لطالما أثار صديقنا الكبير د.عدنان ملحم في محاضراته وحواراته ومنشوراته عددًا من المواضيع الهامة على الصعيد العربي، والوطني ، وهو في ذلك يسجل سبقًا في الإشارة والقرع والتنويه، ويضع الأصبع مباشرة على الجرح في هذه المواضيع كمن يقرع الخزان ويطالب ذوي القرار باستعجال الفعل والحركة.
أثار منذ أيام قضية العنصرية والتعليم في الكيان الصهيوني في إطار المواجهة الأوربية غير العادلة مع الحكومة الفلسطينية حيث تصر الدول الاوربية[1] وعلى رأسها بتشدد دول بعينها على تغيير المناهج الفلسطينية والرواية التي تأتي على ذكر الشهداء والاسرى.
وردًا على هذه المطالبات قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية أن ما تحتويه المناهج المدرسية الفلسطينية "هو انعكاس لحياتنا وأحلام أطفالنا بالحرية ومعاناة شعبنا من الاحتلال وانتهاكاته"، رافضًا محاكمة هذه المناهج بمعايير بعيدة عن تاريخ الفلسطينيين وثقافتهم.[2]
تقف هذه الدول مغلقة الفم والعين عن الممارسات الارهابية الصهيونية اليومية، وصماء عن سماع دوي العنصرية في الرواية الصهيونية الرسمية، ذات العمق الديني والعنصري، وفي مناهج وكتب التربية والتعليم الاسرائيلية، بشكل يفضح سياسة المكيالين تمامًا كما حصل مؤخرًا مع الأزمة الروسية الأوكرانية.
دعونا نتناول القليل من الشذرات العنصرية وتربية الحقد والكراهية في المناهج الإسرائيلية حيث نعلم جميعًا كمثال أن نظرية الطرد "الترانسفير" العنصرية للفلسطينيين هي مما نادى بها لأول مرة الحاخام «يوسف واتيز» ومؤادها أن لا مكان في هذه البلاد لشعبين أي أن فلسطين يجب أن تكون خالصة لليهود دون سواهم وهذا هو الوجه الآخر للمقولة النازية المعروفة "ألمانيا بلا شوائب"، وهي المقولة القديمة لديهم والتي سرعان ما نسمعها تتردد ومثيلاتها العنصرية من أفواه السياسيين في مراحل مختلفة وفيما هو أشد من قبل المستعمرين/المستوطنين اليوم.
في إطار العنصرية وتربية الكراهية يرى عديد الباحثين على أنها تبدأ من الكتاب القديم وشروحاته في التلمود الذي يمتليء بالكراهية والتحريض والحقد والعنصرية إضافة للخرافات والأساطير، بينما باحثين آخرين يرون أن المصدر الثاني للتربية الصهيونية من حيث الأهمية يأتي من مؤلفات مؤسسي الصهيونية الاوائل ومن نماذج هذه المؤلفات على سبيل المثال: كتاب «روما والقدس» لموسز هس، وكتاب «التحرر الذاتي» لليون بنسكر رئيس جمعية أحباء صهيون (التي نشات قبل الحركة الصهيونية) وكتاب الدولة اليهودية لهرتزل، وايضًا يمكننا الاطلاع على فكر الإرهابي الكبير والفاشي الفكر فلاديمير جابوتنسكي[3] صاحب فلسفة القوة والعيش بالسيف، معلم عديد من قادة الكيان الصهيوني خاصة في اليمين الصهيوني وعلى رأسهم "بنيامين نتنياهو" وريثه الشرعي.
ولمن يطلع على نماذج من الكتب المدرسية يستطيع أن يرى الاتجاه العدواني لدى الناشئة اليهود، فكل أرض تطؤها قدم الجندي اليهودي هي أرض يهودية، خيرات الأرض والعالم أجمع منحة لهم وحدهم من الرب وكل ما في أيدي غيرهم من «الجوييم/غوييم» أو«الامميين/الأغيار» هو ملك لليهود فما تحت ايديهم اي (الجوييم) مغتصب من اليهود وعليهم استرداده منهم بكل الوسائل ولا حياة لشعوب الارض بدون اليهود!؟
ولنا الرجوع لعدد من الكتب الحديثة التي شرعنت القتل للعرب عامة حتى للأطفال كما الحال في فتاوى الحاخام العنصري المتطرف اسحق شابيرا الذي يقيم في أرضنا بأحد المستعمرات قرب نابلس والذي أصدر مع زميلة يوسف أليتسيور كتابهما العنصري الشهير "شريعة الملك" عام 2009 والذي يتلقفه اليهود المتطرفون بكل محبة غامرة!
لنأخذ نموذجًا إسرائيليًا تقدميًا بالاتجاه المعاكس حيث أن اثنين ممن اشتغلوا في الدراسات التحليلية لقصص وكتب وأدبيات الطفولة وهما: البروفيسور (ادير كوهين) في كتابه (وجوه قبيحة في المرآة) الصادر عام 1985 في تل ابيب و(نيللي مندلر) الصحفية المتخصصة في شئون التعليم والتربية في صحيفة (هآرتس) يقولان: (هناك اكثر من 1500 كتاب من عدة أصناف بين يدي الناشئة اليهود تمثل ما لا يمكن وصفه من فوقية واستعلاء وتحصر لكل ما هو عربي ومسلم)
وفي هذا الإطار أيضًا يقول الحاخام (يسرائيل آرييل) "إذا كان غير اليهودي قد خلق على هيئة الإنسان، فما ذلك إلا ليكون لائقا لخدمة اليهود الذين خلقت الدنيا لأجلهم"!؟
الحواشي:
[1] قدّم الاتحاد الأوروبي، في تشرين الأول/أكتوبر 2021، تعديلًا يشترط تقديم 23 مليون دولار من التمويل الأوروبي بتغيير الكتب المدرسية التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية. وحسب الباحثة مجد محمد لمركز مسارات يُكلّف الاتحاد الأوروبي معاهد بحثية بتقديم تقارير تحلل المناهج الفلسطينية، وتوضح محتوياتها. وعادة ما تكون هذه المراكز الدولية قريبة من الإسرائيليين. وتركز هذه التقارير على تحليل محتويات المناهج التعليمية الفلسطينية ومناهج مدارس الأونروا، لا سيما فيما يخص الرواية الإسرائيلية بتهم حول "التحريض على العنف، واللاسامية، وعدم الاعتراف بشرعية "إسرائيل" واعتبارها احتلالًا استعماريًا"، وذكر المعارك التي خاضها الفلسطينيون، وأسماء المناضلين والمناضلات تبعًا للتقارير المختلفة.
2 وتذكر مجد محمد في دراستها المنشورة في 10آذار 2022م تحت عنوان: تدخّل الاتحاد الأوروبي في المناهج التعليمية الفلسطينية: أن تغيير المناهج، وعدم تغير الواقع الذي تستمر فيه "إسرائيل" بالاستيطان والاستعمار، سيؤدي إلى انفصام في أوساط الجيل الناشئ؛ حيث هناك أراضٍ ودولة تحت احتلال، ومناهج لا يذكر فيها الاحتلال أو العنف الذي يمارسه الإسرائيليون منذ عقود.
3 في خطابه في المؤتمر الصهيوني السادس عشر عام 1929قال فلاديمير جابوتنسكي الأوكراني المولود في مدينة اوديسا:«ترى ما هو الوطن القومي؟ إن لهذه الكلمة كما أفهمها معنى واحداً ليس إلا.. تتقبله روح الشعب اليهودي، وهو إقامة الدولة القومية التي يكون فيها اليهود أغلبية طاغية وتكون الإرادة اليهودية هي التي تقرر شكل الحياة في المجتمع الذي سيقوم وتوجهه». يعتبر فلاديمير جابوتنسكي الممثل النموذجي لحقيقة الفاشية الصهيونية، وكان هو المعبر الأصدق عن حقيقة الصهيونية بوصفها ليست سوى نموذج آخر معدل عن الفاشية، لقد اختلف معه الصهاينة الآخرون وعارضوه ولكن الحقائق تؤكد إنهم اتبعوا دوما برنامجه.
الجزء الثاني يليه- #بكر_أبوبكر
[1] قدّم الاتحاد الأوروبي، في تشرين الأول/أكتوبر 2021، تعديلًا يشترط تقديم 23 مليون دولار من التمويل الأوروبي بتغيير الكتب المدرسية التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية. وحسب الباحثة مجد محمد لمركز مسارات يُكلّف الاتحاد الأوروبي معاهد بحثية بتقديم تقارير تحلل المناهج الفلسطينية، وتوضح محتوياتها. وعادة ما تكون هذه المراكز الدولية قريبة من الإسرائيليين. وتركز هذه التقارير على تحليل محتويات المناهج التعليمية الفلسطينية ومناهج مدارس الأونروا، لا سيما فيما يخص الرواية الإسرائيلية بتهم حول "التحريض على العنف، واللاسامية، وعدم الاعتراف بشرعية "إسرائيل" واعتبارها احتلالًا استعماريًا"، وذكر المعارك التي خاضها الفلسطينيون، وأسماء المناضلين والمناضلات تبعًا للتقارير المختلفة.
[2] وتذكر مجد محمد في دراستها المنشورة في 10آذار 2022م تحت عنوان: تدخّل الاتحاد الأوروبي في المناهج التعليمية الفلسطينية: أن تغيير المناهج، وعدم تغير الواقع الذي تستمر فيه "إسرائيل" بالاستيطان والاستعمار، سيؤدي إلى انفصام في أوساط الجيل الناشئ؛ حيث هناك أراضٍ ودولة تحت احتلال، ومناهج لا يذكر فيها الاحتلال أو العنف الذي يمارسه الإسرائيليون منذ عقود.
[3] في خطابه في المؤتمر الصهيوني السادس عشر عام 1929قال فلاديمير جابوتنسكي الأوكراني المولود في مدينة اوديسا:«ترى ما هو الوطن القومي؟ إن لهذه الكلمة كما أفهمها معنى واحداً ليس إلا.. تتقبله روح الشعب اليهودي، وهو إقامة الدولة القومية التي يكون فيها اليهود أغلبية طاغية وتكون الإرادة اليهودية هي التي تقرر شكل الحياة في المجتمع الذي سيقوم وتوجهه». يعتبر فلاديمير جابوتنسكي الممثل النموذجي لحقيقة الفاشية الصهيونية، وكان هو المعبر الأصدق عن حقيقة الصهيونية بوصفها ليست سوى نموذج آخر معدل عن الفاشية، لقد اختلف معه الصهاينة الآخرون وعارضوه ولكن الحقائق تؤكد إنهم اتبعوا دوما برنامجه.