بقلم: سمير عباهرة
حمل خطاب الرئيس الامريكي جو بايدن هجوما لاذعا على روسيا بعد اعترافها باستقلال جمهوريتي لوهانسك ودونيتسك في مقاطعة دونباس الاوكرانية. ويأتي هذا الهجوم في سياق الاحداث الجارية في اوروبا الشرقية وتداعيات الازمة الروسية الاوكرانية والتي تقف الولايات المتحدة وحلف الناتو طرفا غير مباشر فيها الى جانب اوكرانيا مع انطلاق شرارة الحرب واجتياح روسيا للأراضي الاوكرانية بما ينذر بتصاعد الازمة في اتجاهات مختلفة.
الولايات المتحدة اتخذت من القانون الدولي سلاحا لشن هجومها على روسيا واتهمتها بخرق قواعد القانون الدولي باعترافها بالجمهوريات المنفصلة عن السيادة الاوكرانية. وتحت مفاهيم الشرعية الدولية طالب بايدن الرئيس الروسي بالتراجع عن مواقفه والاحتكام للقانون الدولي.
ولم يتوقف الامر على الرئيس الامريكي في مطالبه هذه بل شهدت الساحة الدولية استفاقة غير مسبوقة في مطالبة روسيا بذلك واحترام كل القواعد والقوانين والمواثيق الصادرة عن المنظمات الدولية واحترام سيادة اوكرانيا وهكذا كانت مواقف الاتحاد الاوروبي وحلف الناتو الذي نادى امينه العام ستولنبرغ بتطبيق القانون الدولي على الاراضي الاوكرانية وحذا حذوه رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الاوروبي الذي يقول بان تجاهل روسيا للقانون الدولي يتطلب ردا حاسما.
وهكذا نشطت الدبلوماسية الجماعية الغربية في تسييس القانون الدولي والعمل في استثماره وتوظيفه في اطار الجغرافيا السياسية والعمل على تجزئته جغرافيا وسياسيا . القانون الدولي لا يمكن تجزئته من اجل خدمة المصالح الخاصة للقوى العظمى وجعله قابلا للكسر متى نشاء وعندما تشاء بل هو قانون كامل متكامل لكل الازمة والعصور فهو جزء واحد لا يتجزأ وصالح لكل زمان ومكان. وأمام هذه المعطيات اليس من حق الجميع طرح تساؤلا عريضا عن هذه الازدواجية في تطبيق هذه المعايير فعدم القبول بخرق القانون الدولي على الاراضي الاوكرانية يجب ان يقابله موقف دولي ايضا في عدم السماح لإسرائيل بخرق وحرق القانون الدولي في الاراضي الفلسطينية او غيرها وعلى الولايات المتحدة وأوروبا تطبيق هذه المعايير رزمة واحدة. فاحتلال اراضي الغير يعتبر انتهاكا للقانون الدولي ومصادرة الاراضي الفلسطينية وإقامة المستوطنات عليها منافيا لكل الاعراف والقوانين الدولية واستمرار اسرائيل بزيادة اعتداءاتها وانتهاكاتها وفتل الاطفال بدم بارد كل ذلك اليس تجاوزا للقانون الدولي.
ونتج عن عدم انصياع روسيا لمطالب "الديمقراطية" الغربية فرض عقوبات قاسية عليها في مجالات عدة وأهمها العقوبات الاقتصادية ونكرر سؤالنا لماذا لا تطبق هذه العقوبات على اسرائيل بحكم انها لا تعترف بشيء اسمه القانون الدولي.
الولايات المتحدة والدول الاوروبية وكثير من الدول الاخرى هبت لنجدة اوكرانيا بسبب الاجتياح الروسي لأراضيها فلماذا تتنكر هذه الدول وتغض الطرف عما يجري في الاراضي الفلسطينية ام ان اسرائيل فوق القانون.
حقا ان العالم يتفاعل وفقا لمصالحه بخصوص القضية الفلسطينية فقد اصبحت قضيتنا خاضعة لقوانين السياسة الدولية المرتبطة بالمصالح المشتركة وليس للقانون الدولي فالقوة تعمل على اذابة الفوارق السياسية.
حجم الجرائم التي ارتكبتها وترتكبها اسرائيل في الاراضي الفلسطينية تستدعي اعادة النظر من قبل حلف الناتو والاتحاد الاوروبي الذين انتفضوا لإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا لكنهم بقوا متفرجون امام ما تقوم به اسرائيل من جرائم.