نيويورك/PNN/دعا وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي مجلس الأمن لتوفير الحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني، الذي يتعرض لهجمة شرسة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين والجماعات الاستيطانية الإرهابية.
وأطلع المالكي أعضاء المجلس في جلسته التي انعقدت اليوم الأربعاء، لمناقشة الأوضاع في فلسطين، على جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وآخرها جريمة صبيحة هذا اليوم ضد ابناء شعبنا في مدينة القدس المحتلة، حيث اشار انه بينما نجتمع هنا لمناقشة كيفية دفع عملية السلام، تواصل إسرائيل حربها التي لا هوادة فيها ضد الشعب الفلسطيني على الأرض، حيث حاصرت قوات الاحتلال الإسرائيلي وداهمت منزل عائلة الصالحية في الشيخ جراح، واقتلعتهم، وهجرتهم قسرا، بالعنف من منزلهم مع أطفالهم ، وألقت بهم في البرد القارس، واعتقلت عددا من أفراد الأسرة وأنصارها ، قبل أن تهدم منازلهم. تاركين وراءهم اليأس والدمار.
وأضاف المالكي حدثت هذه الجريمة، ورغم دعواتكم المتكررة لمناهضة مثل هذه الجرائم. نزحت عائلة الصالحية من جديد بعد ان هجرت في العام 1948.
وأكد المالكي في كلمته أن قرارات هذا المجلس، بما فيها القرار 2334 ، توفر طريقا واضحا للسلام العادل، وأن من مسؤولية هذا المجلس متابعة تنفيذ قراراته، ومن المهم سن القانون وإدانة من ينتهكونه، ولكن من المهم أيضًا متابعة تطبيق القرارات، وضمان المساءلة، والمحاسبة.
كما شدد المالكي على أن إنكار إسرائيل لحقوق الشعب الفلسطيني، وتحديها للمجتمع الدولي قد استمر طويلا، لأن الاحتلال متأكد من حقيقة أنه سيكون هناك انتقادات وإدانات ولكن لن تكون هناك عواقب.
وقال: "تريدون مساعدتنا في إنهاء هذا الصراع، عليكم وضع حد لإفلات إسرائيل من العقاب".
وأشار المالكي الى التحيز عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، لكن ليس التحيز الذي تدعي إسرائيل أنه موجود، "إنه التحيز الذي يحميها من أي شكل من أشكال المساءلة، التحيز الذي منع هذا المجلس من التصرف بموجب الفصل السابع؛ التحيز الذي سمح لإسرائيل بدلاً من الاعتذار عن جرائمها ووضع حد لها، باتهام حتى أقرب شركائها بمعاداة السامية بسبب تصويتهم على قرارات متسقة مع القانون الدولي وحقوق الإنسان، التحيز الذي سمح لها بمهاجمة المحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة العدل الدولية، ومجلس حقوق الإنسان، والجمعية العامة ومجلس الأمن لأداء مهامهم وإهانة ومضايقة قادة العالم، والحائزين على جائزة نوبل للسلام، والشخصيات الأخلاقية، والمشاهير، والمواطنين، من أجل موقفهم من قضية فلسطين".
وأضاف أن "التحيز الذي سمح لإسرائيل بتجريم المجتمع المدني والعاملين في المجال الإنساني ولا يزال يطلق عليها ديمقراطية، التحيز الذي سمح لإسرائيل بأن تصبح عضوا في الأمم المتحدة واستبعادنا منها بعد 75 عاما، هو التحيز الذي يعترف لسلطة الاحتلال بالأمن بينما يحرم الشعب الواقع تحت الاحتلال من أبسط أشكال الحماية".
واعتبر المالكي عام 2021 من أكثر الأعوام دموية بالنسبة لفلسطين، منذ أكثر من عقد، بما في ذلك الأطفال، لا سيما في قطاع غزة المحاصر. مبينا "لقد كانت واحدة من أسوأ الأعوام من حيث هدم المنازل والاستيطان في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية".
وتابع: "بالكاد بدأ هذا العام، ومع ذلك فإن أحداثه تقدم صورة قاتمة لما ينتظر شعبنا إذا لم يتم اتخاذ إجراءات حازمة. حيث شهدت الأيام الأولى من عام 2022 مقتل المزيد من ابناء شعبنا، حتى الأطفال والشيوخ، ومنهم الشيخ سليمان الهذالين، أيقونة المقاومة الشعبية السلمية البالغ من العمر 75 عامًا، فضلاً عن الإعلان عن خطط لوحدات استعمارية جديدة في القدس الشرقية المحتلة. ونزع الملكية والتهجير القسري لشعبنا.
وحث المالكي لتجنيب شعبنا "المزيد من المعاناة غير الضرورية، ومنع جيل فلسطيني آخر من تحمل هذا الظلم، من خلال تزويدهم بالحماية الدولية التي يحق لهم الحصول عليها، ومساعدتنا على إنهاء هذا الاحتلال الاستعماري الآن". وشدد أن هذا الهدف ملح لأن هذا الصراع له حل، وربما لا يزال متاحًا اليوم ولن يكون قابلاً للتطبيق غدًا.
وبين أن الحل القائم على وجود دولتين والذي شرعه المجتمع الدولي ودافع عنه لفترة طويلة لا يحتاج الى تبادل الكلمات المطمئنة، بل يحتاج للحفاظ عليه، وانه في ظل غياب هذا الشعور بالإلحاح، عليكم ان تجهزوا نفسكم لحضور جنازة هذا الحل مع كل ما يترتب على هذا الموت من عواقب على حياة ملايين الناس، الفلسطينيين وغيرهم.
وأكد المالكي ان الشعب الفلسطيني سيبقى، لكن حل الدولتين قد لا يحيا، وأن ما سيأتي هو الابارتهايد والفصل العنصري في القرن الحادي والعشرين أو التحول إلى دعاة حل الدولة الواحدة، والمطالبة بالحرية والحقوق المتساوية للجميع بين النهر والبحر.
وأضاف المالكي "نقدر جهود المجتمع الدولي في الدفاع عن الإجماع الدولي ونشعر بالامتنان للتضامن المبدئي والدعم المقدم لشعبنا منذ فترة طويلة، وأن هذه هي اللحظة الحاسمة حيث يمكن أن تؤتي كل هذه السنوات والجهود والموارد ثمارها أو تبددها".
وتابع: "لن يأتي شيء جيد من الانتظار، لأن ترك الاطراف وشأنها يعني ترك عجلة القيادة في أيدي المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين، لأنهم من يتحكمون في جدول الأعمال، في حين أن هناك حاجة إلى إجراءات قد تخفف جزئيًا من المصاعب التي يواجهها شعبنا، إلا أنها لا يمكن أن تكون بديلاً عن معالجة السبب الجذري لمعاناتنا والصراع، وهو الاحتلال الإسرائيلي، ولا يمكن ترسيخ الاحتلال والتظاهر بـتقليص الصراع، فلا يمكن للمرء أن يرفض حل الدولتين، وضم جغرافيتنا بشكل غير قانوني ومحاصرة ديموغرافيتنا، ومهاجمة شعبنا وأماكننا المقدسة، بما في ذلك في مدينة القدس المقدسة، والمطالبة بأنفسهم وحدهم بالسلام والازدهار والأمن".
وتساءل المالكي "منذ متى يخضع حق الشعوب في تقرير المصير لنية القوة الاستعمارية؟ وهل أي دولة ممثلة في هذه الأمم المتحدة قبلت بمثل هذا المنطق؟ هل يمكن لأي شخص أن يجادل بجدية في أنه يجب علينا انتظار إسرائيل لتكون مستعدة لإنهاء احتلالها بمفردها، والاستيقاظ ذات يوم أكثر حكمة وتقرر من نفسها احترام حكم القانون الدولي والاستماع إلى نصائح العالم القائم من حيث الجدارة. هل هناك من حول هذه الطاولة يعتقد أنها استراتيجية عقلانية أو رابحة".
وأضاف "لا يمكن ترك مصير الشعب الفلسطيني رهينة السياسات الداخلية الإسرائيلية والرغبات التوسعية، ولا يمكن أن يكون بقاء التحالف الإسرائيلي ذريعة لإنكار حقوق أمة بأكملها، حيث تظهر إسرائيل نفس الغطرسة التي أظهرتها القوى الاستعمارية التي أعمتها شهيتها الاستعمارية عبر التاريخ، وإن شفاء إسرائيل من هذا المرض ليس خدمة لفلسطين وسيادة القانون الدولي وإنسانيتنا فحسب، بل لإسرائيل نفسها أيضًا. فقط عندما تفوق تكلفة الاحتلال فوائده، لن تفكر إسرائيل أبدًا في إنهائه، والجمهور الإسرائيلي سيطالب بذلك".
وأشار المالكي إلى أن اسرائيل "تريد أن تتوافق قرارات الأمم المتحدة مع الواقع غير القانوني الذي خلقته على الأرض، بينما يجب على المجلس أن يضمن أن الواقع على الأرض يتوافق مع قراراته، لقد أعلن ممثلو إسرائيل عن غضبهم من تورط مجلس الأمن في الصراع، في حين أن المجلس يجب أن يكون غاضبًا من موقف إسرائيل الرافض والانتهاكات المستمرة".
ودعا المالكي أعضاء المجلس لزيارة فلسطين، ودراسة الوضع على الأرض بشكل مباشر ، ومناقشة واعتماد الخطوات اللازمة لضمان أن ما تم اعتماده هنا يؤثر على الواقع هناك. وأضاف بالنسبة لأولئك الذين يزعمون أن الظروف لم تنضج بعد للسلام، هل يعتقدون أنه بدون تدخل دولي سيكونون كذلك.
وأشار المالكي "قبل 30 عاما، انعقد مؤتمر مدريد ليس لأن الأطراف نفسها قررت صنع السلام، ولكن لأن العالم لم يترك لهم أي خيار آخر. لو سُمح لشامير بأن يكون له حق النقض (الفيتو) على مفاوضات السلام، لما عُقدت على الإطلاق، هذا هو النوع من العزم والشعور بالإلحاح الذي نحتاجه اليوم، مما يؤدي إلى عقد مؤتمر دولي للسلام يحشد كل نوايا حسنة والوسائل المتاحة لإنقاذ السلام وتحقيق حل عادل، وفقًا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة".
وأضاف المالكي "كان يأمل الكثيرون أن تكون نهاية إدارة ترمب وحكومة نتنياهو كافية لتمهيد الطريق أمام زخم متجدد من أجل السلام، لكن في حين أن الإدارة الأميركية الجديدة تراجعت عن العديد من السياسات غير القانونية وغير الحكيمة لسلفها، ونأمل أن تفي بالتزاماتها المتبقية، إلا أنها لم تضمن بعد أن تتخلى الحكومة الإسرائيلية الحالية عن سياساتها الاستعمارية وتتخلى عن رفضها لهذه السياسة، وحل الدولتين ومفاوضات السلام، وهذا موقف غير مقبول لا يجوز التسامح معه أو تبريره بل يجب عكسه".
وقال إن العلاقة الأميركية الخاصة مع إسرائيل تعني أن عليها مسؤولية خاصة في هذا الصدد، كما أن للجنة الرباعية دور مهم تلعبه بصفتها الهيئة التي فوضها مجلس الأمن لغرض إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام، ولا يسعنا إلا أن نكرر النداء الذي وجهته روسيا لعقد اللجنة الرباعية على المستوى الوزاري في أقرب وقت ممكن لحشد الجهود للخروج من المأزق الحالي. في موازاة ذلك، يمكن لكل دولة أن تساعد في دحر الاحتلال وتقدم مساهمة، فهناك العديد من المبادرات المهمة التي يتم اتخاذها لتعزيز العدالة والسلام من قبل الجهات الفاعلة في منطقتنا وفي جميع أنحاء العالم، وما نحتاجه هو جدول أعمال مشترك للسلام يترجم هذه المواقف والجهود إلى تدابير جماعية لردع الجرائم وتعزيز الامتثال وبالتالي المساعدة في دفع السلام العادل.
كما تحدث المالكي عما يشاع عن إجهاد المجتمع الدولي من قضية فلسطين، "وانه ربما يمكن تفهم أن يتعب احدهم من صراع استمر لفترة طويلة، لكن لا يوجد شخص أكثر تعبًا من الأطفال الذين نجحوا بالنجاة من أربعة حروب للوصول إلى سن 15، او من الأم التي تخشى رؤية ابنها يُعتقل أو يُقتل في كل مرة يغادر فيها المنزل، او من مئات الآباء الفلسطينيين الذين لم يتم ذكرهم في هذا المجلس، والذين حرموا من حق الدفن الكريم لأحبائهم، أو من الأسرى الذين لجأوا فقط إلى الإضراب عن الطعام الذي يهدد حياتهم للاحتجاج على احتجازهم التعسفي، أو من اللاجئين الذين بعد العثور على مأوى، عليهم أن يواجهوا ضم المستوطنين الزاحف الذي يصل إلى عتبة بيوتهم ضحايا لنظام يميز نوعًا من البشر على الآخر.
وختم: "يجب الاستجابة لدعواتهم من أجل العدالة، هذا هو وقت العمل، وقت السلام، لا الابارتهايد".