الشريط الاخباري

علبة عسل هدية لأمي بقلم/ د. خالد معالي

نشر بتاريخ: 18-09-2021 | أفكار
News Main Image

بقلم/ د. خالد معالي

"حملت معي علبة عسل لأهديها لامي"، كلمات قليلة معبرة، وعبارة كالسهم انطلقت لتجوب العالم كما هو عمله البطولي باختراق منظومة الاحتلال الامنية، عبارة قطعت القلوب الرحيمة الشريفة، وكل احرار العالم، وعلمتهم دروسا بليغة في كيفية طلب الحرية مهما تعقدت وصعبت الظروف، هي ما جاء في رسالة الاسير البطل محمود العارضة، والذي استطاع ونجح بنزع حريته من انياب الاحتلال لايام معدودة، وانتصر على منظومة الاحتلال الامنية بادوات بسيطة وبدائية، وضرب في عمق العقل الباطني للاحتلال: ان لا مقام لكم هنا في فلسطين.

العسل للام، وهو من نتاج الارض الطيبة المباركة من فوق سبع سموات، وكان العارضة يقول لنا جميعا: ارض العسل واللبن هي لاهلها واصحابها الشرعيين، والعسل، للعسل؛ وهي هنا الام التي انجبت ابطال وشهداء واسرى واحرار، وليس للقطاء ظلمة ومتجبرين، جمعوا انفسهم من مختلف انحاء العالم واحتلوا فلسطين وشردوا اهلها.

قد يظن المرء للوهلة الاولى ان نجاح العارضة كان بجهده وتفكيره وعمله المتقن، نعم هو كذلك ولا بديل عن العمل والتفكير، ليضاف اليه بالاساس والجوهر، توفيق والطاف الله التي سخرت له الظروف وجعل المنظومة الامنية تكون في حالة سبات لحين الخروج وانتزاع الحرية من سجن "جلبوع"، وهو وفاء لعهد الله لاتباعه المخلصين المؤمنين الصادقين "وكان حقا علينا نصر المؤمنين".

اجمل الامهات هن من ولدن بفلسطين، وانجبن خيرة الرجال، ام الشهيد والاسير والجريح والمناضل والمجاهد، وكل حر وشريف، وهو هنا يمثل ام الاسير محمود العارضة وامهات الشهداء والاسرى جميعا، ولا مكان لصامت وعاجز ومستسلم، لا يحرك ساكنا لرفع الظلم والتغيير والتحرير رغم كل الظروف القاهرة.

رسالة ربانية لكل مؤمن، تقي ورع ولكل مخلص وشريف، ان عليكم العمل ضمن تخطيط ذكي ومدروس وان السؤال والحساب: هو لماذا لم تخطط بدقة وتعمل لتغير، وهو ما عقله الاسير العارضة وفهمه، وراح يطبقه على ارض الواقع ونجح فيه بفضل الله، ووصل فعله وجهوده وفكره لمرتبة راقية متقدمة، والعسل هنا ارقى واطيب انواع العسل، فهو فلسطيني بامتياز.

ولانه الاسير العارضة المحرر قريبا بعون في صفقة وفاء الاحرار الثانية ومعه بقية الاسرى، نسرد جزء من رسالته للخارج من داخل زنزانته في سجون الاحتلال حيث يقول: “بعد التحية والسلام حاولت المجيئ لأعانقك يا أمي قبل أن تغادري الدنيا لكن الله قدر لنا غير ذلك. أنت في القلب والوجدان وأبشرك بأني أكلت التين من طول البلاد والصبر والرمان وأكلت المعروف والسماك والزعتر البري وأكلت الجوافة بعد حرمان ٢٥ عاما وكان في جعبتي علبة العسل هدية لك.

تنسمت الحرية ورأينا أن الدنيا قد تغيرت، وصعدت جبال فلسطين لساعات طويلة ومررنا بالسهول الواسعة وعلمت أن سهل عرابة بلدي، قطعة صغيرة من سهول بيسان والناصرة.

شارك هذا الخبر!