الداخل المحتل/PNN- تعالت في الصحف الإسرائيلية، اليوم الخميس، دعوات إلى تهدئة ردود فعل الإسرائيليين في أعقاب العمليات المسلحة الثلاث، في بئر السبع، والخضيرة وبني براك خلال الأسبوع الأخير. ورأى أحد المحللين أن مطالبة الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ عملية عسكرية واسعة واجتياح الضفة الغربية، على غرار عملية "السور الواقي" في العام 2002، "ليست واقعية" لأن الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 مختلف كليا عما كان عليه حينذاك.
وبحسب المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، فإن العمليات الثلاث الأخيرة فاجأت الجمهور الإسرائيلي، "وكذلك أجهزة المخابرات"، بسبب مقتل 11 شخصا فيها خلال أسبوع واحد. وأضاف أن "الإسرائيليين لم يشهدوا سلسلة عمليات قاتلة منذ ست سنوات. والذاكرة الضبابية تقوم بتسطيح المقارنة التاريخية وتنسى دروس الماضي. وبدلا من ذلك، صدرت مطالب غاضبة بحل فوري من الحكومة وأذرع الأمن".
وأشار هرئيل إلى أن الوضع في الأراضي الفلسطينية، أثناء الانتفاضة الثانية، كان مختلفا كليا عنه اليوم. "في ذروة الانتفاضة، شارك آلاف الفلسطينيين، من جميع الفصائل، في مقاومة عنيفة. وعملت خلالها منظومة منظمة جدا من قادة أذرع عسكرية، مهندسي متفجرات، مجندي انتحاريين ومتعاونين. وخلال العملية العسكرية، زج الجيش الإسرائيلي بخمس فرق عسكرية شملت آلاف الجنود".
وأضاف أن "التنظيمات الآن أصغر ومحصورة محليا. وهي في حالات كثيرة خلايا مصطنعة تشكلت من أجل تنفيذ عملية، أو أفراد عملوا بمفردهم. وغالبا ليس لهم انتماء تنظيميا واضحا. ولا يوجد لدى الجيش الإسرائيلي اليوم أهداف في الضفة بحجم مشابه لذلك الذي ساد أثناء السور الواقي، وذلك، خصوصا، لأن طريقة العمل الحالية عملت بصورة ناجحة غالبا، من خلال حملات اعتقال وتحقيقات، تسمح بجمع المزيد من المعلومات المخابراتية وباعتقالات أخرى، وأبقت الإرهاب بمستوى منخفض في معظم السنين. وهذا، بالمناسبة، ما سمح للحكومات الأخيرة التجاهل بالكامل تقريبا للصراع الفلسطيني والتركيز على اتفاقيات سلام وتطبيع علاقات مع دول عربية".
واعتبر رئيس المعهد للسياسة والإستراتيجية في جامعة رايخمان (هرتسيليا)، عاموس غلعاد، والباحث في الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب، د. ميخائيل ميلشتاين، في مقالهما في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن ثمة أربعة "استنتاجات عميقة" من أحداث الأسبوع الأخير.
أولا: "انقلاب الأمور رأسا على عقب في ديناميكية التهديدات الداخلية. وإذا كان يظهر غليان في الأجواء لدى الجمهور العربي بسبب تصعيد في المنظومة الفلسطينية، فإن العرب الإسرائيليين شكلوا في الأسبوع الأخير رأس الحربة للتوتر الأمني الذي ينعكس تدريجيا على الضفة والقدس".
ثانبا: "يبرز أن للسلام الاقتصادي أيضا، الذي تستند إليه إسرائيل مقابل الفلسطينيين في السنوات الأخيرة، يوجد سقف زجاجي، وأن هذا توجه ناجع من أجل لجم تصعيد عسكري أو هبة شعبية، لكنه ناجع أقل ضد موجة موجة منفذي عمليات فردية".
"والاستنتاج الثالث مرتبط بشكل فرض حماس، بنجاعة وبشكل ينطوي على تناقض، الفصل (بين الضفة وقطاع غزة) على إسرائيل: تحافظ على هدوء في غزة واستنفاد بوادر نية حسنة مدنية وغير مسبوقة من جانب إسرائيل، منذ نهاية عملية حارس الأسوار العسكرية (العدوان على غزة العام الماضي)، لكنها تدفع، دون قيود، الإرهاب والتحريض في الضفة والقدس وإسرائيل، من دون أن تتعرض لأي تهديدات أو تحذيرات".
رابعا: "إسرائيل نجحت فعلا بالفصل بين علاقاتها مع العالم العربي وبين سياستها مقابل الفلسطينيين. والتقدم الدراماتيكي في العلاقات مع دول المنطقة يجري من دون علاقة لما يحدث في الضفة وبالرغم من الجمود مقابل الفلسطينيين، لكن جهات متطرفة بينهم يجسدون أنه بالإمكان استهداف الجبهة الداخلية الإسرائيلية، حتى عندما تشعر إسرائيل بالرضا من تحسن مكانتها الإستراتيجية".
وأضاف المقال أن "إسرائيل مطالبة بمواصلة الحفاظ على تهدئة في المنظومة الفلسطينية، إثر الحاجة إلى تركيز معظم جهودها وانتباهها على التهديد الإيراني. ومن الجهة الأخرى، على إسرائيل أن استمرار تمسكها بهدوء بأي ثمن في غزة وتحسين الوضع الإنساني في المنطقة سيعزز حماس على مر السنين ولن تجعلها ’تصدأ’، مثل اعتقد الكثيرون في الماضي حيال حزب الله".
وتابع أن "على إسرائيل استيعاب أهمية الحفاظ على استقرار السلطة الفلسطينية في الضفة، وخلال ذلك دراسة إمكانية دفع حوار سياسي معها، فهذا سيخفف الضغوط الدولية المتوقعة عليها، خاصة من جانب الإدارة الأميركية، ويلجم العملية البطيئة بالتوجه إلى واقع الدولة الواحدة غير المخطط له وغير المرغوب به".