رام الله/PNN/أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس دائرة شؤون اللاجئين د. احمد ابو هولي أن دائرة شؤون اللاجئين تبذل جهوداً كبيرة من خلال التنسيق مع الحكومات المضيفة والمنظمات الدولية وخاصة الاونروا لوضع حد لهجرة اللاجئين من المخيمات الفلسطينية.
واوضح د. ابو هولي خلال كلمته الافتتاحية للندوة الدولية بعنوان " الهجرة غير النظامية في الوطن العربي" الذي ينظمها مركز جامعة الدول العربية بتونس بالشراكة مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) بأن طبيعة الهجرة الفلسطينية تختلف عن باقي دول المشرق لأنها هجرة قسرية فهي من أقدم الهجرات القسرية التي لا تزال مستمرة حتى اللحظة، وأطولها عالمياً من حيث عدد اللاجئين الفلسطينيين المهجرين حيث بلغ عددهم ما يزيد عن 5.8 مليون لاجئ فلسطيني، وربما لم يشهد التاريخ البشري المتواتر لنكبته مثيلاً، مع غياب الحل السياسي لقضيتهم، واستمرار تنكر حكومة الاحتلال الاسرائيلي لحقهم في العودة الى ديارهم التي هجر منها عام 1948 طبقاً لما ورد في القرار 194 .
وتابع: " فمنذ أكثر من 74 عاماً ما تزال مخيمات اللجوء الفلسطيني، شاهداً على مأساة ما يقارب ثلثي الشعب الفلسطيني، الذي أُخرج من وطنه ودياره بقوة الاحتلال والإرهاب الإسرائيلي، وأصبحت فلسطين ميداناً للقتل والتشريد والصراع، بعد ان كانت لسنين طويلة، يمثل بحق رمزاَ ونموذجاً للتعايش والسلام بين أبناء الشعب الفلسطيني بمختلف دياناته وطوائفه، وخصوصاً المسلمين والمسيحيين واليهود، بل إن فلسطين كانت تسمى أرض السلام .
وذكر د. ابو هولي بان الهجرة الفلسطينية أخذت تتفاقم في السنوات الأخيرة، سواء من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 أو من مخيمات اللجوء، وبخاصة في العراق وسوريا ولبنان مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي ولجوء الاونروا الى تقليص خدمات، علاوة على تداعيات الحروب والحصار المفروض على قطاع غزة منذ اكثر من 15 عاماً.
واضاف، بأن فشل المنظمات الدولية والاغاثية لتوفير الحماية للاجئين الفلسطينيين سواءً الموجودين في سوريا او الذي نزحوا الى دول الجوار من الفقر والجوع الذي فتك بأبنائهم، او تامين الحماية الامنية والانسانية لهم، دفع بهم الى الهجرة والمغامرة على ركوب البحر نحو المجهول .
وقال د. ابو هولي ان الواقع الذي أنشأه الاحتلال الإسرائيلي، الذي يسعى بكل الوسائل إلى تهجير وتفريغ الأرض الفلسطينية من أهلها أدى إلى انسداد الأفق وغياب الأمل امام الشعب الفلسطيني وخاصة الشباب، مما دفع بهم للهجرة القسرية وليست الطوعية للدول الأوروبية بطرق غير شرعية، يتعرضون خلالها للموت، بحثاً عن أي بارقة أمل في حصولهم على عمل، وتغيير مستقبلهم، في ظل غموض سياسي واقتصادي فلسطيني ، وفي مقابل ذلك، تعمل حكومة الاحتلال الاسرائيلي على استقطاب واستيعاب اليهود، من كل دول العالم، لكي يستوطنوا الارض الفلسطينية المصادرة من اصحابها الاصليين الفلسطينيين، ويستولوا على ممتلكاتهم وثرواتهم الطبيعية .
واشار الى ان الهجرة غير الشرعية ظاهرة تفرض نفسها على الدول العربية ، والتي امتدت لتكون هدفاً للاجئين الفلسطينيين في المخيمات الفلسطينية خاصة في لبنان وسوريا وقطاع غزة مع استمرار اتون الصراع في سوريا، والانهيار الاقتصادي في لبنان، وتجدد الحروب والحصار الاسرائيلي على قطاع غزة ، والذي دفع بمئات الألاف من اللاجئين الفلسطينيين الى خوض غمار ركوب البحر عبر قوارب الموت والمجازفة بأرواحهم بحثاً عن ملاذ امن.
وشدد على ضرورة اتخاذ اجراءات عربية موحدة لوضع حد لظاهره الهجرة غير النظامية والسعي لإيجاد الحلول لمعالجتها وتوعية المواطنين بمخاطرها القانونية .
ودعا د. ابو هولي الدول التي اعتمدت الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية إبّان مؤتمر مراكش في ديسمبر 2018 والتي يزيد عددها عن 162 دولة الى ضرورة العمل بما ورد في الاتفاق خاصة فيما يتعلق بمكافحة الهجرة غير الشرعية من خلال تفكيك قنوات الهجرة غير الشرعية وحثّ الدول "مصدر الهجرة" على ضمان مراقبة حدودها على نحو فاعل وتيسير عودة المهاجرين غير الشرعيين إلى أوطانهم وإعادة اندماجهم فيها.
واكد على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية للهجرة من خلال زيادة الاستثمارات في تنمية البلدان التي تعد منبع ومصدر الهجرة غير الشرعية، وتعزيز عمل المنظمات الدولية الناشطة في مناطق الصراع، علاوة على دعم الاونروا وتمكينها من التغلب على ازمتها المالية لاستمرارية خدماتها وتحسين جودتها وتلبية احتياجات اللاجئين المتزايدة التي تفاقمت مع استمرار جائحة كورونا .
وشملت الندوة الدولية جلستين: الأولى جاءت بعنوان "دور المنظمات الدولية في معالجة ظاهرة الهجرة غير النظامية"، قدمت خلالها مدير عام منظمة المرأة العربية د. فادية كيون ورقة عمل بعنوان : " الهجرة غير الشرعية نحو معالجات جذرية " ، تلاها ورقة الامين العام للمنظمة العربية للهلال الاحمر والصليب الأحمر د. صالح بن حمد التويجري بعنوان" المعالجة الإنسانية لتبعات الهجرة غير النظامية : سياسة المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر "، فيما قدم مدير إدارة شؤون اللاجئين والمغتربين والهجرة في الامانة العامة لجامعة الدول العربية والهجرة ايناس الفرجاني ورقة بعنوان " انعكاسات الهجرة غير النظامية على الوطن العربي "، كما شمل المحور الاول من الندوة ورقة عمل بعنوان " اللاجئون الفلسطينيون ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى " قدمها د. حيدر الجبوري مدير إدارة شؤون فلسطين بجامعة الدول العربية، كما قدمت ممثلة منظمة الأمم المتحدة للطفولة ( اليونيسيف ) بتونس ماريلينا فيفياني ورقة بعنوان " ظاهرة هجرة الأطفال "، فيما قدم مدير مكتب مفوضية السامية لشؤون اللاجئين بتونس د. حنان حمدان ورقة عمل بعنوان : " الهجرة المختلطة والحاجة المستمرة للحماية الدولية في شمال افريقيا ، وتحدث ضابط اتصال في شؤون الهجرة التابعة للمفوضية الاوربية السيد كلود دو كامب عن الشراكة المتجددة مع الجوار الجنوبي " بينما تحدث مدير المعهد العربي لحقوق الانسان الأستاذة هاجر الحبشي في ورقتها عن المقاربة الحقوقية لقضايا الهجرة غير النظامية "، كما قدمت المنسقة العامة للشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية د. ماريز يونس ورقة عمل بعنوان " مفارقات الهجرة وتمثلاتها، فيما تحدث رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة بتونس عزوز السامري في ورقتها حول الهجرة غير النظامية من الدول العربية الى أوروبا وامريكا بين التشريعات واحترام حقوق الانسان ، وقدم مندوب اتحاد الأكاديميين والعلماء العرب بتونس د. على موسى ورقة عمل بعنوان الهدر المدرسي والهجرة السرية .
اما الجلسة الثانية للندوة حملت عنوان :تداعيات الهجرة غير الشرعية في الوطن العربي قدم فيها د. جيلالي المستاري عضو مركز البحث جامعة صبراتة ومندوب مركز البحث الانثروبولوجيا الاجتماعية والثقافة بالجزائر ورقة عمل تحت عنوان " الهجرة غير النظامية الأسباب والمسارات والوسائل والتداعيات " فيما قدم د. علي سيعد المهنكر عضو هيئة التدريس بجامعة صبراتة ورقة عمل بعنوان هجرة مواطني جنوب الصحراء عبر المغرب العربي " علاوة على ذلك ناقشت الجلسة الثانية ورقة عمل مقدمة أ.د منذر الطمني أستاذ باحث في علم الاجتماع والانثروبولوجيا بجامعة تونس تحت عنوان " الثقافة ودورها في معالجة ظاهرة الهجرة غير النظامية في مجتمعاتنا العربية "، فيما قدم د. رشيد أوراز، باحث رئيسي وعضو مؤسس للمعهد المغربي لتحليل السياسات ورقة عمل بعوان " الهجرة والتنمية الاقتصادية"
وشاركت في الندوة العالمية المنعقدة بتونس حضورياً، وبتقنية التواصل عن بعد، دائرة شؤون اللاجئين بمنظمة التحرير الفلسطينية، المنظمة الدولية للهجرة، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الاحمر والهلال الاحمر والمفوضية الأوربية وباحثين ومختصين ومراكز بحثية، وسفراء وقناصل .
وتخللت جلسة الافتتاح كلمات لكل من الامين العام المساعد رئيس مركز جامعة الدول العربية بتونس د. محمد صالح بن عسى، والمدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ا. د. محمد ولد أعمر، وممثل الامم المتحدة بتونس دياقو زويلا، وممثل وزارة الشؤون الخارجية التونسية، ورئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ، وممثل مكتب اليونيسيف في تونس ، تم تاكيد خلالها على اعتماد مقاربة انسانية شامل بين الجوانب القانونية والامنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية في طار الشراكة البناءة والفاعلة بين الدول المعنية، علاوة على تعزيز فرصة الحوار وتبادل المعلومات والتجارب بين الدول العربية ودول الاستقبال خاصة الدول الاوروبية المعنية بقضايا وتداعيات الهجرة غير النظامية، وبلورة رؤى حول معالجة تداعيات الهجرة غير النظامية والحد منها .