الشريط الاخباري

دور الاتصال المؤسسي في التنسيق بين أقسام المؤسسة بقلم وعد الكار

نشر بتاريخ: 16-08-2021 | أفكار
News Main Image

برزت أهمية الاتصال في حياة الإنسان منذ زمن بعيد؛ فهو جوهر استقرار الحياة الإنسانية وازدهارها، ويعود له الفضل الأكبر في نمو الفكر الإنساني وتطوره، وتقدم الأمم والحضارات الإنسانية، وقد اعتبر الكثير من الباحثين أنّ الاتصال يعتبر الأساس المهم الذي يقاس به مدى رقي الأمم والحضارات، وما أنتجته من تقدم وازدهار.

إن الاتصال هو الحاضنة الأساسية للحفاظ على المؤسسات ودعم استمراريتها بصورة مشرقة، ويعتمد مستقبل المؤسسات اليوم على دور الإدارة في إنشاء صورة ناجحة أمام جماهيرها الداخلية والخارجية، لذا يعتبر الاتصال في وقتنا الحالي أحد العناصر التنظيمية لسير أي نشاط داخل المؤسسة، حيث لا يمكن تحقيق أهدافها دون وجوده.

وقد اهتم الباحثون بدراسة الاتصال المؤسسي الداخلي باعتباره من أهم الأسس الرئيسية التي تقوم عليها المؤسسات، فهو يعمل على توحيد الأنشطة وتنسيق التعاون بين جميع أقسام ووحدات المؤسسة، لتحقيق التكامل والانسجام بينها، ولتحقيق أهداف المؤسسة الاستراتيجية.

فما هو الاتصال المؤسسي الداخلي؟

اهتمت المؤسسات الحديثة بالاتصال الداخلي اهتماما حثيثا، مهما كان حجمها أو طبيعة نشاطها، نظرا لطبيعة التفاعلات التي يحدثها من تبادل للمعلومات والأفكار، ويعمل على تشجيع وتحفيز الافراد لتحسين جودة عملهم، وبدونه يحدث خلل في التعامل بين موظفي المؤسسة ومدرائها، لذا أصبح من الضروري الاهتمام بالاتصال والعمل على تحسينه وتطويره في المؤسسة وتبنيه كنظام ليساهم في تحقيق النجاح والفعالية.

تعددت مفاهيم الاتصال المؤسساتي الداخلي بتعدد الدراسات والأبحاث وعموما هو عملية الربط بين أعضاء المؤسسة بهدف نشر المعلومات والأفكار.

وفي تعريف أدق فإن الاتصال المؤسساتي هو تلك العملية التي تهدف إلى تدفق المعلومات اللازمة لاستمرار العملية الادارية عن طريق تجميعها وتحليلها ودراستها ونقلها الى مختلف الوحدات المشكلة للهيكل التنظيمي لتحقيق الفعالية المرجوة لأداء المنظمة وفق الاهداف المخططة. (بانوح، بومكواز، 2018، ص28).

ما أنواع الاتصال الداخلي في المؤسسة؟

إن الاتصال داخل المؤسسة يجمع بين الاتصال الإداري الداخلي، وبين الاتصال الخارجي الذي يستهدف البيئة الخارجية للمنظمة. ويبقى نجاح الاتصال مرهون بمدى الاهمية التي تولى له ضمن هيكل المنظمة وبالظروف والإمكانيات المتاحة والمحيطة بالمؤسسة.

وينقسم الاتصال الداخلي إلى نوعين رئيسين هما الاتصال الرسمي وغير الرسمي. الرسمي له اجراءات محددة ومبنية بصورة مكتوبة، وله ثلاثة أشكال، أولا: الصاعد حيث يبدأ من أدنى المستويات الإدارية ليصل إلى أعلاها عبر المستويات الإدارية المختلفة من أسفل الهرم في الهيكل التنظيمي إلى أعلاه، ثانيا: الهابط وهو تدفق المعلومات والتوجيهات والتعليمات من الإدارة العليا أي من الرؤساء إلى المرؤوسين بهدف دفعهم وتوجيههم نحو العمل ومختلف الأوامر والتعليمات الخاصة بتنفيذ القرارات، وثالثا: الأفقي وهو يحدث بين موظفي المستوى الإداري والعلمي، الذي يهدف إلى تبادل المعلومات والتنسيق بين الجهود والأعمال التي يقومون بها، وفي كثير من الأحيان يحدث ويمارس على شكل اجتماعات اللجان والمجالس المختلفة الموجودة داخل المؤسسة.

أما الاتصال غير الرسمي يحدث في المنظمات والذي لا يتقيد بمراكز الأفراد وعلاقاتهم ورتبهم ويقوم على أساس العلاقات الشخصية ويرتكز حول الأهداف المرجوة ولا يخضع لإجراءات مثبتة مكتوبة رسمية، ويمتاز الاتصال غير الرسمي بسرعة وسهولة الانتشار حيث أن الخبر قد ينشر قبل بثه في القنوات، ومن أبرز خصائصه سهولة انتشاره في المنظمة، وسرعة ومرونة ونقل وتبادل المعلومات بين الموظفين، ويعتمد على الوسائل الشفوية في الاتصال، ويعمل على تعزيز العلاقات بين العمال ويخلق روح التعاون فيما بينهم.

أصبح في الوقت المعاصر نجاح الاتصال المؤسساتي يتطلب من المؤسسة بناء ثقافة اتصالية تشمل جميع افراد المنظمة والتربية على ممارسة الاتصال حتى يصبح سلوكا عاديا لدى الجميع، فالثقافة الاتصالية تسمح بالتعرف على العالم الداخلي للعمل وللأفراد ورفع كفاءة العمل والرضا عنه، كما تؤثر ايضا على طريقة تعامل افراد المؤسسة مع بعضهم البعض حيث تمكنهم من النقاش الحر وتبادل الافكار والآراء وتقاسم الخبرات, وكذلك تمكين العاملين الجدد من الحصول بسهولة المساعدة من زملائهم القدامى مما يسمح لهم بالاندماج بسرعة في مناخ العمل.

ما أهداف الاتصال الداخلي؟

إن الاتصال الداخلي يسعى لتحقيق الأهداف على مختلف الصعد، فهناك أهداف خاصة بالعاملين حيث يسعى الاتصال الداخلي إلى التعريف بما يجري داخل المؤسسة مما يؤدي إلى زيادة التفاهم والتعاون، كما يهدف إلى خلق الرضا والارتياح بين العاملين، وتبادل المعلومات الهامة مما يؤدي إلى التقليل من الدور السلبي للإشاعات داخل المؤسسة، كذلك يساهم في رفع معنويات الموظف ويحسسه بأهميته ودوره في المؤسسة مما من شأنه زيادة معدلات المشاركة في المؤسسة عن طريق إسهامهم في المشروعات التي تقوم بها وإعلام المرؤوسين بالأهداف والسياسات والبرامج والخطط ، إضافة إلى وجود أهداف خاصة بالقيادات الإدارية؛ فالاتصال الداخلي من شأنه المساعدة في اتخاذ القرارات السليمة والهامة القائمة على قدر كافي من الحقائق والمعلومات والبيانات المتدفقة عبر القنوات الاتصالية مما يسهل عملية التوجيه والإشراف على العاملين، وبالتالي تحقيق التنسيق بين الإدارات المختلفة داخل المؤسسة، وعلاوة على ذلك هناك أهداف خاصة بالجمهور؛ حيث تسعى المؤسسة إلى إقامة نظام اتصال داخلي خاص بها يمكنها من ترسيخ صورة المؤسسة، وكذلك طبيعة خدماتها ونشاطها من جهة والتعرف على رأي الجمهور فيها ومقترحاته لتحسين خدماتها من جهة أخرى.

ما أهمية الاتصال الداخلي المؤسسي في التنسيق بين أقسام المؤسسة؟

يعد الاتصال وسيلة في غاية الأهمية في نجاح المنظمات، فبدون الاتصال يصبح التنسيق بين أعمال الأفراد مستحيلا، ولا يمكن تحقيق التعاون فيما بينها، لكن في حال وجود اتصال داخلي فعال يؤدي ذلك إلى تحسين أداء الفرد في التنظيم، وحصوله على رضا أكبر في العمل، فالاتصالات الداخلية في المؤسسة لها أهمية في تحقيق أهداف المؤسسة، وتبرز أهمية الاتصال الداخلي داخل المنظمة في المجالات الآتية:

-الاتصال الداخلي واتخاذ القرارات:

يلعب الاتصال دور جوهري في عملية اتخاذ القرارات، إذ يمكن تسهيل إيصال

البيانات والمعلومات الحقيقية والصحيحة التي تأتي من الخارج سواء كانت صاعدة أو هابطة التي تساعد على اختيار أفضل البدائل والوصول إلى القرار الذي يتصف بالرشيد.

-الاتصال الداخلي والتوجيه:

يعتمد المدير على توجيهه للعاملين على نظام الاتصالات، حيث يستطيع من خلاله أن يحدد

للعاملين أهداف التنظيم بصفة عامة، ويشرح لهم الواجبات والأعمال التي تتوقع الإدارة منهم أن يؤدوها والإمكانيات التي تضعها الإدارة تحت تصرفهم لمساعدتهم على تحقيق هذه الأهداف.

-الاتصال الداخلي والتنسيق:

يقصد بالتنسيق بين الأنشطة المختلفة في المؤسسة، وذلك لمنع التقارب أو التعارض بين هذه الوحدات ويحدث تسييرا لجهود الجماعة في تجانس وانسجام لذلك فإن التنسيق الفعال الداخلي يحقق التنسيق في مجالات الاتصالات الأفقية والعرضية.

وتكمن أهمية الاتصال في التسيير الفعال للعمل في المنظمات؛ لأن فهم مضمون الرسالة يتوقف

على عدة عوامل منها ظروف الموقف والغرض من الاتصال، فالاتصال أداة فعالة للتأثير على السلوك الوظيفي للمرؤوسين وتوجيه جهودهم، ويرفع الروح المعنوية لدى فريق العمل ويقوي عندهم الشعور بالانتماء إلى المؤسسة، إضافة إلى تحقيق التفاعل والتكامل بين عناصر التنظيم فيما بينهم، وإشعار العاملين بأهميتهم ودورهم في نجاح المشاريع التي ترعاها المؤسسة. كما تكمن أهمية الاتصال أيضا في عملية تدفق المعلومات من العاملين إلى الرؤساء باعتبارها عملية ضرورية لدى المدير والمشرف الناجح من أجل معرفة مشاكل ورغبات العاملين.

كما تعتمد كافة العمليات الإدارية على نظام الاتصال مما يسمح باتخاذ القرار، التوجيه والتنسيق، إذ يمكن توفير المعلومات والبيانات والوصول إلى قرار الذي يتصف بالرشد عن طريق الاتصال الداخلي.

وأخيرا يتضح لنا مما سبق مدى أهمية الاتصال الداخلي في المؤسسة؛ فالاتصال الداخلي يسعى للتنسيق بين الوظائف وتوفير المعلومات وانتقالها، وهو عملية ضرورية لاتخاذ القرارات الفعالة عن طريق المشاركة، وكذلك تفعيل العلاقة بين الإدارة والعاملين تسودها الثقة. وتمكين العاملين كونه أصبح أمرا هاما نتيجة التطورات الحاصلة فهو يسعى لإعطاء العاملين بعض الصلاحيات والمشاركة في اتخاذ القرارات المناسبة، ومنحهم الثقة لأداء العمل دون تدخل مباشر من الإدارة العليا، وكذلك كسر الجمود الإداري التنظيمي الداخلي بين الإدارة والعاملين، مفعلين بذلك الاتصال بينهما للوصول لتحقيق الأهداف المنشودة.

وعليه يمكن القول أن تحقيق فاعلية المؤسسة مرهون بمدى قدرتها على الاستفادة المثلى من تحقيق اتصال داخلي فعال ينظم العمل بين أقسام المؤسسة المختلفة وينسق وظائفهم بالطريقة المثلى، وبذلك تبرز أهمية الاتصال الداخلي في مختلف المستويات التنظيمية حيث يظهر الدور الفعال الذي يلعبه في التنسيق بين أقسام المؤسسة عن طريق مجموع العمليات والنشاطات الاتصالية.

شارك هذا الخبر!