بيت لحم/PNN- يرى محللون إسرائيليون أن "الواقع الأمني المتوتر" في المسجد الأقصى ومدينة القدس المحتلة، وما شهده قطاع غزة المحاصر ومحيطه خلال الساعات الـ36 الماضية، لا تعبر بعد عن تحول نحو تصعيد شامل أو مواجهة واسعة، رغم أن الأوضاع تبقى "قابل للكسر" في أي لحظة؛ معتبرين أن انعطاف المسار نحو التصعيد مرتبط أولا وأخيرا في التطورات في مدينة القدس.
وقال رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق، غيورا آيلاند، في مقال نشرته "يديعوت أحرونوت"، إن صورة الوضع اليوم و"التوترات الأمنية الراهنة، لا تختلف كثيرا عما كان عليه الوضع عشية ‘حارس الأسوار‘ في العام الماضي".
وشدد على أنه خلافا للأوضاع على "الجبهة الشمالية" في مقابل سورية ولبنان، و"العوامل الأساسية التي تسمح هناك بالحفاظ على نوع من الاستقرار"، إلا أنه ليس باستطاعة إسرائيل أن تحظى بـ"هدوء تام" في الساحة الفلسطينية.
وعزا ذلك إلى سببين، الأول أنه "لا يمكن التوصل إلى اتفاق سلام نهائي مع الفلسطينيين وفقا لمبدأ حل الدولتين"، والآخر هو أن الفلسطينيين لا يستطيعون "قبول حقيقة أن الوضع الحالي هو الوضع الدائم" الذين ينبغي عليهم القبول به.
واعتبر أن المصلحة الإسرائيلية، في ظل هذه الظروف، تقتضي "القيام بأمرين: الأول، فحص إمكانيات أخرى محتملة لإنهاء الصراع وعدم الانغماس بالإمكانية الوحيدة المعرضة منذ عام 1993 (في إشارة إلى اتفاقيات أوسلو ورؤية حل الدولتين). والأمر الثاني، والأكثر واقعية، هو ‘إدارة الصراع‘".
وشدد على ضرورة "إدارة الصراع" بحساسية وحذر عاليين معتبرا أن "عدم توخي الحذر سيؤدي إلى السقوط"؛ وقال إن ذلك يتطلب وقبل كل شيء إدراك المصالح التي يسعى "اللاعبين" المختلفين الفاعلين على الساحة، بما في ذلك حركة حماس في غزة والسلطات الأردنية واللاعبين الإقليميين (الدول العربية والإسلامية) وما يمثله المسجد الأقصى والقدس عموما بالنسبة لشعوبهم، بالإضافة إلى الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية المحتلة.
من جانبه، اعتبر المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن الوضع الأمني المتوتر يبقى على حاله دون، في جميع ساحات الصراع مع الفلسطينيين، رغم عدم وجود مؤشرات على تحول حاسم، نحو الأفضل أو الأسوأ".
وأضاف أن احتمال تفجر الأوضاع "لا يزال مرتفعا"، في ظل السلوك الإسرائيلي بما في ذلك تصدر عضو الكنيست الكاهاني، إيتمار بن غفير ("الصهيونية الدينية") للمشهد، والتنازلات التي يقدمها وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، للمستوطنين، والسماح لهم، أمس، بتنظيم مسيرة حاشدة إلى البؤرة الاستيطانية المخلاة "حومش"، رغم تحذيرات الأجهزة الأمنية.
وشدد على أن المسجد الأقصى والتطورات في القدس، "تبقى محط الاهتمام الأكبر"، معبرا أن شرطة الاحتلال في المدينة، وخلافا للعام الماضي، تعمل على "ضبط النفس" والسيطرة على سلوكها في المدينة في ظل الظروف المعقدة، خلافا للعام الماضي، واعبر أن ذلك مرده إلى "تأثير التوتر" في القدس والمسجد الأقصى "على علاقات إسرائيل مع الدول المجاورة".
من جهة أخرى، لا يرى هرئيل أن هناك زخم فلسطيني للاحتجاجات والمواجهات مع قوات الاحتلال في عموم الضفة الغربية المحتلة، مشيرا إلى أن الفصائل الفلسطينية قد تنضم تنظيميا إلى "موجة العمليات التي الفردية"، والتي قد تترجم باشتباكات مسلحة ردا على اقتحامات قوات الاحتلال إلى المدن والبلدات الفلسطينية ومخيمات اللاجئين في الضفة الغربية.
وأشار المحلل الإسرائيلي إلى ما وصفه بـ"الإشارات المقلقة الصادرة عن حركة فتح" التي اعتبر أنها باتت تتحدث بـ"صوتين متناقضين"، وذلك في ظل الحضور اللافت لناشطي الحركة في جنازات الشهداء الذين قتلوا برصاص الاحتلال في مواجهات مختلفة في شمال الضفة المحتلة خلال الفترة الماضية، و"المشاركة الاستثنائية"، على حد تعبيره، لممثل عن حركة "فتح" في غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة في قطاع غزة، الأسبوع الماضي.
بدوره، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة "يسرائيل هيوم"، يوآف ليمور، أن الدرس الرئيسي الذي يتوجب على أجهزة الأمن الإسرائيلية تعلمه من أحداث أيار/ مايو الماضي (الهبة الشعبية في القدس ومناطق الـ48 والمواجهة العسكرية مع فصائل المقاومة في غزة)، هو "الحاجة (الإسرائيلية) إلى الفصل والتمييز بين الجبهات".
واعتبر أن إسرائيل تنجح في ذلك خلال هذه الفترة، مشددا على الضرورة الحذر من الانجرار إلى معادلة فصائل المقاومة في غزة بالربط بين القدس وغزة والضفة ومناطق الـ48، خصوصا خلال شهر رمضان، وما يصادف بعدها من مناسبات، في إشارة إلى ذكرى الـ74 لنكبة الشعب الفلسطيني.
وشكك ليمور بالمقدرة الإسرائيلية في الحفاظ على مبدأ "الفصل بين ساحات الصراع مع الفلسطينيين" إذا ما تصاعدت حدة التوتر في القدس، مشددا على أن أي تصعيد في المدينة قد يتسبب بتشكيل ضغوط على حركة حماس ويدفعها إلى تغيير سياساتها، في إشارة إلى إمكانية رد فصائل المقاومة عسكريا على الاعتداءات الإسرائيلية في القدس.
وقال إنه "إذا نجحت إسرائيل في الحفاظ على الهدوء في الضفة، والإبقاء على غزة خارج المعادلة، فستكون أمام تحدي القدس" وحذر من ذلك، مشيرا إلى إمكانية تصاعد حدة التوتر الأمني والمواجهات في المدينة المحتلة خلال يوم الجمعة المقبل وفي ليلة القدر.
واعتبر أن الشرطة الإسرائيلية تعلمت من دروس العام الماضي وتقلص من فرص الاحتكاك مع الفلسطينيين في ساحة باب العامود، وقال إن الرد على "سلوك الفلسطينيين" في القدس يجب أن يكون في إطار "الهسبراه" وتعزيز الرواية الصهيونية عبر الجهود الدبلوماسية، وليس بالأفعال، في إشارة إلى ممارسات قوات الاحتلال في القدس.