وأوقفها في الضفة وبقيت على حالها في غزة. لم أكن استمتع كثيرا شخصيا بسماع نزار بنات، ولكنه مما كان يصلني من القليل منه كان ناطقا شرسا في انتقاد منظومة الحكم، وفي كل قضية كان ينشر فيديو معلقا على الأحداث وآخرها كان قضية اللقاحات الفاسدة، وغيرها من التعليقات المنهجية وفق اسلوبه، فتم اصدار مذكرات اعتقال بحقه، ويم الخميس الماضي دخلت قوات امنية لاعتقاله وأعلن عن وفاته بعد ساعتين من محافظ الخليل. هبت جماهير كبيرة رفضا لما جرى وشاط الغضب وأدى إلى حدوث تجاذبات بين القوات الأمنية والمتظاهرين وتدخل أعضاء ينتسبون لحركة فتح وتصدوا للمتظاهرين يوم أمس في رام الله، وهو مشهد حزين كثيرا، وصدرت البيانات وكأن البعض استشعر أن النظام كله في خطر، وهو أمر لم يكن وليد اللحظة بل سبقه أحداث مقيته قبل ذلك وامتلأت السجون في غزة الضفة بالنشطاء السياسيين، وهنا لا يجب انتهاز الفرصة بالوحدة للوحدة الوطنية وتقاسم الحكم على أساس الدستور الفلسطيني ومراعاة الحقوق الخاصة بالمواطنين وفق القوانين السارية وتفويت الفرصة على الاحتلال واعوانه، لالا يحصل شرخ كبير بين الأجهزة والشعب وأن يتم وئد الفتنة في مرقدها، وأن يتم الاستفادة من الهبات والانتفاضات الجماهيرية ضد المستوطنين وجنود الاحتلال كما يحصل في بيتا والشيخ جراح فهي التي لا يختلف عليها احد. وأيضا ضرورة تفعيل أدوات الانتخابات وان يتم ابتكار طرق جديدة في تجديد الشرعيات القانونية بعيدا عن الاحتلال وأن يصار الى خطة وطنية شاملة بمشاركة الجميع وليس فقط أمناء فصائل لا قوة ولا حولة لهم سوى التأييد دون وعي أو دون تحليل أو بعيدا عن طموحات شعبنا. لذا مطلوب من لجنة الانتخابات أن تتصدى إلى ايجاد حلول عملية بتوافق فلسطيني من أجل انجاز الانتخابات في أسرع وقت ممكن. وهنا لابد من القول إن حركتنا العظيمة حركة فتح لن تقبل الإعتداء على المواطنين وأعضاءها لم يقبلوا ما جرى مع نزار، وإن السلطة مشروع وطني كان الغرض منه الوصول الى دولة فلسطينية ذات سيادة وليس شيء غير ذلك، وإن من حق الناس إن يمارسوا حقوقهم الدستورية والقانونية بحرية كاملة، وإن الاعتداء عليهم هو اعتداء على الشعب الفلسطيني برمته، وإن كان البعض يريد أن يجرنا إلى معارك جانبية فهو وأهم، وإن الكل الفلسطيني يحتكم إلى القانون والدستور، وان بوصلتنا ستبقى موجهة نحو الاحتلال في انهاءه وإقامة مشروعنا الوطني بدولة فلسطينية مستقلة. فالطفل الذي يواجه المستوطنين وجنود الاحتلال في بيتا عاري الصدر يستحق أن يكون لديه دولة ذات سيادة يحكمها سيادة القانون فقط دون غيرها، وإنه يجب تفعيل أدوات المقاومة ضد الاحتلال نحو استراتيجية وطنية قادرة على تغيير لعبة الاحتلال الذي يتمتع بالوضع الموجود وإن يكون الهدف الواحد والوحيد لأبناء شعبنا هو إزالة الاحتلال نهائيا.

شارك هذا الخبر!