القاهرة/PNN/ نظمت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية اليوم الأربعاء، ندوة تحت عنوان "دعم حقوق الأسرى في مواجهة الانتهاكات والتنكيل الإسرائيلي" وذلك لمناسبة إحياء اليوم العربي للأسير الفلسطيني الذي يوافق 17 أبريل من كل عام باعتباره يوما عربيا وعالميا.
جاء ذلك برعاية الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، ومشاركة رئيس هيئة الأسرى والمحررين اللواء قدري أبو بكر، وسفير دولة فلسطين ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية دياب اللوح، بالإضافة إلى عدد كبير من ممثلي المنظمات الدولية والحقوقية وعدد من السفراء العرب والأجانب المتعمدين بمصر ومدراء الدوائر بمقر الأمانة العامة، ومؤسسات المجتمع المدني، ونخبة من الشخصيات الاعتبارية المصرية والعربية من رجال قانون وأكاديميين ونواب ووزراء سابقين.
وأكد أبو الغيط، دعم الأمانة العامة والتزامها بقضية الاسرى الفلسطينيين، حتى تحريرهم واعادة ادماجهم في مجتمعهم الفلسطيني، بكل السبل والإمكانات السياسية والدبلوماسية والقانونية والإعلامية، بما فيها الدعم المادي، من خلال إنشاء الصندوق العربي لدعم الاسرى، والذي اقرته قمة الدوحة عام 2013.
وقال الأمين العام في كلمته التي ألقاها الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة بالجامعة سعيد أبو علي، إن ذلك الصندوق الذي ينبغي استمرار الالتزام بتوفير موارده وتعزيزها ليواصل النهوض بالمهام الموكلة له، والتي تعزز ما تقوم به السلطة الفلسطينية من واجبات وتتحمله من مسؤوليات وطنية نحو الاسرى، كما الشهداء وعائلاتهم، رغم كل الضغوط التي تتعرض لها في هذا المجال.
وقال، إن الجامعة العربية تولي قضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الإسرائيلية، اهتماما بالغا وكبيرا، من موقع الالتزام القومي وانطلاقا من كون القضية الفلسطينية، القضية المركزية للعرب جميعا، مهما كانت الظروف التحديات وقد تجسد ذلك في جميع قرارات مجلس الجامعة، في دوراته المتعاقبة على كافة مستوياته والتي تؤكد جميعها أن قضية الأسرى هي قضية حق وعدالة، مستمدة من النضال المشروع للشعب الفلسطيني، وصولا إلى قرار مجلس الجامعة على مستوى القمة، في دمشق (2008)، القاضي باعتبار يوم السابع عشر من شهر نيسان/ أبريل من كل عام،ط يوما عربيا للتضامن مع الأسير الفلسطيني، ودعما لحقه بالحرية.
وشدد الأمين العام، على أن إحياء يوم الأسير الفلسطيني في بيت العرب هذا العام، يأتي تقديرا لنضالات الأسرى ومكانتهم في ضمير شعبهم وأمتهم، وتأكيدا على مواصلة الجهود العربية، نصرة للأسرى ودعما لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني، في الحرية والعودة وبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، وتذكيرا للعالم، بمعاناة الأسرى في سجون الاحتلال، جراء الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة والممنهجة، لأبسط حقوقهم، وصفتها المؤسسات الحقوقية الدولية المعنية، بالأسوأ على المستوى العالمي بما يحتم تسليط الضوء على ما يتعرضون له، من شتى أشكال التعذيب، وأساليب المساس بكرامتهم وحقوقهم الإنسانية، المكفولة في القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وكافة المواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالأسرى، والتي تستمر السلطات الاسرائيلية بانتهاكها.
وحمل الأمين العام، السلطات الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن معاناة الاسرى، مجددا مطالبته الدول الأطراف في اتفاقية جنيف، والمؤسسات الدولية المعنية، بمواصلة دورها وتحركاتها بخصوص الأسرى العرب والفلسطينيين، وإنفاذ قواعد القانون الدولي الإنساني، بل ان المجتمع الدولي مطالب بضرورة تحمل مسؤولياته في هذا الصدد، ليس فقط من خلال إدانة الانتهاكات الفاضحة للقانون الدولي التي ترتكبها السلطات الإسرائيلية، ولكن أيضا، من خلال ضمان أن تحترم إسرائيل، لكامل التزاماتها المنصوص عليها في اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بالأسرى، وضرورة مساءلة إسرائيل عن انتهاكاتها الممنهجة لحقوق الإنسان وللأسرى والمعتقلين الفلسطينيين.
كما طالب الهيئات الدولية المعنية، خاصة مجلس الأمن، والجهات الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان والعدالة الدولية، تنفيذ قراراتها بشأن توفير الحماية للشعب الفلسطيني، خاصة تطبيق قرار مجلس الامن 2334 بصورة عاجلة، بما يضع حدا لهذا الاستخفاف والتحدي، لقرارات وإرادة المجتمع الدولي، على طريق إنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من الحرية والاستقلال.
وأكد أبو الغيط، إنه لا بد من تحمل مسؤوليتنا تجاه الشعب الفلسطيني، الذي يواجه آخر احتلال عنصري على وجه الأرض، فهي مسؤولية دولية تحتاج الى تحرك فاعل وجاد، لوقف الظلم وانهاء الاحتلال، من أجل إيجاد حل عادل وشامل بما في ذلك قضية الاسرى، باعتبارها واحدة من قواعد وأسس تحقيق ذلك السلام الذي ننشده.
بدوره قال اللواء أبو بكر إن هذا اليوم "يوم الأرض الفلسطيني" وفي مناسبته 46، ومن هنا من بيتنا الشامخ جامعة الدول العربية، ومن على أرض جمهورية مصر العربية، سندنا ومصدر قوتنا ورمز وحدتنا القومية، نؤكد للعالم أجمع أن كل ذرة تراب في فلسطين مقدسة، بقداسة دياناتها السماوية، وبدماء شهدائها وجرحاها، وبسنوات الفخر التي تحرق داخل السجون والمعتقلات لكي نحيا أحرارا، ولكي ندحر هذا الاحتلال الذي يشوه كل حياتنا، ومصممين على المضي قدما في النضال وتقديم التضحيات، حتى تتحقق الأمنيات بإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وأضاف اننا نجتمع في هذه الفعالية المركزية، لدعم حقوق أسرانا وأسيراتنا في سجون ومعتقلات الاحتلال في مواجهة الانتهاكات والتنكيل الإسرائيلي، فإننا سنقف عند حقائق صادمة تدلل على مدى وحشية وحقد هذه المنظومة.
وقال، ما زال الاحتلال يحتجز في 24 سجنا ومعتقلا ومركز توقيف وتحقيق، ما يقارب 4400 أسير وأسيرة بينهم 600 مريض، و200 منهم بحاجة إلى تدخلات طبية وعلاجية عاجلة، و14 منهم يعانون من مرض السرطان والعشرات من المقعدين ومبتوري الأطراف والمصابين بالأمراض المزمنة، و547 محكومون بالسجن (المؤبد) مدى الحياة، و 500 معتقل بفعل قرارات الاعتقال الإداري، و160 طفلاً قاصراً أعمارهم أقل من 18 عاما، و31 أسيرة و148 أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من 20 عاماً، 25 منهم معتقلون منذ ما قبل توقيع اتفاق أوسلو، أقدمهم الأسيران كريم وماهر يونس المعتقلان منذ 39 عاماً، ودخلا في عامها الأربعين والأخير في الأسر.
وأكد أن الأسرى والأسيرات يعيشون في هذه الأيام أوقاتا عصيبة، حيث يتعرضون لهجمة شرسة، تتعاون فيها حكومة الاحتلال وإدارة واستخبارات السجون وجهاز المخابرات الإسرائيلي والمنظومة القضائية والصحية والإعلامية الموجهة، وتقاد من متطرفين في أعلى المستويات السياسية العسكرية، وتهدف إلى خلق واقع جديد داخل السجون والمعتقلات، يستهدف كل تفاصيل الحياة اليومية لهم، حيث تتصاعد الهجمة بشكل مستمر منذ تمكن 6 أسرى بتاريخ 6/9/2021، من الهروب من سجن "جلبوع"، علماً انه تم إعادة اعتقالهم بعد عدة أيام وفرضت عليهم العقوبات من عزل وغرامات، وما زالوا يخضعون للمحاكمة من جديد لإضافة سنوات على أحكامهم السابقة.
وقال أبو بكر، إن الأحداث المتراكمة داخل السجون والمعتقلات ولدت لدينا قلقا كبيرا، وأصبحت لدينا خشية حقيقية من إجراءات وممارسات إدارة السجون واستخباراتها بحق أسرانا ومعتقلينا، تحديدا وان الهجمات الأخيرة عليهم، والإقامة شبه الدائمة لوحدات القمع المتخصصة والمدججة بالسلاح والذخيرة والهراوات والكلاب البوليسية داخل السجون والمعتقلات، يعني أن هناك قرارات واضحة واستعدادات على مدار الساعة للانتقام من مناضلينا.
بدوره أكد السفير اللوح، أننا أمام دولة فصل عنصري وهذا ما أكده تقرير منظمة العفو الدولية (آمنستي) الذي نشر في وقت سابق من هذا العام، دولة احتلال تنتهك القانون الدولي أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع، وتشرِّع انتهاكاتها بقوانين عنصرية من قبل الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، وبمشاركة كافة مركبات النظام السياسي فيها، وتتصرف على أنها فوق القانون وخارج نطاق الملاحقة أو المحاسبة، وهي لا تعامل الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين وفقا لاتفاقية جنيف الثالثة، باعتبارهم أسرى حرب، ولا تعترف بهم كمدنيين اعتقلوا في زمن الحرب وتنطبق عليهم اتفاقية جنيف الرابعة، فهي تصر على روايتها الظالمة، ومعاملتها غير القانونية واللاإنسانية، وتقدمهم للعالم على أنهم (مجرمون وإرهابيون) .
وقال اللوح في ورقة العمل التي قدمها خلال الفعالية إن الرئيس محمود عباس يؤكد في مناسبات كثيرة بأنه: لا سلام من دون الإفراج عن جميع الأسرى والمعتقلين، ولن نوقع على أي اتفاق سلام نهائي مع إسرائيل من دون تبييض السجون الإسرائيلية من المعتقلين الفلسطينيين الذي يصفهم دوما بمقاتلي الحرية ويجب أن ينعموا وشعبهم بالحرية المنشودة، لكي يأخذوا مكانتهم ودورهم الذين يستحقون في عملية البناء الوطني الشامل، وبناء مؤسسات دولة فلسطين، ذات السيادة الوطنية الكاملة المتصلة والقابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية، وفاءً لهؤلاء الأسرى، ووفاءً للشهداء وفي مقدمتهم الرئيس الرمز الخالد ياسر عرفات.
وأضاف، ان مقاومة المحتل، وان هذا الحق في النضال، يُسمى أصحابه (محاربو الحرية)، على اعتبار أنهم لا يحاربون من أجل العنف، بل لأن قوى أكبر منهم قد أجبرتهم على خوض الحرب لانتزاع الحرية والسلام وتحرير أرضهم المحتلة، لذا أضحت قضية الأسرى عنوانا رئيسيا من عناوين القضية الفلسطينية، وجزءا أساسيا من نضال حركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقضية محل إجماع وطني بين الكل الوطني الفلسطيني.
وأكد أن ذكرى "يوم الأسير" تحل هذا العام في ظل تزايد الاعتقالات وارتفاع أعدادها، ووفقا لإحصائيات فلسطينية رسمية، فلقد سُجل العام الماضي 2021 اعتقال نحو (8000) فلسطيني، منهم (2000) معتقل من أراضي عام 48، ومن بينها (1300) طفل و(184) فتاة وامرأة. هذا واعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال الربع الأول من العام الجاري 2022 قرابة (1400) فلسطيني/ة، منهم ما يزيد على (200) طفل وأكثر من (30) فتاة وامرأة، وفي سياق الاعتقالات العامة، نلحظ استهدافاً إسرائيلياً متصاعداً بحق مدينة القدس عاصمة دولة فلسطين خلال السنوات الأخيرة، وتحت ذرائع متعددة اختلقتها سلطات الاحتلال اعتقلت الآلاف من الفلسطينيين هناك فإسرائيل اعتقلت خلال العام المنصرم نحو 2784 فلسطينيا من القدس، وهؤلاء يشكلون قرابة 35% من إجمالي الاعتقالات في كافة المناطق الفلسطينية خلال العام نفسه، وزيادة قدرها 41% عمّا سُجّل من اعتقالات في القدس خلال العام الذي سبقه، وكان من بين المعتقلين المقدسيين نحو (750) طفلا و(120) فتاة وامرأة، وفقا لإحصائيات فلسطينية رسمية، وتشير المعطيات الإحصائية إلى أن سلطات الاحتلال لا تزال تحتجز في سجونها قرابة 450 أسيرا مقدسيا، منهم 45 طفلا و14 فتاة وامرأة، و42 أسيرا يقضون أحكاما بالسجن المؤبد (مدى الحياة)، وبينهم من مضى على اعتقالهم ما يزيد على عشرين عاما، بل ثلاثين عاما وأكثر، وهؤلاء جميعا يحتجزون في ظروف صعبة أسوة بالآخرين ويتعرضون لذات المعاملة القاسية.
وتخلل الفعالية تقديم أوراق عمل أهمها ورقة بعنوان "الأسيرات والحبس المنزلي"، لمدير الإحصاء بالهيئة كائنات جرادات، وسياسة الاعتقال الإداري للخبير عبد الله الزغاري من هيئة شؤون الأسرى، والانتهاكات وسياسات التعذيب والإهمال الطبي الإسرائيلية بحق الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال، لمدير العلاقات العامة بالهيئة جمال مكحل، والمسؤولية الدولية عن انتهاك اتفاقية جنيف الثالثة لمعاملة أسرى الخرب والمعتقلين 1949 لأستاذ القانون الدولي أيمن سلامة .
كما تخللها عرض فيلم وثائقي مقدم من هيئة شؤون الأسرى والمحررين يتضمن مأساة أهالي الأسرى والانتهاكات التي تمارس بحق الأسرى داخل السجون والمعتقلات الاسرائيلية.
كما أكد الحضور أن لجامعة الدول العربية دورا مهما في دعم الأسرى وحقوقهم وملفاتهم المتعددة، فقضية الأسرى حاضرة دوما على أجندة الجامعة وقراراتها وفعالياتها وإصداراتها، وهذه الندوة تؤكد الدعم المتواصل للأسرى من قبل جامعة الدولة العربية.