الداخل المحتل/PNN- سبق انشقاق عضو الكنيست عيديت سيلمان عن حزبها "يمينا" والائتلاف انشقاق زميلها عضو الكنيست عاميحاي شيكلي، الذي رفض تشكيل الحكومة بشكلها الحالي، من دون أحزاب اليمين. إلا أن انشقاق سيلمان يكتسب أهمية أكبر لأنها أفقدت الائتلاف الأغلبية في الكنيست، بحيث أصبح يدعمه 60 عضو كنيست مقابل 60 عضو كنيست في المعارضة، بضمنهم سيلمان وشيكلي وأحزاب كتلة اليمين بزعامة رئيس المعارضة، بنيامين نتنياهو، وإلى جانبهم القائمة المشتركة بنوابها الستة الذين لا يدعمون أي طرف سياسيا حتى الآن.
بذلك تعود الحلبة السياسية الإسرائيلية إلى مأزقها السياسي الحاصل منذ بداية العام 2019، بعد فشل نتنياهو بتشكيل حكومة في أعقاب ثلاث جولات انتخابية للكنيست، ما اضطر الأحزاب المناوئة له، وسُميت بـ"كتلة التغيير" بالاتفاق على تشكيل الحكومة الحالية رغم اختلاف المواقف بينها، في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وتبين من مواقف أحزاب اليمين في الحكومة، خاصة "يمينا" و"تيكفا حداشا"، أنها اضطرت للموافقة على انضمام حزب عربي، أي القائمة الموحدة (الحركة الإسلامية الجنوبية)، إلى الائتلاف رغم معارضتها ذلك في الماضي. وتزعم القائمة الموحدة أنها تحقق "إنجازات" بانضمامها إلى الائتلاف، لكنها بقيت "إنجازات" مزعومة ولم تُنفذ أي خطوة في هذا السياق. وما أعلن عنه لم يكن أكثر حبر على ورق.
والسيناريوهات الماثلة حاليا ليست واضحة تماما. إلا أنها تتراوح ما بين انتخابات جديدة، تعقب إسقاط الحكومة بمشروع قانون لحجب الثقة عنها، أو تشكيل حكومة جديدة من خلال حجب الثقة عن الحالية وترشيح عضو كنيست من المعارضة اليمينية، أو بقاء الحكومة الحالية في ولايتها من دون قدرة على سن قوانين وتمرير ميزانية الدولة، ما يعني العودة إلى جمود سياسي وجمود في عمل الحكومة.
يشار إلى أن حل الكنيست وإسقاط الحكومة يحتاج إلى تأييد 61 عضو كنيست على الأقل. كما أن تشكيل حكومة جديدة يحتاج إلى تأييد 61 عضو كنيست على الأقل.
ويُستبعد إلى درجة الاستحالة أن ينضم أحد أحزاب كتلة اليمين في المعارضة إلى الحكومة الحالية. ويتوقع أن يواصل نتنياهو محاولاته بشق صفوف أحزاب اليمين في الحكومة. وعُلم أن رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، يلتقي اليوم مع أعضاء كنيست من حزبه "يمينا"، وفي مقدمتهم أييليت شاكيد ونير أورباخ، في محاولة لمنع انشقاقات أخرى. وفي حال انشق أعضاء كنيست من "يمينا" خصوصا، الذين يمارس نتنياهو ضغوطا كبيرة عليهم، فإن الأخير قد يتمكن من الاقتراب نحو حلمه وتشكيل حكومة بعد إسقاط الحالية.
وليس مؤكدا أن ينجح نتنياهو في ذلك، خلال ولاية الكنيست الحالية. فكتلة اليمين تضم 52 عضو كنيست، يضاف إليها شيكلي وسيلمان، وربما ينشق آخرون عن "يمينا"، المُمثل حاليا بعد الانشقاقات 5 أعضاء كنيست. أي أنه حتى في حال انضمام جميع أعضاء "يمينا" غلى كتلة اليمين، وسيكون عدد أعضائها 59 عضو كنيست، وهذا غير كاف لتشكيل حكومة برئاسة نتنياهو.
ويُستبعد حدوث انشقاقات في حزب "تيكفا حداشا"، برئاسة غدعون ساعر، الذي انشق عن الليكود وتحدى نتنياهو وهو أحد الشركاء المركزيين في الحكومة الحالية. ونتنياهو هو أول من اخترع صيغة ضم حزب عربي للحكومة، في أعقاب مأزق العامين الماضيين. وأجرى حينها مفاوضات مع رئيس القائمة الموحدة، منصور عباس. وفي الوضع الحالي، ليس مستبعدا أن يعود إلى اتصالات كهذه من أجل تشكيل حكومة.
وفي حال تمكنت الحكومة الحالية من استمرار ولايتها والحفاظ على تبقى من "يمينا" دون انشقاقات أخرى، ورغم عدم وجود أغلبية مؤيدة لها، فإن احتمال نجاح إسقاطها ضئيل. إذ لا توجد أغلبية مؤيدة لإسقاطها من دون حل الكنيست. ويتوقع أن تعارض القائمة المشتركة، بأغلبية نوابها الستة، إسقاط الحكومة وتشكيل أخرى برئاسة نتنياهو.
عدا ما تقدم، فإن العلاقات بين رؤساء الأحزاب في الحكومة الحالية إشكالية جدا، لكن ليس متوقعا أن يؤثر ذلك بحد ذاته على الوضع الحاصل. وتشير توقعات إلى أن رئيس حزب "كاحول لافان" ووزير الأمن، بيني غانتس، سيفضل إمكانية تشكيل حكومة جديدة في إطار ولاية الكنيست الحالية، وأنه بذلك يمكن أن يتولى رئاسة الحكومة، إلا أن هذه توقعات تفتقر للمنطق وتتجاهل الوضع الحالي. ولا توجد إمكانية كهذه في الحاضر أو في المستقبل. كما ليس بإمكان رئيس حزب "ييش عتيد" ووزير الخارجية، يائير لبيد، وهو رئيس أكبر حزب في الائتلاف، أن يشكل حكومة جديدة.
ويبدو مما تقدم أن ثلاثة سيناريوهات مطروحة حاليا، هي: استمرار ولاية حكومة عاجزة عن أداء مهامها؛ تشكيل حكومة بديلة برئاسة نتنياهو؛ أو الذهاب إلى انتخابات جديدة، تكون الخامسة خلال ثلاث سنوات، وليس مؤكدا أن تسفر عن فرز يسمح بتشكيل حكومة جديدة، لكنها لن تعيد "كتلة التغيير" المناوئة لنتنياهو إلى الحكم بكل تأكيد، خاصة وأنها لم تشكل بديلا سياسيا أو اقتصاديا لحكم نتنياهو خلال 12 سنة سابقة.
عرب 48